المزموران 75 و76 ترنيمتان للشكر كتبهما آساف بمناسبة النجاة التي قدمها الرب له,بعد أن استمع إلي شكواه التي رفعها في مزمور 74,وكان المزموران 75 و76 يرتلان في مناسبات الانتصار القومي. واليوم نتأمل في مزمور 76, يتحدث عن الرب المجيد الذي نصر شعبه بأن:
1- دمر التحصينات: أبهي أنت,أمجد من جبال السلب (آية4). جبال السلب هي الجبال الراسخة العالية. التي تعلوها تحصينات العدو القوية,والكهوف الحينة التي لا يمكن لأحد من سكان الوادي أن يصل إلي الأعداء المعسكرين والمختبئين داخلها. ولكن الله أبهي وأمجد منها كلها,لأن الذين معنا أعظم وأقوي وأكثر من الذين معهم. ويقدم الله لشعبه العظيم علي لسان النبي ناحوم,فيقول بخصوص هجوم الأشوريين (وعاصمتهم نينوي) علي شعبه: أين مأوي ومرعي أشبال الأسود؟… الأسد المفترس لحاجة جرائه,والخانق لأجل لبواته,حتي ملأ مغارته فرائس ومآويه,مفترسات ها أنا عليه يقول رب اللجنود (ناحوم2:11-13).
2- دمر الجنود: سلب أشداء القلب. ناموا سنتهم. كل رجال البأس لم يجدوا أيديهم. من انتهارك يا إله يعقوب يسبخ فارس وخيل (آيتا5, 6). قال ملك آشور: بقدرة يدي صنعت, وبحكمتي, لأني فهيم… فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش, وكما يجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض فقال الله له: هل تفتخر الفأس علي القاطع بها, أو يتكبر المنشار علي مردده؟ (إش10:13-15). لقد سلب الله الأعداء الشجعان,وأناموا نوم الموت,وقال عنهم: لكي يناموا نوما أبديا ولا يستيقظوا,يقول الرب (إر51:39). وعندما حاولوا أن يستخدموا أيديهم للهجوم أو للدفاع وجدوها مقطوعة,إما لأنهم فقدوها,أو لأنها عجزت عن الحركة.
لقد انتهر الله العدو بصوت سلطانه: انتهرت الأمم. أهلكت الشرير (مز9:5) فسبخ الفارس والخيل, أي ناموا نوما عميقا وراح في سبات الموت… سقط أعداء الله جميعا وماتوا. إنه الله المخرج المركبة والفرس, الجيش والعز. يضطجعون معا لا يقومون. قد خمدوا. كفتيلة انطفأوا (إش43:17).
ولا غرابة في هذا,فإن الرب صاحب السلطان:
1- فهو المهوب: أنت مهوب أنت. فمن يقف قدامك حال غضبك؟ (آية7). الله صاحب الهيبة الذي لا يستطيع أحد أن يقف أمامه. وقف شاول الطرسوسي ضد المسيح وضد كنيسته,وحمل رسائل من رؤساء اليهود في أورشليم ليلقي القبض علي المسيحيين رجالا ونساء ليسوقهم إلي السجون والعذاب. ولكنه بكل علمه وسلطانه وغيرته لعقيدته لم يقدر أن يقف أمام هيبة الله الذي أبرق حوله بنور من السماء فسقط إلي الأرض,وسمع المسيح يسأله: لماذا تضطهدني؟… صعب عليك أن ترفس مناخس فخضع أمام المهوب يقول: ماذا تريد يارب أن أفعل؟ (أع9:4-6) حقا الرب علي مخوف (مز47:2). وإلهنا نار آكلة (عب12:29). من يقف أمام سخطه, ومن يقوم في حمو غضبه؟ (نا1:6). له قال المرنم: إن كنت تراقب الآثام يارب يا سيد فمن يقف؟ (مز130:3).
2- وهو القاضي: من السماء أسمعت حكما. الأرض فزعت وسكتت,عند قيام الله للقضاء لتخليص كل ودعاء الأرض (آيتا8, 9). الله هو القاضي العادل الذي يصدر أحكامه علي الأشرار ويعلنها,فيرتعبون ويعجزون عن الدفاع عن أنفسهم. قالت حنة في صلاة شكرها: مخاصمو الرب ينكسرون. من السناء يرعد عليهم. الرب يدين أقاصي الأرض (1صم2:10),وقال بنو قورح: عجت الأمم. تزعززعت الممالك. أعطي صوته. ذابت الأرض (مز46:6). وقال النبي إشعياء: يسمع الرب جلال صوته,ويري نزول ذراعه بهيجان غضب ولهيب نار آكلة… لأنه من صوت الرب يرتاع آشور (إش30:30, 31).
لابد أن يقوم الله ليجري القضاء العادل,ويفزع الشرير ويخلص كل ودعاء الأرض, يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض,ويضرب الأرض بقضيب فمه,ويميت المنافق بنفخة شفتيه (إش11:4). ينقذ الله كل من لا يستطيعون أن يخلصوا أنفسهم,فيدافع عنهم وهم صامتون. وعندما نلتقي بمتجبر يظلم العاجزين,يجب أن نذكر أن الله يقوم ليخلص كل ودعاء القلب,فهو يقول: كل قرون الأشرار أعضب (اقطع) قرون الصديق تنتصب (مز75:10).