يحدثنا المرنم في مزمور 72 عن أن الفداء هو من أسباب امتداد ملكوت المسيا: (آيات 12-15). فما أعظم الفداء الذي جاءنا المسيح به بصليبه. الذي فيه لنا الفداء. بدمه غفران الخطايا حسب غني نعمته (أف1:7). ومن أسباب هذا الامتداد أيضا عطاء المسيا,فيقول: ويعيش ويعطيه من ذهب شبا. ويصلي لأجله دائما.اليوم كله يباركه (آية 15). يفدي المسيح حياة المؤمن,ويعطيه عطايا عظيمة,يصفها بأنها من ذهب شبا الذي هو أغلي أنواع الذهب ثمنا وأندرها وجودا. وتقديرا للفضل الإلهي يقدم المؤمن للمسيح أغلي ما عنده,كما قدم له المجوس هداياهم (مت2:11). ويصلي المسيح لأجل المؤمن قائلا: لست أسأل من أجل هؤلاء فقط,بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم (يو17:20). إنه حي في كل حين يشفع فيهم (عب7:8, 25).وتقديرا للفضل الإلهي يصلي المؤمن بلا انقطاع ولا ملل. واليوم كله يبارك المسيح المؤمن,من شروق الشمس إلي مغاربها,ويحفظه من أخطار الليل,فيبارك المؤمن الرب اليوم كله قائلا: باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته (مز103:2).
ويسبح المؤمن الرب لأن ملكوت المسيا ملكوت أبدي (آيات 16-19). وفي هذه الآيات الأربع يقول المرنم إن ملكوت المسيا ينمو ويزيد, ويلقي التمجيد والتسبيح من الأرض كلها.
ينمو ملكوت المسيا الأبدي بغير توقف: تكون حفنة بر (قمح) في الأرض في رؤوس الجبال مثل لبنان ثمرتها,ويزهرون من المدينة مثل عشب الأرض. يكون اسمه إلي الدهر. قدام الشمس يمتد اسمه,ويتباركون به كل أمم الأرض يطوبونه (آيتا16, 17). يبدأ ملكوت المسيا كحفنة قمح مبذورة علي رؤوس الجبال,سرعان ما تنمو نباتا,ثم سنبلا,ثم قمحا ملآن في السنبل (مر4:28). يهب عليها الريح فيزيد جذورها ثبوتا وعمقا في الأرض,فتكون كأرز لبنان,في القوة والجمال والارتفاع,ومثل عشب الأرض الندي المنعش لمن يراه ويسير فوقه. أكون لإسرائيل كالندي,يزهر كالسوسن (في جماله ورائحته). ويضرب أصوله كلبنان في العمق. تمتذ خراعيبه (أغصانه),ويكون بهاؤه كالزيتونة,وله رائحة كلبنان. يعود الساكنون في ظله يحيون حنطة,ويزهرون كجفنة (شجرة العنب) (هو14:5-7) في المستقبل يتأصل يعقوب.يزهر ويفرع إسرائيل ويلأون وجه المسكونة ثمارا (إش27:6). ويشبه ملكوت السماوات حبة خردل,أخذها إنسان وزرعها في حقله,وهي أصغر جميع البذور,ولكن متي نمت فهي أكبر البقول,وتصير شجرة,حتي أن طيور السماء تأتي وتتآوي في أغصانها (متي13:31, 32). هناك قوة كامنة في بذرة كلمة الله,ولابد أن تعمل وتمتد ويظهر عملها بفعل الروح القدس. وتستمر قوتها في العمل بين الجميع إلي الأبد,فيتوب كثيرون ويرجعون إلي الرب,فيتحقق قوله: هكذا قال السيد الرب: ها إني أرفع إلي الأمم يدي,وإلي الشعوب أقيم رايتي,فيأتون بأولادك في الأحضان,وبناتك علي الأكتاف يحملن…فتعلمين أني أنا الرب الذي لا يخزي منتظروه (إش49:22, 23). وهكذا يكون اسم المسيا إلي الدهر ولا يكون لملكه نهاية. قدام الشمس يمتد اسمه من بلد إلي بلد. ويتباركون به لأنه المنعم الجواد,كل أمم الأرض يطوبونه بكلمات ترنيم تمجيد جاءت في الآيتين التاليتين.
وهكذا تسبح كل الأرض ملكوت المسيا الأبدي: مبارك الرب الله إله إسرائيل الصانع العجائب وحده,ومبارك اسم مجده إلي الدهر. ولتمتلئ الأرض كلها من مجده. آمين ثم آمين (آيتا18, 19). يسبحونه علي عجائبه الفريدة التي قال أيوب عنها: فاعل عظائم لا تفحص,وعجائب لا تعد (أي9:10). يفعل العظائم في الطبيعة التي تحدث بمجده وفي الفلك الذي يخبر بعمل يديه. ويفعل العظائم لشعبه مخبرين بتسابيح الرب وقوته وعجائبه التي صنع (مز78:4) فيعلن قوته ومحبته. ومن غيره يقدر أن يفعل العجائب! وحده المتفرد بهذا العمل,فنباركه لأنه وحده المستحق.وستظل الأرض كلها تسبح الرب إلي الأبد,فتمتلئ الأرض من مجده,منحنية أمام من قال: حي أنا,فتملأ كل الأرض من مجد الرب (عد14:21).
ويسمع الشعب هذه الدعوة للتسبيح في كل مكان قوموا باركوا الرب إلهكم من الأزل إلي الأبد,وليتبارك اسم جلالك المتعالي علي كل بركة وتسبيح (نح9:5). فيجيبون: آمين آمين رافعين أيديهم,ويخرون ويسجدون للرب علي وجوههم إلي الأرض (نح8:6). مبارك الرب إلي الدهر. آمين آمين (مز89:52). مبارك الرب… من الأزل وإلي الأبد. ويقول كل الشعب آمين. هللويا (مز106:48).
كم نهنئ أنفسنا بهذا الملك العظيم,صاحب الملكوت العادل الشامل الأبدي,لأنه اختارنا شعبا له.فلنكن بحث شعبه وغنم مرعاه!.