نتأمل اليوم المزمور الثامن والخمسين,وفيه يؤكد لنا النبي داود أنه يوجد إله يقضي في الأرض بالعدل بين الناس,ويحاكم الإنسان الخاطيء علي أعماله الشريرة,ويشرح لنا المرنم المصير السييء لهذا الشرير,ويدعونا للتوبة ,مؤكدا أن الله يريد إنقاذنا من مصير الأشرار.
يبدأ مزمور 58 بتوبيخ المسئولين الذين لايقضون بالعدل,ويقول إنهم أسوأ من المتهمين المقدمين للمحاكمة أمامهم.ويقول إن الله سيجعل الظالمين عاجزين عن إيقاع الأذي بالأبرياء,وسيبيدهم من الأرض.عند هذايقول الإنسان إن للصديق ثمرا.إنه يوجد إله قاض في الأرض.ولعل هذا المزمور كتب وقت ثورة أبشالوم الفاشلة علي والده داود2صم15.
يبدأ هذا المزمور في آياته الخمس الأولي شرح مظاهر شر الشرير,آيات 1-5ثم يذكر نتائج شر الشريرفي آيات6-9ويختم المرنم مزموره بدرسين نتعلمهما من دمار الشريرآيتا11,10.ومن مظاهر شر الشرير أنه يسكت عن الحق فيسأله داودأحقا بالحق الأخرس تتكلمون؟بالمستقيمات تقضون يا بني آدم؟.يوبخ داود الحكام الأشرار الذين يسكتون عن الحق ويخرسون عن إعلانه,ولا يحكمون بالعدل والصواب الذي كان يجب أن يعلنوه,ويسألهم في استفهام أستنكاري:بالمستقيمات تقضون يا بني آدم؟والتعبير بني آدميطلق علي الإنسان لضعفه وقابليته للموت.وبهذا يذكرهم داود أنهم لن يستمروا في مناصبهم إلي الأبد,فلماذا يسكتون عن الحق,مع أنهمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل,فذلك خطية لهيع4:17؟
ثم يقول داود إن الشرير يدبر الظلم:بل بالقلب تعملون شرورا في الأرض.ظلم أيديكم تزنونآية2.لقد عزموا بكل قلوبهم أن يخطئوا,لأن طبيعتهم فاسدة,فبدل أن يزنوا الأمور بدقة ليحكموا بالعدل,يزنون الأمور بميزان الظلم.والميزان يمثل العدالة ,فكان يجب أن يكونوا عادلين ,لكنهم عوضا عن ذلك ملأوا كفة الميزان ظلما,ورجحوا كفة الظلم علي الناس.تظاهروا بالعدل ومارسوا الظلم,وأبدلوا البر بالشر,فإذا الظلم في مكان العدل,والشر في مكان البر!
أما سبب تدبير الظلم فهو أن طبيعة الشرير فاسدةزاغ الأشرار من الرحم,ضلوا من البطن,متكلمين كذباآية3.منذ بداية الخليقة وشر الإنسان كثيرلأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثتهتك8:21.ويسلك سائر الأمم أيضا ببطل ذهنهم,إذ هم مظلمو الفكر,ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم,بسبب غلاظة قلوبهم.الذين إذ هم قد فقدوا الحس,أسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمعأف 4:17-19.أما الذين تابوا وفتحوا قلوبهم لنعمة الله فيقول لهم:وأما أنتم فلم تتعلموا المسيح هكذاأف4:20لأنهم قاموا مع المسيح إلي حياة جديدة.ومن المؤسف أن الشرير يرفض التوبة:لهم حمة مثل حمة الحية,مثل الصلنوع خبيث من الحيات الأصم يسد أذنه الذي لايستمع إلي صوت الحواة الراقين رقي حكيمآيتا5,4الأشرار أعداء للناس,وكالحية يسممون حياة البشر.يرفضون كلام الله ولا يتوبون.ويشبههم المرنم بالصل الأصم الذي يسد أذنه فلا يسمع صوت الحواة الحكماء الذين يزمرون للحية الخبيثة فتنتشي وتستسلم لهم ليخلعوا أسنانها السامة فيبقي السم فيهم.
وهناك خطاة لايرفضون عمل الله فقط,بل يقاومون روحه القدوس.لهؤلاء قال الشهيد المسيحي الأول أستفانوس لليهود:يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان,أنتم دائما تقاومون الروح القدس.كما كان آباؤكم كذلك أنتم!أي الأنبياء لم يضطهده آباوكم,وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه؟أع7:51-53فكم من مرة يدعونا الله للتوبة عن طريق آية من الكتاب المقدس,أو بمعاملاته اليومية معنا إذ يلمس حياتنا بلمسة حب أو بتأديب محبة,أو من خلال صديق يحدثنا عن التغيير الذي جري في حياته.بهذه الطرق وغيرها يقدم لنا الله دعوة مفتوحة للتوبة ويقول:إن سمع أحد صوتي وفتح الباب,أدخل إليهرؤ3:20لأشبع قلبه بمغفرة خطاياه,وبمنحه نعمة التبني التي تضمن له حياته الأبدية.