+ بئر وراع: فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا علي البئر وكان نحو الساعة السادسة فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع أعطيني لأشرب ( يو 4 : 6 – 7). كم من مرة جاءت هذه المرأة إلي البئر لتستقي الماء, ولكنها لم ترتو والدليل هو تكرار مجيئها, ولكن في هذه المرة جلس الراعي الصالح الذي جاء ليروي كل عطشان, جلس الراعي الصالح الذي جاء ليبذل نفسه, جلس علي البئر لا ليأخذ ماء وإنما ليعطي كل محتاج إلي الماء الحقيقي الذي يغسل العيون من التعصب وينظف الألسنة من الكلمات الصعبة ويشفي قلوبنا من عاصفة التحجر التي اجتاحتها, جاء الراعي ليحمل كل نفس أهلكتها الخطية ودمرتها الشرور, جاء الراعي لكي بنور شمسه وحرارتها ينقي القلوب ويرسل نسمات الإيمان ويضمد جروح الخطية. ما أجملها جلسة هادئة أذابت ثلوج الماضي الأليم. نعم لقد جاء السيد كما قال الكتاب: للمهان النفس لمكروه الأمة لعبد المتسلطين ينظر ملوكا فيقومون رؤساء فيسجدون لأجل الرب الذي هو أمين وقدوس إسرائيل الذي اختارك (أش 49 : 7). فشكرا للراعي الصالح الذي لم يأت ليأكل ويذبح إنما جاء ليخلص ما قد هلك.
+ وامرأة ومساع: فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع أعطيني لأشرب.. فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية؟.. قالت المرأة يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش ولا آتي إلي هنا لأستقي (يو 4 : 7 – 17). لقد جاءت السامرية إلي البئر وهي تتخبط في دياجير الظلام حاملة معها كل المساعي التي تقود إلي الشر والخطية ولكن عند مقابلتها مع الراعي الصالح سقطت منها دروع الشر منهزمة بكلمات النعمة وبدأت تستمع لمساعي الخلاص والحنان والحب الحقيقي فدخلت إلي دائرة الإيمان عن طريق كشف الماضي المظلم, ودخلت إلي دائرة ممارسة سر الاعتراف عن طريق مساعي الثقة التي أنارها أمامها المخلص الأمين ثم ذهبت تنادي بالمخلص المنتظر عن طريق مساعي الحب التي لمستها في تلك الكلمات الدافئة والصادقة التي نالتها عن طريق الماء الحي الذي شربت منه عند بئر الحياة. نعم إنها دخلت إلي العمق وخضعت للصوت الساعي إلي خلاصها كما يقول الكتاب: فاخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم. اقتربوا إلي الله فيقترب إليكم. نقوا أيديكم أيها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين. اكتئبوا نوحوا وابكو ليتحول ضحككم إلي نوح وفرحكم إلي غم. اتضعوا قدام الرب فيرفعكم (يع 4 : 7 – 10). أكيد يا عزيزي أنت تنام وتستقيظ في التفكير والرب يسعي لك في التدبير فنعم المساعي الإلهية.
+ وإيمان جماعي: فتركت المرأة جرتها ومضت إلي المدينة وقالت للناس هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح فخرجوا من المدينة وأتوا إليه.. فآمن به من تلك المدينة كثيرون من السامريين بسبب كلام المرأة التي كانت تشهد أنه قال لي كل ما فعلت.. فآمن به أكثر جدا بسبب كلامه وقالوا للمرأة إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم (يو 4 : 28 – 42). آمن أهل السامرة بالمخلص نتيجة جلسته الهادئة مع السامرية التي أخرجت منها كل شر وأعطتها نعمة النور التي بها خرجت إلي المدينة وهي تري الطريق والحق والحياة وتنادي وتدعو إلي الإيمان به حقا لقد تحولت إلي كارزة وردت إلي المرأة كرامتها ودورها في المجتمع بعد أن اشتراها الشيطان وأسقطها بغوايته ثم آمن أهل المدينة بعد أن جلسوا هم أيضا مع المخلص يومين. حقا لقد كان إيمانا جماعيا حيا لذا يقول لهم الحق الإلهي علي فم الرسول: أخيرا يا إخوتي تققوا في الرب وفي شدة قوته ألبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس.. اثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر.. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله (أف 6 : 10 – 17). نعم لقد أيقظ الراعي في المرأة مشاعر اليقظة الروحية التي استخدمها في مساعي الخير والخلاص لترد جميل الرب إليها الذي بقبوله لها أعادها إلي دورها التي خلقت من أجله فأصبحت بعد المسيح مثالا للإيمان ونموذجا للمرأة الكارزة ودورها الفعال في المجتمع وإلي اللقاء في عظة الأحد المقبل مع مقهور ومبرور ومشكور.
[email protected]
طامية – الفيوم