+ تقديم :- تهتم الكنيسة القبطية في قراءات هذا اليوم المبارك أن تضع مقدمة للحياة الروحية التي يجب أن يتبعها كل إنسان مؤمن يضع أمامه هدفا محددا وهو الحياة الأبدية, فمن هذه القراءات نفهم أن العلاقة الروحية يجب أن تبدأ مع الله وكأنها شجرة في صوبة زراعية, يجب أن تبدأ في الداخل وتتغذي لتعطي ثمرا جيدا. وقبل أن نبدأ الصوم الكبير, وضع الرب لنا كيف نتغذي روحيا, وكيف نتعامل في محورالحياة الروحية, فبدأ أولا بعمل الصدقة والخير وقال: ##احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات. فمتي صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع و في الأزقة لكي يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم## (مت6: 1, 2). وهكذا يقول عن الصلاة: ##ومتي صليت فلا تكن كالمرائين فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم## (مت6: 5). نعم إنه تمهيد وتقديم لكيفية الحياة الروحية وبداية لمشوار الصوم الكبير الذي يجب أن يكون فرصة في التقديم لله وعلاقة وطيدة بين الإنسان والله الذي يحب أن جميع الناس يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون, ويكون الصوم الكبير بالنسبة لهم بركة وفرصة يقدمون لله فيها كل ما يملكون من عطاء مادي وروحي له جذور سماوية بعيدة عن المظاهر.
+ وتنظيم :- بعدما قدم الرب مقدمة واضحة عن قبول الصدقة والصلاة عند الله في شكل يحفظ للإنسان بركة العطاء, وأعطي نموذجا حيا في التقديم, وكيف يكون, أراد أن يكمل مشوار تعليمه الروحي للإنسانية في تنظيم أهم عنصرين يصلان بنا إلي السماء, وهما الصدقة والصلاة, أي علاقتنا بالله عن طريق العطاء المادي, من خلال علاقتنا مع إخوتنا في الإنسانية والعطاء الروحي عن طريق صلواتنا الخاصة له, فقال كيف يكون العطاء: ##وأما أنت فمتي صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية## (مت 6: 3- 4). وعن الصلاة قال منظما كيف تكون ولمن: ##وأما أنت فمتي صليت فادخل إلي مخدعك وأغلق بابك وصل إلي أبيك الذي في الخفاء, فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية. و حينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالأمم, فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه## (مت6: 6- 8). إنه تنظيم سماوي عجيب لحياتنا الروحية يؤكد لنا رسالة الفادي الخلاصية الذي جاء ليقودنا للأفضل كما قال في موضع آخر: ##السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل## (يو 10: 10). فنعم التنظيم الذي يصل بنا إلي الحياة الفضلي التي يسعي إليها كل مؤمن يريد أن يبدأ صوما مقبولا.
+ ونعمة :- عندما نقدم للرب صدقة في الخفاء وصلاة في الخفاء, أي تكون لنا معه علاقة مباشرة بعيدة عن استحسان البشر, فهذا في حد ذاته نعمة تظهر في قبوله عطيانا ونراها في مجازاته كما يقول: ##فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية## (مت6: 4). فشكرا للابن الوحيد الذي وهبنا أن نعطي صدقة وصلاة مجاهدين بهما نحو حياة أفضل كما يعلمنا الرسول بطرس قائلا: ##لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا. كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوي, بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمي والثمينة, لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية, هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة. ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوي. و في التقوي مودة أخوية وفي المودة الأخوية محبة. لأن هذه إذا كانت فيكم وكثرت, تصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح## (2بط1: 2- 8). فالنعمة هي ثمرة جهاد روحي ناتج عن تقديم من القلب وتنظيم لمنهج سماوي يسير الإنسان عليه فترة الصوم الكبير, ولعل كل هذه مقدمة نسير عليها في تدريب روحي ينتج عنه القيامة الروحية مع من صام عنا وصلب وقبر وقام. وإلي اللقاء مع إرشاد.. وجهاد.. وكنز.
[email protected]