اختارت سلسلة “كتاب وطنى” أن تناقش كل الأمور المسكوت عنها فى علاقة الأقباط بقضايا”المواطنة”، ولأن هذا الاختيار لا بديل له فى ظل واقع متردى يلتهم حقوقهم ويحرمهم من حق ممارسة الشكل الوحيد للديموقراطية فى مصر – وأقصد الانتخابات – تأتى أهمية كتاب ” الأقباط والبرلمان أصوات من زجاج” الذى أعده المحرر البرلمانى لـ”وطنى” عادل منير والكتاب – كما كتبت سامية سيدهم فى تقديمه ثمرة لحملة جريدة “وطنى” خلال عامى 2008، 2009 لإصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة .
حيث رصدت الجريدة كل الآراء ما بين مؤيد ومعارض، وكان من الغريب أن يعارض بعض النواب القانون، لأن مصر دولة إسلامية!، أو لأن البناء سوف يثير غضب المسلمين!!، وكلها آراء فجرت قضية دور الأقباط فى إصدار القوانين والتشريعات الخاصة بهم، أى دورهم فى المجالس التشريعية والنيابية، وكيف بدأ وتطور هذا الدور على مدى الحياة النيابية بمصر الحديثة سواء إيجابا أو سلبا .
ويبدأ الكتاب برصد الحياة النيابية والتشريعات فى مصر منذ فجر تاريخنا حين كان القانون هو قانون “تحوت” إله الحكمة و”ماعت” إلهة العدل. حتى المجالس النيابية فى مصر الحديثة .
ويدور الفصل الأول حول “المشاركة السياسية للأقباط فى حكم مصر منذ الفتح العربى” وذلك عن طريق تقديم النصائح الشخصية حسب مزاج الحكام .
وقرب بعض الأعيان الأقباط منهم دون مناصب رسمية، وقد استبعدوا نهائيا فى فترة حكم الأتراك حتى دخول الحملة الفرنسية وتكوين الجنرال يعقوب لجيش قبطى، ومحاولته التفاوض على استقلال مصر مع الفرنسيين، وعندما نشأت الأحزاب السياسية فى مصر بدءا من عام 1907 توزعت الانتماءات السياسية للأقباط على مختلف هذه الأحزاب وأبرازها “أحزاب الوطنى، والأمة، والإصلاح” وفى الفترة من 1908-1911 أسس أخنوخ قانون الحزب المصرى كأول قبطى يؤسس حزب .
ويرى بعض المحللين أن المشاركة الفاعلة للأقباط فى الميدان السياسى مع نشأة الأحزاب المصرية كانت هى الأساس الذى بنيت عليه مشاركتهم فى ثورة 1919 وشهدت فترة العهد الليبرالى 1923-1952 إقبالا كبيرا من جانب الأقباط للمشاركة السياسية، فانضموا للعديد من الأحزاب أبرزها “الوفد، الأحرار، الدستوريين، مصر الفتاة”، وكان أبرزهم السياسى “مكرم عبيد ” الذى شغل منصب سكرتير عام حزب الوفد حتى انشقاقه عام 1942 وتأسيس لحزب الكتلة الوفدية، وكانت نسبة المقاعد التى يحصل عليها الأقباط تختلف من انتخابات برلمانية إلى أخرى بحسب تواجد حزب الوفد فى السلطة أو خارجها. إذ تراوحت هذه النسبة فى غالب الأحيان عندما كان الوفد بالسلطة بين 8-10% من إجمالى المقاعد فى برلمانات 1924-1926-1942 بينما تدنت إلى 2% فى الحالات التى كان الوفد خارج السلطة، كما حدث فى برلمانى 1931 و 1938 .
وتأتى ثورة يوليو 1919 لتسبب حالة من انكفاء الأقباط على الذات والعزوف عن المشاركة السياسية، كما قامت الثورة بإضعاف العائلات السياسية القبطية التقليدية التى كانت بمثابة مدارس سياسية لتخرج كوادر حزبية من أبنائها قادرة على العمل السياسى .
وظهرت ذلك فى ضآلة أعداد المرشحين من الأقباط لانتخابات برلمانية ما بعد ثورة يوليو من عام 1957 حتى عام 2005 (ويمكن أن نضيف حتى العام الحالى 2010 ) مما أدى إلى لجوء الدولة إلى مبدأ تعيين عشرة أعضاء فى البرلمان للتغلب على مشكلة فوز الأقباط فى تلك الانتخابات بنسبة المقاعد مما عمق المشكلة، مما جعل الدكتور رشدى سعيد أستاذ الجيولوجيا – يقول:”إن وجود الأقباط فى البرلمان منذ ثورة يوليو حتى اليوم أصبح راجعا إلى عطف الحاكم لا إلى إرادة الشعب .
وبالتفاصيل استعرض الفصل الثانى تمثيل الأقباط فى المجالس النيابية منذ تشكيل أول مجلس نواب مصرى عام 1879 والذى كان يقضى بانتخاب عضو قبطى عن كل مديرية. مرورا بالجمعية التشريعية عام 1913 وفى الفترة مابين دستور 1923 وحتى قيام الثورة 1952 فى عهود الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك، مدعما بجداول ترصد عدد النواب الأقباط المنتخبين والمعينين.
أما الفصل الثالث فقدم نماذجا من أشهر النواب الأقباط المنتخبين منذ مجلس النواب تأكيدا لدورهم الرائد فى اقتناص مقاعد من بين براثن المنافسات والصراعات والأساليب الدعائية، ومن هؤلاء الأسماء النائب “ويصا واصف، سينوت حنا، البابا كيرلس الخامس، فخرى عبد النور، صليب سامى باشا، حبيب بك المصرى، منير فخرى عبد النور، والقمص بولس باسيلى”.
” هموم قبطية تحت القبة ” هو عنوان الفصل الرابع الذى رصد فيه الكاتب القوانين المعطلة فى البرلمان المصرى، والتى يمثل صدورها أهمية كبرى للأقباط، مثل القانون الموحد لبناء دور العبادة، قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، والذى أثيرت مؤخرا أهمية صدوره بعد حكم المحكمة الإدارية العليا، الذى يسمح بالزواج الثانى للأقباط، والذى يخالف العقيدة المسيحية. كذلك تطرق الكتاب للآثار الناجمة عن تجاهل مناقشة أحداث الفتنة الطائفية بالبرلمان.
—————————
16 jon 2010
م.م