مفاجأة جديدة من مسلسل كشف فضائح فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية, أعلن الجنرال الإسرائيلي المقدم السابق بالجيش الإسرائيلي إلياهو ديكل 67 عاما الذي شارك في كل من حرب 1967 وحرب أكتوبر عام 1973 أنه بصدد نشر كتاب خاص بشكل شخصي بعد أن منعته تل أبيب من نشره في كل فروع المكتبات ودور النشر الإسرائيلية, لما يتضمنه من حقائق موثقة بصفته شاهد عيان علي فشل جهازي الموساد والمخابرات العسكرية الإسرائيلية.
كان التليفزيون الإسرائيليون أذاع تقريرا علي قناته الفضائية العاشرة بمناسبة مرور 37 عاما علي انتصارات أكتوبر المجيدة وتحقيق القوات المسلحة المصرية بجانب الجيوش السورية والعربية لهزائم منكرة للجيش الإسرائيلي لن ينساها في السادس من أكتوبر عام 1973, زعم أن الجيش الإسرائيلي حقق انتصارات خارقة في الأيام الأخيرة للمعركة, مما دعا قادة الجيوش العربية وعلي رأسهم الرئيس الراحل أنور السادات لقبول قرار وقف إطلاق النار.
ووصفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الكتاب بالمزعج لتل أبيب والقادة العسكريين الإسرائيليين القدامي, حيث يتحدث بشكل تفصيلي عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية علي مدي 20 عاما, خاصة في حرب السادس من أكتوبر, والكتاب يحتوي علي 310 صفحات جميعها تلقي الضوء من وراء الكواليس علي الاستخبارات العسكرية منذ الستينيات وحتي الثمانينيات, بل وتكشف لأول مرة الإهمال والفشل العسكري والاستخباري المتعلق بحرب يوم الغفران السادس من أكتوبر.
أشارت يديعوت إلي أن ديكل كان قد أشرف خلال خدمته في الجيش الإسرائيلي علي المعلومات الجغرافية في الاستخبارات العسكرية, حيث كان آخر القادة لهذه الدائرة التي تم إغلاقها في زمن إنهائه للخدم العسكرية عام 1983.
كشف مؤلف الكتاب أن المقدم بنيامين زائف مسئول الدائرة الجغرافية نفسها في الاستخبارات العسكرية كان قد حذر في عام 1968 من أن المصريين يقومون بشق عدة طرق تصل إلي ضفة قناة السويس الجنوبية, مما كان يدل علي أن المصريين ينوون عبور القناة بقوات كبيرة جدا تصل إلي عدة كتائب وربما ألوية ضخمة أيضا, مضيفا أن تلك المعلومات كانت قد وصلت بالطرق الرسمية إلي رئيس الأركان ووزير الدفاع, موشيه ديان, في ذلك الوقت ولكن المخابرات التابعة للواء الجنوبي لم تهتم بالأمر, بل وصفت زائف بـالمعتوه.
وأوضح الكتاب الذي يحمل اسم 20 عاما من فشل المخابرات العسكرية أن زائف أصر علي موقفه واستمر في جمع المعلومات حول الاستعدادات المصرية لعبور القناة, ولكن أحد ضباط المخابرات لم يهتم بهذه المعلومات ووصف المصريين بأنهم أصفار كبيرة ولا يستطيعون فعل أي شيء, وتمني أن يقوموا بذلك لكي يحول الجيش الإسرائيلي سيناء لمقبرة جماعية لهم.
أشار الكتاب العبري الممنوع من النشر إلي أنه قبل حوالي 3 أشهر من أكتوبر دعا رئيس المخابرات في حينها, المقدم تسبي شيلر, بعض العناصر ذات العلاقة, وناقش كافة الاستعدادات المصرية لعبور القناة, فكان الجواب إن قائد سلاح الهندسة المصري يستطيع الآن أن يقول لرئيس أركانه نحن الآن جاهزون, وبالفعل في أغسطس 1973 أي حوالي قبل شهرين من بدء المعركة أصدرت المخابرات الإسرائيلية مستندا جاء فيه أن المصريين علي استعداد تام لعبور القناة.
ويكشف الكتاب أيضا أنه ليس فقط عبور القناة من قبل الجيش المصري هو الذي أثبت صدق ما قالته أجهزة المخابرات الإسرائيلية, بل إن رئيس الأركان المصري في ذلك الوقت سعد الدين الشاذلي أصدر كتابا عام 1980 باسم عبور القناة جاء فيه أن مصر خططت لهجوم 1973 في عام 1968.
ويعرض الكتاب أيضا اكتشافات مفاجئة جديدة, فقد اتضح أنه حتي حرب 67 وخلالها لم يكن لدي الجيش الإسرائيلي أي معلومات عن هيئة الأركان وغرفة العمليات المصرية, وأنه تم تغيير مكانه حيث أوضح أن التحقيقات مع الأسري المصريين هي التي كشفت عن مكان هيئة الأركان المصرية الجديد, إلا أن المعركة كانت قد انتهت.
وكشف الكتاب عن أن الجيش الإسرائيلي أراد في الحرب التالية أن يعوض ما تم فقده في الحرب السابقة, ولكن دون جدوي, حيث كانت الخطة تقضي باقتحام غرفة العمليات المصرية واعتقال الطاقم الأعلي للقوات المسلحة, ولكن الجيش فشل في هذه المرة أيضا بسبب عملية إطلاق النار التي جرت بين الجيشين.
اعترف المقدم السابق بالجيش خلال صفحات كتابه بفشل وحدته المخابراتية, حيث أوضح أنه قبل حوالي نصف عام من حرب أكتوبر تم اكتشاف مخبأ أرضي كبير في منطقة الكيلو 105 علي طريق السويس – القاهرة الصحراوي, وظنوا في بداية الأمر أن المخبأ الأرضي يخدم سلاح المشاة المصري, وبعد فترة قصيرة ظن البعض أنه يخدم سلاح الطب المصري, وبالفعل وبعد احتلال المنطقة وخرج المسئولون العسكريون لفحص المكان, فكانت المفاجأة أنه مستشفي عسكري ميداني.
وأوضح ديكل, في كتابه قائلا: لو أن المخابرات أخذت الأمر علي محمل الجد, لاتضح أن المصريين يعدون فعلا لمعركة ضخمة, مشيرا خلال كتابه لمهازل ومهاترات أخري حدثت من قبل الاستخبارات الإسرائيلية, عندما قام ديكل بنفسه بتأكيد وجود أسلحة كيميائية لدي العراق, فكان الرد لا يوجد أسلحة كيميائية في العراق, وأرجو أن تكفوا عن مثل هذه المعلومات, ولكن عندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية استعمل صدام حسين مثل هذه الأسلحة, فما كان من الاستخبارات إلا أن قامت بالاعتذار إلي ديكل, كما أوضح في كتابه.
وخصص الكاتب الإسرائيلي مساحة كبيرة في كتابه لمدح المقدم بنيامين زائف, حيث وصفه أنه من كبار المحققين الميدانيين, الذي لم ترض عنه زمرة الضباط الكبار بسبب جهوده المكثفة وكشفه عن عدم مهنيتهم, مشيرا إلي أنه توفي, ولم يذكر اسمه في أي كتاب يتعلق بحرب أكتوبر, ولم يحظ بشهادة تقدير من أي جهة عسكرية إسرائيلية طوال تلك الفترة.
عن: يديعوت أحرونوت