أمضي أكبر أحمد معظم سنوات حياته وهو يشرح العالم الإسلامي إلي الغرب والعكس بالعكس. في أحدث كتبه _ أحدث رحلة له _ يجد الاثنين معا في الولايات المتحدة ويراقب كيف يتفاعلان مع بعضهما البعض.
كتاب ##رحلة في أمريكا: تحدي الإسلام## هو قصة أحمد وخمسة من طلابه وهم يجتازون البلاد, وكذلك القصص التي كشفوا عنها خلال أحاديث مع أمريكيين مسلمين في أكثر من 100 مسجد في 70 مدينة وبلدة. ما وجدوه هو صورة متنوعة للمجتمع الأهلي المسلم في أمريكا الذي يصل عدد أفراده إلي عدة ملايين.
أحمد هو دبلوماسي باكستاني سابق ورئيس قسم ابن خلدون للدراسات الإسلامية في الجامعة الأمريكية في واشنطن, وقد سافر في السابق لتعلم المزيد حول موقع الإسلام في العالم, من أجل إعداد كتابه: ##رحلة في الإسلام. أزمة العولمة##, وسافر مع فريق من الطلاب عبر العالم الإسلامي. وفي هذه المرة أصبح الطلاب مرشديه المحليين وساعدوا أستاذهم علي الإبحار عبر المجتمع الأهلي المسلم الموجود في أمريكا.
قال أحمد, ##إنهم أمريكيون, ولذلك كانوا يعرفون أكثر بكثير مما كنت أعرفه أنا فيما يتعلق بالثقافة وأين يجب أن نذهب وأين يجب ألا نذهب, ولذلك تمكنوا من العمل كمرشدين لي, ولكن قبل كل شيء آخر كانوا شركاء في التدريب, شركاء في التدريب الفكري.##
وأضاف أحمد, ##سوف يعني مشروع السنة الواحدة في هذا المجال الكثير من التضحية من جانبنا جميعا. كل واحد لديه حياته الخاصة وعائلته. وعليه أن يؤجل مؤقتا كل هذه الأمور.##
يغطي الكتاب قرونا وكيلو مترات, يناقش تاريخ أمريكا مع الإسلام ابتداء من الآباء المؤسسين حتي اليوم الحاضر. إنه يخبر قصة لا يعرفها الكثيرون, قصة ألكسندر راسل ويب, الصحفي الذي سافر إلي الفلبين كقنصل أمريكي, واعتنق الإسلام, وأنشأ مسجدا في شارع برودواي في مدينة نيويورك, وفتح أول مطبعة إسلامية في البلاد وأصبح القنصل العثماني الفخري في نيويورك.
تسلط الزيارة إلي جامعة فرجينيا ضوءا علي أسلوب النظر للتعددية الدينية لتوماس جيفرسون, الرئيس الثالث للولايات المتحدة. وتظهر رحلة إلي يوتا موطن الكنيسة المورمونية, كيف يصنع المسلمون والأقليات الدينية الأمريكية الأخري علاقات احترام وتفاهم معهم.
ذهل فرانكلين مارتن, العضو في فريق أحمد, من تنوع الإسلام في أمريكا.
قال مارتن, ##العالم الإسلامي بأسره موجود فعلا في أميركا##, مضيفا أن الناس سوف يدهشون عندما يعرفون أن مدينة سانت لويس في ولاية ميزوري يعيش فيها 60 ألف مسلم من البوسنة. ##التنوع كان ملهما لي بالفعل.##
يستكشف الكتاب التنوع في الفكر كما في الخلفية لدي المسلمين في الولايات المتحدة. ويقدم أحمد ثلاثة نماذج لتلك السلالات من الأمريكيين المسلمين الذين أسماهم, الملتزمين بحرفية النصوص, والمتصوفين والعصريين.
من أجل نفخ الحياة في هذه الفئات, يقوم الأمريكيون المسلمون الذين يتوافقون مع هذه النماذج بإبداء وجهات نظرهم. فمثلا, الإمام محمد الدارساني من فلوريدا, رغم أنه يبدو عصريا, ##هو أيضا مسلم يلتزم بصرامة بنصوص التعاليم الإسلامية لأنه يحتفظ برأي متشدد حول القرآن والحديث النبوي. وتحتضن الشيخة فريحة فاطمة الجراحي, التي اعتنقت الإسلام في نيويورك, المناهج الصوفية للإسلام وتدمج عناصر من الدين المسيحي فيه. أما العصرية نجاح بزي من مشيجان, فإنها تشعر بأن روح إعلان الاستقلال, الذي هو أحد الوثائق التأسيسية لأمريكا, إسلامية بسبب تشديدها علي المساواة, والعدالة, والتسامح الديني.
وقد شعرت هايلي وولدت, والعضو في فريق أحمد, بوجود تواصل بينها وبين بزي بسبب التراث المشترك.
قالت وولدت, ##جاءت عائلتي إلي هنا في نفس الوقت تقريبا (الذي جاءت فيه عائلة بزي) عبر إيليس آيلاند. لقد وجدت حقا رابطا مشتركا مع قصتها حول مجيء جدها إلي هذه البلاد وعمله في المصانع وتقدمه عبر المجتمع الأمريكي, وهي أمريكية بالكامل وابنتها أميركية بالكامل. أدركت بالفعل أن الإسلام يشكل جزءا من المجتمع الأمريكي.##
قال أحمد إن فئاته الثلاث للأمريكيين المسلمين لا تنطبق عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الإسلامي للأمريكيين الأفريقيين. فقد فقد الأرقاء الأفريقيون المسلمون الذين جلبوا إلي أمريكا هويتهم, حسبما قال أحمد, وخلق ذلك تحديات أمام الذين أرادوا العودة إلي دين أسلافهم.
وأضاف, ##من تلك النقطة كان عليهم خلق إسلامهم, ووضع مفهومهم للإسلام. ولذلك, فإن هذه الفئات الثلاث المختلفة لا تصف بسهولة مجتمع الأمريكيين الأفارقة.##
قال أحمد إن تجربتهم الدينية فريدة, إذ يمارس المسلمون الأمريكيون الأفريقيون شكلا أمريكيا مميزا للإسلام. فالجاليات الإسلامية المهاجرة قد تمارس وجوها من شعائر دينهم يعتقدون أنها تستند إلي الدين, ولكنها, في الواقع, تستند إلي الثقافة. وقال, من جهة أخري, يميل المسلمون الأفريقيون إلي الاعتماد علي فهمهم للنصوص الدينية عندما يتعلق الأمر بإيمانهم.
يثير المهتدون إلي الإسلام إعجاب أحمد, وسألهم طوال رحلته الأمريكية, عن رأيهم في دينهم الجديد. الشيخ حمزة يوسف من كاليفورنيا, علي سبيل المثال, باشر سعيه إلي الروحانية بعد أن أوشك علي الموت في حادث اصطدام. وتقول خديجة ريفيرا من فلوريدا إنها كانت تنجذب دائما إلي الله رغم ملهيات العالم الحديث واعتنقت الإسلام بعد تخرجها من الجامعة.
يكرس الكتاب فصولا مستقلة لبحث العلاقات بين المسلمين واليهود وبين المسلمين والمورمون. ويقول أحمد إنه بعكس المجموعات الدينية الأمريكية الأخري فإن الدين الإسلامي مألوف لدي المورمون كما تأكد له ذلك خلال زيارته ليوتا.
يقول أحمد في الكتاب, فيما يخص اليهودية والإسلام, ##لا يوجد دينان لهما تعاليم مشتركة أكثر من اليهودية والإسلام##. ويشير إلي التحديات التاريخية التي واجهها اليهود لقبولهم في الولايات المتحدة والحوار المتعاظم بين المسلمين واليهود.
قال أحمد إنه يأمل أن يساعد كتابه في بناء جسور تعطي للمسلمين الأمريكيين فهما أعظم لبعضهم البعض.
وأضاف, ##مثاليا, أود أن يقرأ كتابي الأميركي العادي, وأملي أن يقرأه المسلم العادي أيضا كي يباشرا في تقدير كل منهما للآخر والتعلم عن بعضهما البعض. سوف يكسبان الكثير, لأن هذا هو أول كتاب يجرد الصفة الأسطورية عن المسلمين في أمريكا كما يساعد علي تجريد أمريكا نفسها من صفتها الأسطورية.##
يو إس جورنال