نشط السلفيون وظهروا علي الشاشة وتجمعوا بالآلاف حول الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم الجمعة الماضي للمطالبة بالإفراج عن الأسيرة كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين. وآخرين حضروا من مسجد الفتح ومسجد النور بالعباسية, وهدد المعتصمون بعدم الرحيل إلا بعد تحقيق مطالبهم والإفراج عن كل المحتجزين والمحتجزات, واخضاع الأديرة والكنائس للتفتيش, وأن يخضع كل المواطنين المصريين لسلطة القانون, وطالبوا بنزع فتيل الفتنة الطائفية, ومحاسبة المسئولين عن إشعالها.وقامت قوات من الجيش والشرطة بحماية الكاتدرائية.وردد السلفيون هتافات غاضبة وأطلقوا ألفاظا بذئية وشتائم وسباب لا يليق برجال يرفعون شعار الدين.
فعلوا كل ذلك دفاعا عن الأسري وعن حرية الاعتقاد وحرية العقيدة وحرية الرأي!! والمطالبة بتطبيق القانون.
وما حدث يحتاج إلي نقاش ورد واضح علي قدر كبير من التناقضات والتلفيق والأسباب غير المبررة. والسؤال: من الذي أعطي هؤلاء الحق في التجمهر والمطالبة بالإفراج عن الأسري وأولهم كاميليا شحاتة؟ ولماذا توجهوا إلي الكاتدرائية؟ وما دام يطالبون بتطبيق القانون لماذا لم يذهبوا إلي المسئولين في الدولة لتطبيق القانون؟ ولماذا اتخذوا كاميليا شحاتة كمسمار جحا ليقوموا بهجومهم كل عدة شهور ويجددوا الفتنة والتشويش, ويدعون أن ما يفعلوه ليس فتنة طائفية إنما هو دفاع عن الحق…أي حق؟
ولنري من الذي نظم الاعتصام…إنه الدكتور حسام أبو البخاري المتحدث الإعلامي باسم ائتلاف دعم السلفيين الجدد.
ولنري من الذي استطاع أن يفض الاعتصام…إنه الدكتور ياسر برهامي أحد رموز السلفيين بالإسكندرية الذي قام بالاتصال بالمعتصمين وطالبهم بفض الاعتصام. كما طالب الشيخ محمد عبد المقصود المعتصمين بفض الاعتصام. وهكذا يقوم السلفيون بتنظيم الاعتصام وهم أيضا الذين يأمرون بفض الاعتصام. وعلينا أن نتساءل أين الدولة…وأين هيبتها واحترامها؟.
لايوجد شعب الكنيسة وشعب الدولة…هذا التقسيم يعني اختلالا, وتغييب مخيف لفكرة الدولة والدستور وقيام السلفيين بتنظيم الاعتصام ثم الأمر بفضه يعني أنهم يقومون بدور الدولة ويستهينون بوجودها أو هيبتها. وهذا الأمر الخطير قد يؤدي إلي تفكك الدولة والاستهانة بدورها, وأن السلفيين هم الذين يحكموننا. وليس لدي هؤلاء الحكام الجدد أي دليل علي أن كاميليا شحاتة قد أسلمت, إنما هي هواجس وهوس في عقولهم, والذي لديه دليل علي إسلامها فليقدمه. وقد ظهرت كاميليا أكثر من مرة وأكدت أنها مسيحية وأنها متزوجة من كاهن وهي في عصمته ولديها ابنها أنطون وأنها تعمل مدرسة ومازالت تعمل. ومع ذلك مازال السلفيون يرددون أقوالهم ويتصورون أنها أسيرة. وليس هذا فقط فهم يطالبون بتفتيش الكنائس والأديرة بحثا عن مسلمين محبوسين داخل الكنائس والأديرة!!
أين حرية العقيدة وحرية الرأي والاعتقاد؟ أين القانون وضرورة تطبيقه بكل حسم؟ أين حق المواطنة؟ المواطنة مغيبة والقانون أيضا. المواطنة أول مادة في الدستور ويجب تطبيق القانون بكل حسم, وإن لم تنشط الدولة للقيام بدورها لحماية الجميع فسوف نظل في هذه المتاهات المخيفة ولا أمل في أن تحقق ثورة 25يناير أهدافها التي قامت من أجل تحقيقها.