انتهت قمة مجموعة الثماني التي جاءت مختلفة هذا العام برؤي توافقية في ظل وضع اقتصادي محفوف بالمخاطر ويهدد بتبعات اجتماعية علي حد وصف بيان القمة. شهدت مدينة لاكويلا الإيطالية ثلاث قمم متتالية الأولي ضمت زعماء مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبري فقط , وفي اليوم الثاني انضم إلي اجتماعات ومناقشات المجموعة الدول الخمس الناشئة (الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا) ومصر التي تلقت دعوة للمشاركة من إيطاليا الدولة المضيفة للقمة. وانضمت عدة دول أفريقية في اليوم الثالث من أبرزها غانا والجزائر وليبيا وأنجولا ونيجيريا والسنغال.
كانت التكهنات تشير قبل انعقاد القمة إلي وجود خلافات شاسعة في وجهات النظر حول بعض الملفات الساخنة, ومن بينها طريقة التعامل مع الأزمة المالية, ورغبة بعض الدول في الدعوة إلي عملة إحتياطي نقدي بديلا عن الدولار. وسعت روسيا والصين والبرازيل لحشد التأييد بشأن هذه العملة لكن فشلت هذه المحاولات ولم تتجاوب القمة معها لدرجة أن البيان الختامي لم يتناول مسألة العملات أو الصرف الأجنبي. واتفق زعماء مجموعة الدول الثماني الصناعية إضافة إلي الدول الناشئة ومصر علي عدم التنافس علي خفض قيم العملات وتشجيع نظام مالي دولي مستقر. وقالوا في بيان القمة إن هذه الدول تشجع فتح الأسواق أمام المبادلات والاستثمارات, وأنها ستجتمع علي مستوي وزراء التجارة ##قبل قمة بيتسبرج## لمجموعة العشرين التي تعقد في الولايات المتحدة في 24 و25 سبتمبر. وتم التأكيد علي الالتزام بالتوصل إلي نهاية طموحة ومتوازنة لجولة الدوحة بحلول العام .2010
الاحتباس الحراري
يعد من أهم الملفات التي تمت مناقشتها خاصة في ظل اعتراض بعض الدول المشاركة في القمة علي خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ووافقت الدول ذات الاقتصادات الصاعدة – للمرة الأولي- بشكل مبدئي علي هذا الخفض, وهو الأمر الذي كان يقابل حتي فترة قصيرة بمعارضة من عدة دول بينها روسيا وكندا. وأشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بما سماه التوافق التاريخي في قمة مجموعة الثماني بين الدول الصناعية الكبري والدول الناشئة حول خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. إلا أن الدول الكبري فشلت في إقناع الدول النامية بقبول أهداف تخفيض الانبعاثات الغازية بنسبة خمسين بالمائة بحلول عام .2050
مساعدة أفريقيا
تم إطلاق وعود جديدة إلي القارة الأفريقية بتقديم مساعدات تصل إلي 15مليار دولار تقدم خلال ثلاث سنوات وتدفعها اليابان والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي. وأكدت المجموعة أنها ##ستعد اقتراحا يتعلق بالمباديء والممارسة السليمة للاستثمار الزراعي الدولي## في وقت تشهد فيه الدول النامية خاصة الأفريقية منها عمليات شراء كثيفة للأراضي الزراعية. ورحب جاك ضيوف مدير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بهذا التحول في سياسة المساعدات الغذائية, إلا أنه أكد أن المبلغ المخصص ليس كافيا لمحاربة الجوع في العالم. وفي نفس السياق اشاد كانايا نوانز مدير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية بزيادة الاستثمارات لتطوير قطاع الزراعة في الدول النامية. وقال إنه حان وقت التغيير بأن لا يعني الأمن الغذائي فقط المساعدات الغذائية, بل أيضا قدرة الشعوب علي إنتاج الغذاء محليا والوصول بحرية إلي الأسواق المحلية.
المشاركة المصرية
وجهت إيطاليا الدولة المضيفة والمنظمة للقمة دعوة لمصر نظرا لثقلها الإقليمي فيما يتعلق بالشرق الأوسط وأفريقيا, لاسيما أن مصر ستتولي هذا العام مهمة تنسيق دور المجموعة الأفريقية فيما يتعلق بالمفاوضات متعددة الأطراف في إطار مفاوضات الدوحة الخاصة بمنظمة التجارة العالمية. وعقد الرئيس مبارك عدة لقاءات ثنائية علي هامش قمة مجموعة الثماني مع قادة الدول سواء المشاركة في القمة أو دول الحوار الموسع والدول الأفريقية. تناولت عددا من الموضوعات التي لم يتضمنها جدول أعمال القمة وأهمها التطورات في الشرق الأوسط ولقاءاته مع المسئولين الإسرائيليين. وتحدث عن الأزمة المالية التي تحولت إلي أزمة في الاقتصاد الحقيقي وركود لم يشهده الاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي علاوة علي أزمة قضية التغير المناخي…ودعا مبارك الي تجميد الدين الأفريقي, وذلك خلال حديثه عن كيفية مساعدة القارة في التخفيف من آثار الركود الاقتصادي. وقال إن نجاح الشراكة بين مجموعة الثماني وأفريقيا سيظل مرتبطا بالقدرة علي التعامل مع عناصر الوضع الراهن وتحقيق هدف ورؤية واضحة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
لم تقتصر المناقشات في القمة علي الموضوعات الاقتصادية فقط بل طالت القضايا السياسية المطروحة علي الساحة الدولية من مساعي إيران النووية وتهديد كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية والحرب علي الإرهاب في أفغانستان وباكستان وإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.
نبذة
يذكر أن مجموعة الثماني هي تجمع لكبري الدول الصناعية في العالم يعقد قمة سنوية, ومجموعة الثماني ليست مؤسسة ولا هي منظمة دولية, وتأخذ علي الأكثر صبغة ##النادي## للبحث في عدد من القضايا الدولية, ويتم تداول رئاسة المجموعة سنويا بين الدول الأعضاء, وتبدأ فترة الرئاسة من 1 يناير من كل سنة.
تضم المجموعة الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وروسيا الاتحادية وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا. ويعتبر الاتحاد الأوربي عضوا بالمجموعة ويمثله في اجتماعات القمة السنوية رئيس المفوضية الأوربية. ويمثل مجموع اقتصادات الدول الأعضاء نحو 65% من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية بما في ذلك الأسلحة النووية, في حين يمثل عدد سكان الدول الأعضاء 14% من سكان العالم.
عقد أول اجتماع لمجموعة الثماني سنة 1975 برامبوييه الفرنسية بدعوة من الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان ودعا إليه زعماء حكومات ألمانيا الغربية وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. واتفق الزعماء الستة عقب القمة علي تنظيم اجتماع سنوي تحت رئاسة متناوبة, مشكلين بذلك مجموعة الست. وفي سنة 1976 انضمت كندا إلي المجموعة بناء علي توصية من الرئيس الأمريكي آنذاك جيرالد فورد وأصبحت تعرف بمجموعة السبع. وفي سنة 1977 دعا الاتحاد الأوربي ممثلا في شخص رئيسه -وهو رئيس الدولة التي تتولي الرئاسة الدورية- لحضور الاجتماعات. وبانتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي في سنة.1991 أصبحت روسيا تحضر اجتماعات المجموعة التي صارت تعرف بمجموعة السبع زائد واحد. وبمبادرة من الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون انضمت روسيا بشكل رسمي إلي المجموعة في عام 1997 لتتحول إلي مجموعة الثماني.