من مفاجآت نتائج الثانوية العامة هذا العام ما أعلنه معظم الأوائل أنهم أحرزوا التفوق بفضل الدروس الخصوصية, وحينما كانت تتعارض مواعيد الدراسة مع الدروس الخصوصية كانوا يفضلون الدروس الخصوصية!
إحدي الأوائل أكدت أن مدرس الفصل كان يردد دائما أنه يترك المادة وتفاصيلها وأسرار شرحها في البيت!!
هذه المأساة تكشف حجم غول الدروس الخصوصية الذي ضرب كل بيت والتهم المليارات سنويا من الأسر المصرية, وانتصار مافيا الدروس الخصوصية رغم الإجراءات والتهديدات التي تتخذها وتصدرها وزارة التربية والتعليم.
صحيح أن المسئولية مشتركة بين وزارة التربية والتعليم والأسر المصرية, ولكن كارثة غول الدروس الخصوصية ترجع لأسباب جوهرية أبرزها:
* راحت وزارة التربية والتعليم لعقود طويلة في غيبوبة تامة فانهارت خلالها العملية التعليمية ومستوي الأداء ومستوي المدرسين مع غياب ضمائرهم.
* بعد فوات الأوان تحركت الوزارة لمحاربة الدروس الخصوصية بإنشاء فصول التقوية برسوم رمزية, وعندما فشلت أعلنت عن فصول التقوية المميزة بكثافة طلابية أقل ورسوم أعلي, وحتي هذه فشلت بسبب الإشراف الصوري وعدم الجدية وتواطؤ بعض مديري المدارس مع مافيا الدروس الخصوصية!
* أعلنت الوزارة عن فصول الفائقين بالمدارس الثانوية لقبول أوائل الإعداية بها بكثافة منخفضة مع تخصيص أكفأ المدرسين لها وتوفير كل صور الرعاية لضخ الأوائل في الثانوية العامة, ولكنها فشلت أيضا لعدم توفر عناصر نجاحها!
* فوضي حضور وانصراف المدرسين ضرب جميع المدارس وبالذات الثانوية, فالمدرس يحضر مع بدء حصته الأولي حتي لو كانت الساعة العاشرة صباحا, وينصرف مع آخر حصة في جدوله المدرسي حتي لو كان قبل انصراف المدرسة بساعتين! هذا الخلل أشاع روح الفوضي في المدارس وأدي إلي تسرب الطلاب أثناء اليوم الدراسي للحاق بمدرسيهم والانتظام في الدروس الخصوصية, خاصة أن معظم خطط الموجهين والموجهين الأوائل والعموم وهمية ومعروف مواعيدها مسبقا, ولذلك فإن الحل في عودة الموجه المقيم بالمدارس للمتابعة الميدانية الجادة والفعالة والمستمرة التي تسد جميع منافذ الفوضي في المدارس.
* انتشرت مراكز الدروس الخصوصية بصورة خطيرة في جميع الأحياء وأصبحت تهدد الرسالة التربوية والتعليمية للمدارس, والغريب أنها تبدأ مع مواعيد المدارس وتنتهي منتصف الليل وبنفس هيئات تدريس المدارس!!
* اكتفت الوزارة في عهد د. حسين كامل بهاء الدين بلجان التفتيش التي كانت تفاجئ المدارس لضرب مافيا الدروس الخصوصية ونقلهم إلي الصعيد, ولكنها توقفت بعد خروجه من الوزارة.
* نأمل في سد ثغرات الخلل والفوضي وفي مقدمتها عودة الانضباط إلي المدارس, وإحياء لجان التفتيش والمتابعة والموجه المقيم وفصول التقوية والفائقين ومراكز الموهوبين ومسابقات أوائل الطلبة والاهتمام بالدورات التدريبية الجادة للمعلمين, مع لائحة عقوبات صارمة لمواجهة الدروس الخصوصية تبدأ بالنقل إلي الصعيد وتنتهي بالفصل نهائيا من الخدمة في حالة التكرار.. فهل ستكون مهمة صعبة علي الوزير الصارم الحازم الجاد د. أحمد زكي بدر؟!