* المعارضون: ضرورة تنقية القوانين من المواد المقيدة للحريات
* المؤيدون: النشر قد يؤثر علي سير العدالة
عاد الجدل من جديد داخل الوسط الصحفي بعد صدور قرار حظر النشر في قضية سوزان تميم,خاصة بعد إحالة خمسة صحفيين إلي المحاكمة بتهمة اختراق حظر النشر,منهم رئيسا تحرير جريدتي الوفد والمصري اليوم.
هذا الجدل ليس وليد اللحظة,ففي التسعينيات أثير الجدل بعد حظر النشر في قضية لوسي أرتين,ومنذ سنوات تم صدور حظر النشر في قضية ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق,وأيضا في قضية العبارة السلام 98,وأخيرا قضية سوزان تميم.
بعض رؤساء الصحف الخاصة والحزبية يرون أن حظر النشر يؤثر علي حق المجتمع في المعرفة وحرية تداول المعلومات,ويصبح المجتمع مصنعا للشائعات في غياب الحقائق,بينما يري آخرون أن هناك تجاوزات في النشر,ولابد من محاسبة المتجاوزين,في حين طالب فريق ثالث بتنقية القوانين من المواد المقيدة للحريات,وأن يتم استغلال حظر النشر في أضيق الحدود.
وطني حاولت في هذا التحقيق التعرف علي رؤي رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية والحقوقيين وأساتذة الإعلام لكيفية استخدام حظر النشر بما لا يخل بأمن وسلامة المجتمع.
أين حرية الرأي؟!
قال سعد هجرس-مدير تحرير العالم اليوم إن هناك مشكلة في ترسانة القوانين المقيدة للحريات,ولابد من الحفاظ علي حرية الرأي والتعبير باعتبار ذلك حقا مكتسبا لا يمكن التنازل عنه,وفي الوقت نفسه لابد من وقف الحرب الأهلية الصحفية والحفاظ علي أخلاق المهنة,وعدم الدخول في ملابسات أو قضايا فرعية حول الأداء المهني.
أكد هجرس أهمية دور نقابة الصحفيين في هذه الأزمة والتضامن مع الزملاء رؤساء تحرير الصحف الذين وجهت لهم تهمة اختراق حظر النشر في إحدي القضايا,وأن تكون النقابة حاضرة في مثل هذه الأمور,لأن غيابها يثير علامات الاستفهام,وتساءل أين رؤساء تحرير الصحف القومية من هذه الأزمة,ولماذا لم يتضامنوا مع الزملاء رؤساء التحرير؟!.
أوضح هجرس أنه لابد من التأكيد علي رفض التجاوزات الخاصة بنشر مثل هذه النوعية من القضايا,وأن المواجهة الصحيحة للأزمة تتمثل في مساءلة المتجاوزين وعدم إصدار قرار حظر النشر.
المساس بحقوق المعرفة
من جانبه أكد جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحفيين أن قرارات حظر النشر تمس حقوق المعرفة وحرية تدفق المعلومات,والدستور والقانون,التي تضمن حق المواطنين في معرفة أحداث المحاكمات,مع الوضع في الاعتبار احترام كل الزملاء الصحفيين للمؤسسة القضائية.
وأشار إلي أن كلمة النظام العام الواردة في نص المادة 190 كلمة فضفاضة,ولابد أن تكون في أضيق الحدود,كما لابد من تحديد حجم التهديد الذي يمثله النشر علي الأمن القومي أو النظام العام.
انتقد فهمي عدم وجود موقف رسمي من مجلس نقابة الصحفيين يدين تحويل خمسة من الزملاء للتحقيق,وتساءل ماذا كان ينتظر مجلس النقابة حتي يهب للدفاع عن حقوق الزملاء؟,وأين حق المجتمع في معرفة حقائق مثل هذه القضايا التي تشغل الرأي العام؟.
ودعا عضو مجلس نقابة الصحفيين إلي تنقية القوانين من المواد المقيدة للحريات والحفاظ علي الحق في الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات.
وقال عباس الطرابيلي رئيس تحرير جريدة الوفد وأحد المتهمين إنه في نفس الوقت الذي يتم التحقيق معنا لم يتم توجيه أي اتهام لصحف حكومية كسرت حظر النشر الأهرام, الأخبار, الجمهورية.
أضاف الطرابيلي أن ما يحدث يعد محاولة لمنع الصحافة المستقلة من متابعة قضية مقتل سوزان تميم,وعدم إطلاع رجل الشارع العادي علي ما يستجد بها,ودعا الطرابيلي إلي عقد جمعية عمومية للصحفيين للنظر في القضايا المحالة للتحقيق وأن تتحمل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة المسئولية تجاه هذه الأزمة.
وقال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن المحاكمات يجب أن تكون علنية وأن حظر النشر يأتي في حالات قد يتسبب فيها بالضرر في سير القضية,وغالبا ما تكون في القضايا ذات الصلة بالأعراض أو الحياة الخاصة,وأكد أن المحكمة تتمتع بالاستقلالية في قراراتها ولكن يجب عليها أن تعطي للمواطن الشعور أنها تخضع لرقابة الشعب.
نقل الأحداث بحيادية
وقالت الدكتورة شاهيناز محمد-أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة إن الإعلام يعتبر الأداة التي يثق فيها المواطن بأنها تنقل الأحداث بحيادية خاصة في قضية مقتل سوزان تميم لأنها أصبحت مثار اهتمام الرأي العام.
وأوضحت أن القانون طبقا للمادة رقم 190 ينص علي معاقبة الصحفيين بالحبس لمدة لا تزيد علي سنة بالإضافة إلي غرامة تتراوح ما بين 5إلي10آلاف جنيه أو بإحدي العقوبتين.
حملات ضد حرية الصحافة
من ناحية أخري طالب خالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع بضرورة وقف الحملات الشرسة التي تتعرض لها حرية الصحافة,والدفاع عن حق المجتمع في المعرفة,مشيرا إلي أنه من الضروري اتخاذ خطوات جديدة لنيل حرية الصحافة,بدلا من التوقف عند مرحلة إصدار بيان إدانة وشجب فقط.
دعا صلاح إلي خرق قرار حظر النشر بشكل جماعي وتحمل تبعات هذا القرار,ووضع النظام أمام مشكلة حقيقية للتأكيد علي أن الصحافة لن تترك حريتها,ولن تساوم علي شئ من حق المجتمع,وعلي جموع الصحفيين الضغط علي الأجهزة المعنية,حتي لا يظل الخيار الأول في مثل هذه النوعية من القضايا هو حظر النشر.
وأكد علي أن نقابة الصحفيين لابد أن تتحمل مسئوليتها تجاه مثل هذه القضايا,وتدعم الزملاء المحالين للتحقيق,بالإضافة إلي الحوار مع الجهات المسئولة من أجل وقف قرارات حظر النشر وجعلها في أضيق الحدود,حتي تظل العلنية والشفافية هي الأساس والحظر هو الاستثناء ولا يصبح العكس هو الواقع.
من ناحية أخري قال فريد الديب المحامي بأن قرار حظر النشر في بعض القضايا لابد من النظر إليه علي أنه مهم ويساعد علي سير القضية في مسارها الطبيعي وعدم التأثير علي القضية من خلال ما يتم نشره في الصحف وبثه في وسائل الإعلام.
وحول اتهام صحيفتي المصري اليوم والوفد باختراق قرار حظر النشر في الوقت الذي نشرت فيه صحف أخري أخبارا عن القضية دون إدانة…قال الديب: من حق الصحافة نشر أي شئ ولكن وفقا للقانون,والصحف التي نشرت ولم تدن اقتصرت تغطيتها علي نشر قرارات المحكمة دون الإشارة لما قاله الشهود أو المحامون,في حين أن جريدتي المصري اليوم والوفد نشرتا معلومات أدلي بها الشهود أمام القاضي,وبالتالي هذا خرق متعمد لقرار حظر النشر.