قصر البارون الأثري الذي يقع في شارع العروبة في قلب ضاحية مصر الجديدة-بالقاهرة- يعد تحفة معمارية فريدة من نوعها تجمع ما بين الطراز الأوربي والطراز الأسيوي,وكذلك فهو القصر الوحيد في العالم الذي لا تغيب عنه الشمس طوال النهار ويتميز برج القصر بأنه يدور حسب اتجاه الشمس فهو مثبت علي قاعدة تديرها محركات تلف كل ساعة دورة كاملة بحيث تجعل من يجلس بداخل هذا البرج يستمتع بكل ما حوله دون أن يتحرك من مكانه في هدوء.
ولعل هذا هو ما جعل الدكتورزاهي حواسالأمين العام للمجلس الأعلي للآثار يصدر قراره بمنع أي نوع من الحفلات في حديقة القصر وذلك حفاظا علي الطابع الهادئ لمنطقة مصر الجديدة وتحقيقا لرغبات العديد من السكان.
تحدثنا إلي رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلي للآثار فرج فضة الذي أعرب عن أهمية قصر البارون وقال إن المجلس الأعلي للآثار قام بتسجيل قصر البارون وضمه ضمن الآثار الإسلامية والقبطية عام1993, وبالتالي فهو يخضع لقانون حماية الآثار رقم 119لسنة 1983,وأكد علي أن المجلس يقوم الآن بعمل الدراسات العلمية لإجراء الترميمات المعمارية والفنية الدقيقة اللازمة للقصر.
من جانبه قال د.محمد الششتاوي مدير عام التوثيق الأثري لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلي للآثار إن حديقة القصر تم ترميمها بالكامل وتم عمل مشروع إضاءة للحديقة والقصر من الخارج ذلك بشكل مميز بحيث يغلف النور القصر بالكامل لتظهر ملامحه ومعالمة المعمارية والجمالية,كما تم ترميم التماثيل الخارجية للقصر.
تاريخ القصر
وذكر د.الششتاوي أن قصر البارون يرجع إلي المليونير البلجيكيالبارون إدوارد إمبانالذي جاء إلي مصر في نهاية القرن الـ19,وفكر في إنشاء أحد الأحياء في صحراء شرق القاهرة وأختار له اسمهليوبوليس اي مدينة الشمس,وبدأ البارون في تشيد المنازل علي الطراز البلجيكي,وذلك لإقامة مجتمع للطبقة الارستقراطية والجاليات الأجنبية,وفي النهاية قرر البارون إنشاء قصره الأسطوري الذي قام بتصميمه مهندس فرنسي يدعيألسكندر مارسيلفجمع في تصميمه بين أسلوبين معماريين أحدهما ينتمي إلي عصر النهضة خاصة بالنسبة للتماثيل الخارجية وسور القصر,أما القصر نفسه فينتمي إلي الطراز الكمبودي بقبته الطويلة المزينة بتماثيل بوذا.
وصف القصر
وأوضح د.الششتاوي أن البارون انتهي من تشييد القصر عام1911,ويشغل القصر وحديقته الواسعة مساحة 125 ألف متر مربع,أما القصر نفسه فلا يتعدي طابقين وبدروم, ويضم البدروم أماكن أقامة الخدم وأفران ضخمة, ومغاسل رفاهية, ومن خلال مصعد فخم مصنوع من خشب الجوز نصعد إلي الطابق الأول ويضم قاعة المائدة التي توزعت علي جدرانها رسومات مأخوذة من مايكل أنجلو,وليوناردو دافنشورامبرانت وبمصعد رخامي من بين بتماثيل هندية صغيرة نصعد إلي الطابق الثاني الذي يحتوي عدة غرف للنوم لكل منها حمامها الخاص الذي تكسوه بلاطات من الفسيفساء,ومن خلال مصعد مصنوع من خشب الورد الفاخر,نصعد إلي سطح القصر الذي يشبه المنتزة حيث كان البارون يقيم حفلاته,وجدران هذا السطح مزينة برسوم نباتية وحيوانية وكائنات خرافية وأخيرا نصل إلي برج القصر الذي يدور حسب اتجاه الشمس حيث أنه مثبت علي قاعدة دوارة تديرها محركات تلف كل ساعة لفة كاملة.
كما يضم القصر تماثيل وتحف نادرة مصنوعة بدقة بالغة من الذهب والبلاتين بخلاف تماثيل بوذا والتنين الأسطوري.
قصر الأشباح
والجدير بالذكر أن البارون إمبان توفي في عام1929 ومنذ هذا التاريخ تعرض القصر لخطر الإهمال لسنوات طويلة بسبب إغلاقه المستمر أحيط القصر بهالة من الغموض مما جعل الناس تنسج حوله الكثير من القصص الخيالية والشائعات ومنها أنه صار مأوي للشياطين وترددت بعض الأقاويل حول سماع أصوات لنقل أثاث القصر بين حجراته,ورؤية أنوار تضئ فجأة ثم تنطفئ, ومشاهدة دخان ينبعث من غرفة القصر الرئيسية,وظهور وهيج نيران ما يلبث أن ينطفئ وبالبحث حول صحة هذه الشائعات قال بعض السكان المجاورين أن القصر تكتنفه حالة من الغموض ولعل ذلك يرجع إلي عدة أسباب منها منع البارون إمبان دخول الغرفة الوردية الموجودة ببدروم القصر والتي تفتح أبوابها علي مدخل السرداب الطويل الممتد لكنيسة البازليك والتي تقع في آخر شارع العروبة حيث يوجد القصر,هذا إلي جانب مقتل أخت البارون بسبب سقوطها من شرفة غرفتها,وتشير الأساطير إلي أن روح أخته سخطت بسبب تأخر البارون في إنفاذها,مما أدي إلي تعطل التروس التي تدير البرج منذ ذلك الحين وحتي الآن وفقا لهذه الرواية هذا بالإضافة إلي أن ابنة البارون كانت مصابة بشلل الأطفال وكان والدها يعاملها معاملة قاسية أدت إلي أصابتها بحالة من الأكتئاب وقد وجدت ميتة في بئر المصعد دون أن يعرف أحد السبب.
جماعة عبدة الشيطان
ولعل تلك الأجواء الغامضة التي أحاطت بالقصر المهجور دفعت جماعة من الشبان المصريين في عام1997 إلي التسلل إلي القصر ليلا وإقامة حفلات ماجنة إذا كانوا يرقصون ويغنون علي أنغام موسيقيهيفي ميتال الصاخبة وكانوا يلطخون جدران القصر بدماء القطط والكلاب حيث ألقت الشرطة المصرية القبض عليهم لتفجر بذلك أول قضية من نوعها, عرقت بتنظيم عبدة الشيطان,ولعل هذا هو سبب الأساطير التي ترددت من قبل سكان مصر الجديدة حول مشاهدتهم أضواء ساطعة,وصخبا,وضجيجا, كل ليلة داخل القصر.