حان وقت ظهوره أمام الناس..هذه المرة سوف يخرج لهم ويؤدي دوره بدون وجودها معه..المرة الأولي يمثل فيها وهي لاتمثل بجانبه.
الجماهير تعرفهما جيدا..تسعد بهما إيما سعادة وكل ليلة يدخلان البهجة علي قلوبهم ..منذ وقت طويل وهي تعمل معه.
يذكر أول مرة رآها فيها..جاءت إلي السيرك وكانت تعاني من الفقر وسوء الظروف الخاصة بعائلتها ..والدها توفي وتركها هي وأمها بلا مورد ثابت..جميلة الوجه مثل قمر 14 شعرها ذهبي ناعم مسترسل وراء ظهرها رشيقة القوام مثل غصن البان,عندما لاحظت صاحبة السيرك أنها خفيفة الدم قالت لها:إنتي ممكن تمثلي دور المهرجة مع عصفور إنشاء الله تكونوا ثنائي ظريف يضحك الناس كل ليلة.وتحقق بالفعل ما قالت عليه ست الكل..
وحقق الثنائيعصفور وبشيرةنجاحا متقطع النظير ومع مرور الأيام والشهور بدأ قلب عصفور يميل نحو الفتاه الرائعة الحسن التي تخفي جمالها وراء المساحيق والأصباغ التي تدهن بها وجهها وتغطي شعرها بقطوط ورقي طويل يشبه الصاروخ وتداري عودها الملفوف داخل ثوب فضفاض ذي ألوان زاهية مختلفة..وفي كل لقاء مع الجمهور وهو مندمج معها في أداء دور المهرج كان يحس بأنه عصفور حقيقي وأنه اسم علي مسمي يطير ويحلق فرحا في سماء السيرك ويحط داخل قلب كل مشاهد له..ومن حبه لبشيرة أحب كل الناس وأحب إدخال أكبر قدر من السعادة إلي نفوسهم فالحب يدفعه إلي التألق وإلي أن يضيء دائما مثل النجم الساطع في السماء,وقد حاول في بعض الأوقات أن يبوح لها بحقيقة مشاعره نحوها,لكنه كان يتراجع في آخر لحظة,وفي الأيام الأخيرة فاجأته بقولها,له.إنخالدابن عمدة إحدي القري وقع في هواها وهي أيضا أحبته وأنه تقدم إلي أمها وطلب يدها منها وتم تحديد موعد الزواج خلال الأيام القادمة…كلامها وقع عليه مثل صاعقة جعلته يتجمد في مكانه لبعض الوقت لكنه تمالك نفسه وأخذ يردد:مبروك يا بشيرة.
وفي داخل حجرته بالسيرك بكي مثل طفل صغير بكي بحرقة شديدة والليلة وبعد لحظات قليلة سوف يؤدي دور المهرج بمفرده يسأل نفسه:هل تستطيع إضحاك الناس يا عصفور مثلما كنت تفعل وبشيرة معك؟
السؤال صعب للغاية ولايجد إجابة قاطعة له.
يتحرك من حجرته ساقاه تحملان جسده بالعافية يتقدم نحو الحلبة الدائرية يظهر أمام الناس بوجه عابس,يفاجأ بهم يضحكون بمجرد رؤيتهم له يتعب,يتصوربشيرةواقفة بجواره تمثل معه,تنبسط أسارير وجهه يندمج في أداء دورة أمامهم,يتحول إلي عصفور يغرد في سماء السيرك يحقق أكبر قدر من الإضحاك لكل الموجودين فيه وأكبر قدر من النجاح له,برغم الأحباط الذي يشعر به,ورغم أنه يغرد ألما داخل ذاته.