كانت نيللي تحلم بطفل تهدهده,وجنين ينقر أحشاءها, تحصي الأيام والشهور استعدادا لشروقه وتضمه إلي قلبها وتقبله,وتطعمه من روحها وتركض نحوه عندما يتعالي بكاؤه وبعينيها تقيس طوله,وهو يشب ويكبر ويذهب إلي المدرسة وتتابع معه دروسه وامتحاناته وتترقب معه نتيجة اخر العام الدراسي.
مع زوجها ولجت أبواب الأطباء ,وجربت وصفات العطارين ونصائح العجائز ولم تثمر أرضها طفلا.
كانت تتمني سماع كلمة ماما…ماما, صدي نداء طفلها سيمفونية جميلة تترقب سماعها.
أدمنت التطلع إلي الأطفال في الشوارع والشرفات والبيوت والإنصات لكلماتهم الطفولية المكسرة وصياحهم وضحكاتهم وعراكهم.
أشار عليها الطبيب الكبير بعملية جراحية ونصحها زوجها بعدم إجرائها
أخاف عليك …أنت أغلي من أطفال العالم عندي.
أمام غرفة العمليات تجمع الأهل والأصدقاء وجاءت جدتها المسنة تلهث متعثرة, تراقب العيون الباب الموصود والألسنة تدعو بالسلامة والشفاء,تنهمر دموع الأم والأخوات علي سحناتهم الشاحبة لم يذق زوجها الأكل ولا النوم لم يستطع الجلوس بجسده الواهن يذهب ويجيء علي الردهات الرخامية للمستشفي لم تستطع الجدة كتم دموعها,بعد ساعات ثقيلة خرج الأطباء تلجم ألسنتهم الكآبة
- حاولنا كثيرا…لم نستطع وقف النزيف…البقية في حياتكم
إهداء إلي نيللي وهبة شهيدة أخطاء الأطباء.