الصمت يطل من الأركان..يفزعني بعيونه التي لاتنام..أتبادل النظرات مع قطع الأثاث ..أعبث في الأشياء المبعثرة في الأدراج..دائما أرتبها لكنها تعود وتتبعثر من جديد..أمل اللعبة..أتركها ..أعود إلي التليفزيون ..لكني أمل سماعه سريعا..أغلقه..
أبحث بين سطور الكتب والمجلات عن الصدق والجمال..عن السلام والأمان..عن المعني والهدف…تطول الصفحات وتتعدد ولا يظهر الأمل المنشود..ألقيها بعيدا, تتعدد الأفكار في رأسي..تتشابك ..ألجأ إلي القلم والورق..أنسي العالم وأتوحد معهما ..تمتليء الصفحات..أعيد قراءتها..أضعها إلي جواركشاكيل أخري كثيرة تضم ما تبقي من كتاباتي بعد أن تخلصت من أغلبها يأسا من طبعها في كتب أرصها بجوار الكتب الكثيرة التي تمتليء بها رفوف مكتبتي الصغيرة..
أعيد قراءة هذه الكشاكيل والأوراق الأخري علي فترات متباعدة, أتخيل أنني أقدم خدمة عظيمة للمجتمع ربما لا يقدر عليها غيري..بالأمس نشرت لي قصة جديدة في جريدة قومية..حين رأيتها منشورة باسمي أسرعت أهبط درجات السلم..أدق باب شقيقتي التي تقيم معي في نفس العمارة..
كانت في المطبخ تعد طعام الغذاء بعد عودتها مباشرة من العمل..قدمت لها الجريدة قائلة..
-انظري آخر قصة نشرت لي..
ردت وهي تضع الإناء فوق النار
-مبروك
لم تنظر حتي إلي وجهي ..قدمتها لابنتها خريجة الجامعة ..قرأت العنوان واسمي ثم أعادتها لي ..بعد أن صعدت إلي شقتي رفعت سماعة التليفون وضغطت علي بعض الأرقام..تبادلت الحديث مع إحدي قريباتي ثم سألتها..
- هل قرأت قصتي المنشورة في….
ودون أن أنتظر الإجابة قلت..
- هل أعجبتك؟
ردت قائلة:
- أنا لا أميل إلي قراءة الصحف..
عدت أقول:
-لكني أخبرتك باحتمال نشرها في هذا العدد..
ردت
- أنا لا أحب القراءة خاصة الأدب..
تبادلت أحاديثا أخري مع بعض القريبات والصديقات ولم أنس أن أسأل نفسي السؤال:
- هل قرأت قصتي؟
وتلقيت نفس الإجابة
- صفحة الأدب لا تجذب اهتمامي..
دخلت غرفة نومي وقد أحزنني أن أحدا لم يقرأ قصتي ..
تأكدت أن سماعة التليفون القابع دائما بجوار فراشي موضوعة بطريقة صحيحة…
عندما بدأ النوم يداعبني بدأت الأحلام تهاجمني..لا أدري كم من الوقت مضي حتي أيقظني رنين متواصل لجرس التليفون ..يعلن عن مكالمة خارجية..رفعت السماعة وأنا نصف نائمة..جاء صوتها رقيقا مشتاقا هاتفا..
- أهلا يا تانت
عرفتها دون أن تكمل نصف الكلمة الأولي..بادلتها كلمات الشوق والحب الصادق..كنت سعيدة وأنا أتحدث مع ابنة شقيقي التي تعيش في السعودية مع زوجها الذي يعمل هناك..
قلت وأنا أضع السماعة بعد أن انتهت المكالمة
شكرا..شكرا جراهام بل