أخذت قضية تمكن المرأة اقتصايا, وخاصة المرأة المعيلة في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا من قبل جهات مختلفة كالمجلس القومي للمرأة بفروعه في المحافظات, أو الجمعيات الأهلية التي تعمل في مجال تنمية المجتمع والنهوض بالمرأة المصرية.
ومن أبرز الوسائل التي تستخدمها, تقديم القروض لهن لإقامة المشروعات الصغيرة, للمساهمة في إيجاد دخل شهري للأسرة لمواجهة متطلبات الحياة.. ولكن بالرغم من ازدياد القنوات التي تقدم قروضا للسيدات.. إلا أنه لاتزال هناك مشكلات تواجهها السيدات سواء في الحصول علي القرض, أو إقامة المشروعات, أو صعوبة في تسديد أقساط القرض فيما بعد, ولكن هذا لا يعني أن التمكين الاقتصادي للمرأة المعيلة من خلال القروض لم يأت بنتائجه المرجوة.. ولكن فقط هناك المزيد من الإجراءات التي من الممكن أن تجعل الكثيرات يستفدن بالقروض بشكل حقيقي, ويساعدهن علي إقامة المشروعات الناجحة قبل أن نتطرق للمشكلات, نتحدث عن نماذج ناجحة لسيدات معيلات أخذن قروضا وقمن بمشروعات صغيرة ناجحة تطورت مع الوقت. ومن هؤلاء السيدة هناء 45 سنة حيث توجهت للصندوق الاجتماعي لأخذ قرض بعد إصابة زوجها بمرض مزمن, وذلك بعد أن اجتازت دورة تدريبية لمساعدتها في إقامة مشروع صغير, وبدأت برأس مال صغير ثم نجح المشروع, وأصبح يجلب لأسرتها دخلا شهريا جيد.
أما السيدة منال 40 سنة فهي أرملة تعيل أسرتها, فأخذت قرضا من قبل المراكز التابعة للمجلس القومي للمرأة, وبدأت مشروع لتجارة الملابس الجاهزة, وحاولت تسويق المنتجات في محافظة الجيزة في أكثر من قرية ونجحت في ذلك, وأصبحت تسدد أقساط القرض شهريا دون تشعر بأنه يوجد شيئا يثقل كاهلها.
ولكن هذا التخوف من عدم المقدرة علي سداد أقساط القرض هو مجرد نتيجة لبعض المشكلات الأخري التي تواجهها المرأة منذ البدء في إجراءات الحصول علي القرض, وحتي بعد أخذه.
هكذا أكدت الدكتورة حنان مكرم الباحثة بمعهد البحوث بقسم المجتمع الريفي والتي قامت بإجراء بحث ميداني لوضع المرأة المعيلة في 8 قري بمحافظة الجيزة, حوالي 200 أسرة, وذلك ضمن رسالة الدكتوراه.. وتوصلت من خلال البحث إلي أن هناك مشكلات أخري تتمثل في أن الجهات التي تقدم قروضا لهن, تطلب الأوراق التي تثبت أنها معيلة, والتي تنحصر في كونها: أرملة, أو مطلقة, أو زوجها مسجون. ولكن هناك حالات أخري تكون فيها المرأة هي عائل الأسرة مثل مرض الزوج بمرض مزمن, أو هجرة, للزوجة والأبناء, أو أن يكون الزوج يعمل في أعمالا غير رسمية كأن يكون باليومية أرزقي.
كما أن الوقت الطويل الذي تستغرقه الإجراءات حي تحصل علي القرض يمثل عقبة أخري. أما المشكلة الأكثر خطورة كما تشير د. حنان هي أن بعض السيدات يحصلن علي القروض, ولكن للأسف الشديد لا يقمن بمشروع صغير يدر عليهن دخل, وعادة ما يكون السبب الأساسي هو عدم اكتسابهن للمهارات والوعي الكافي بكيفية إقامة وإدارة مشروع صغير مهما كان بسيطا, وبالتالي لا يبادرن بالعمل فيه, أو أن بدأن فيه لا يكتمل فهن لا يعرفن كيف يستمر المشروع حتي يأتي في النهاية بأرباح تعود عليهن.
وهذه المشكلة كفيلة بأن تدفع السيدات المعيلات إلي التعثر في سداد الأقساط لأنها لم تفعل به أي عمل حقيقي يساهم في تمكينها اقتصاديا, وإيجاد دخل شهري لها.
وتنوه د. حنان مكرم إلي بعض الإجراءات التي من شأنها الحد من المعوقات السابق ذكرها, أهم إجراء هو أن تشترط الجهة التي تقدم القرض التزام المرأة بالتدريب قبل الحصول علي القرض علي كيفية إنشاء مشروع صغير, وإدارته, وإكسابها المهارات اللازمة لذلك, خاصة وأن احتياج المرأة المعيلة يدفعها للتعلم أكثر وبجدارة. الإجراء الثاني هو أن تساعدهم في التسويق لمنتجاتهن ومشروعاتهن الصغيرة سواء داخل المنطقة التي يعيشون بها أو في عدة محافظات مجاورة لهم, وهناك توجه آخر يمكن أن يساهم في ذلك هو إقامة معارض سواء شهرية أو ربع سنوية لعرض نتائج ومنتجات المشروعات الصغيرة التي قمن بها السيدات المعيلات.