والكل ##مشغول بترتيب البيت## من الآن للانتخابات الرئاسية
تبدي وسائل الإعلام العالمية اهتماما كبيرا بما يحدث في مصر هذه الأيام, بسبب الانتخابات التشريعية, والتي تعتبر خطوة تمهيدية قبل الانتخابات الرئاسية العام القادم. اتفقت وسائل الإعلام العالمية علي تزايد القبضة الأمنية, ونجاح النظام الحاكم في استيعاب قوي المعارضة, بالتقريب أو الاستبعاد, فالحديث عن الديموقراطية لا قيمة له أمام أولويات أمن المجتمع واستقراره. كانت هذه خلاصة قراءة وسائل الإعلام العالمية:
تحدثت جريدة لوس أنجليس تايمز الأمريكية Times Los Angeles عن ميكانيكا ما بعد الانتخابات لنظام الحكم, موضحة أنه يعاني وسيعاني العديد من العيوب, نتيجة طريقة إدارة الحزب الحاكم غير الليبرالية للعملية الانتخابية, خاصة وأنه يدير الانتخابات بقبضة حديدية, تحول دون تحقيق نزاهة الانتخابات والمنافسة النزيهة بين المرشحين والأحزاب. ونددت بالرفض غير المبرر من قبل الحزب الوطني للمطالب الخاصة بالرقابة الدولية علي الانتخابات, علما بأن هذا لا يمس سيادة الدولة كما يدعي الحزب الحاكم. وتعجبت الصحيفة من شفافية الانتخابات الداخلية في المجمع الانتخابي للحزب الوطني, لاختيار مرشحيه, دون تجاهل انتقاء المرشحين ذوي الشعبية والنفوذ في الاختيار. وفي نفس السياق اتهمت صحيفة الواشنطن بوست Washington Post, النظام بالسلطوية والبوليسة وهو ما جعل السفارة المصرية في واشنطن تتقدم باحتجاج رسمي علي طريقة نقد الصحيفة للأحوال السياسية في مصر خلال هذه الفترة. وأوضحت مجلة تايم Time أن الحزب الحاكم لن يتخلي عن الغش في الانتخابات, وبالتالي يعمل علي وقف الحديث عن التزوير في وسائل الإعلام.
وأشارت وكالة الصحافة المتحدة الدولية United Press International, إلي أنه رغم كل المساوئ, إلا أن هذه الانتخابات التي يتنافس فيها حوالي 5720 مرشحا, سيكون من بينهم 132 سيدة, يتنافسن علي 64 مقعدا, في إطار كوتة المرأة. موضحة أن الصورة ربما لا تكون كلية سوداء. هذا وأبدت صحيفة الفاينانشيال تايمز Financial Times FT, تعجبها من تواري الدكتور البرادعي عن الصورة, متسائلة: هل نجح النظام الحاكم في استيعابه, مثلما يفعل مع بعض قوي المعارضة التاريخية, التي ربما يكون قد روضها, أو أن مصالحها اقتضت أن تسايره علي حساب التيار الديني, في مجتمع تطغي عليه المسحة الدينية, حتي لو كان شكليا.
من ناحيتها, أكدت وكالة أنباء أسوشيتد برس Associated Press AP, أن هذه الفترة يتعاظم فيها دور الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع الحزب الحاكم, للتخلص من المعارضين, خاصة من جماعة الإخوان, الذين يصرون علي استخدام الشعارات الدينية, التي تم منعها خلال هذه الانتخابات. وأكدت صحيفة الجارديان البريطانية Guardian, أن الرئيس مبارك متأكد من الفوز الكاسح للحزب الوطني في هذه الانتخابات. وفي سبيل صورة نظام الحكم والحفاظ علي استقرار المجتمع المصري, سيمنح الحزب الوطني المعارضة, خاصة حزب الوفد وعدد من المستقلين, وتم من بين من لم يرشحهم الحزب أفضلية نسبية, للحصول علي عدد من المقاعد النيابية في بعض الدوائر التي ربما تقسو علي مرشحي الحزب الوطني. مشيرة إلي أن انتخابات مجلس الشعب لن تختلف عما حدث في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري في أبريل 2008, وفوز الحزب الوطني بنحو 95% من المقاعد.
وتحدثت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور The Christian Science Monitor, عن قيام الحكومة بتقييد حرية الكثير من وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية, مدللة بما حدث لصحيفة الدستور التي كانت تمثل شوكة في ظهر الحزب الحاكم, إلا أنه تم التخلص من كوادرها وخاصة إبراهيم عيسي, بالإضافة إلي تكميم عدد من القنوات الفضائية, لتصحح باقي وسائل الإعلام المستقلة مسارها, حتي لا تقع في المحظور من وجهة نظر الحزب الحاكم.
أما وكالة الصحافة الكندية The Canadian Press, فأوضحت أن لجنة السياسات التي يقودها جمال مبارك, وذراعه الأيمن أحمد عز, هي التي تختار مرشحي الحزب, للفوز بأغلبية المقاعد, تمهيدا للانتخابات الرئاسية عام .2011 منوهة بالقيود التي فرضت علي جماعة الإخوان والتيارات الدينية, ومنعهم من استخدام شعارهم الأيديولوجي ##الإسلام هو الحل##, ولجوئهم لشعارات بديلة مثل ##الله وأكبر##, و##الحمد لله## للتحايل علي القيود المفروضة علي توظيف الشعارات الدينية في الانتخابات. في هذا السياق, أكدت صحيفة لاكروا الفرنسية La Croix أن مصر مشغولة بترتيب البيت من الداخل للانتخابات الرئاسية, وأن قوي المعارضة التقليدية مثل الوفد والتجمع والناصري, هي التي يفضل الحزب الحاكم, صياغة مستقبل النظام, مقارنة بقوي التيار الديني, وأنهي تنديداته بتهديدات القاعدة للمسيحيين في العراق والشرق, ما هي إلا مناورة انتخابية مكشوفة.
من جانبها, أشارت وكالة الأنباء السويسرية روماندي Romandie, إلي أن وزارة الداخلية المصرية, أولت اهتماما كبيرا, لتفريغ الساحة من أي عناصر معارضة, ذات ثقل, يمكن أن تؤثر علي فرص مرشحي الحزب الوطني الديموقراطي في مختلف الدوائر الانتخابية. في هذا السياق, تم القبض علي 31 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة بمحافظة الإسماعيلية, حيث منشأ الحركة, بالإضافة إلي العديد من كوادر الإخوان في الدلتا والإسكندرية حيث نفوذهم القوي. في هذا السياق, صرح الدكتور عصام العريان بأن هذه التوقيفات والاعتقالات مؤشر قوي علي عدم اهتمام الحكومة المصرية بنزاهة الانتخابات.
أما جريدة لوموند اليومية Le Monde, فتساءلت حول جدوي الانتخابات في الشرق الأوسط؟ وكانت إجابتها أنه لا توجد منها أي جدوي. مشيرة إلي أنه في 9 نوفمبر الجاري, شهدت الأردن انتخابات تشريعية, تم فيها استبعاد القوي السياسية الرئيسية, وفي مقدمتها الإخوان المسلمون. وتشهد مصر انتخابات تشريعية يوم 28 نوفمبر الجاري, ولا يختلف حال التعامل مع قوي المعارضة في مصر, عما حدث في الأردن. وبالتالي فلا توجد جدوي من تنظيم انتخابات. وأبدي تعجبه من حالتي لبنان والعراق, اللتين شهدتا انتخابات ديموقراطية, تمت بصورة ليبرالية, لكن هذه الليبرالية لم تحفظ الاستقرار, لا للمجتمع اللبناني, ولا للمجتمع العراقي, حيث استغرق تشكيل الحكومة, جهودا وتوازنات كادت تطيح بكلا المجتمعين. وأرجع سبب هذه الأزمات إلي غياب المفهوم الحقيقي للديموقراطية. يضاف إلي هذا انشغال الإدارة الأمريكية بملفات داخلية, وانتخابات تجديد نصفي للكونجرس, حال دون ممارسة المزيد من الضغوط المعتادة علي النظم الحاكمة, حتي الحليفة لواشنطن. وأن مصر مشغولة بترتيب البيت من الآن تمهيدا للانتخابات الرئاسية. هذا ونوهت وكالة الأنباء الفرنسية Agence France-Presse AFP إلي تصريحات جمال مبارك أنه لا يستهدف الترشيح للرئاسة, وأنه مشغول بقضايا الحزب, خاصة وأن العامين القادمين ستشهد فيهما مصر تحديات كبيرة.
أما جريدة لاكسبريسون الجزائرية اليومية lexpressiondz.com, فأكدت أن المصريين لا يهتمون كثيرا بهذه الانتخابات التشريعية, بقدر انشغالهم بالانتخابات الرئاسية عام 2011, والاختيار الصعب بين الرئيس مبارك ونجله جمال, خاصة وأن الحزب الوطني الحاكم, لم يعلن صراحة من سيكون مرشحه في هذه الانتخابات. وإن كانت المؤشرات تؤكد أن الرئيس مبارك, لما له من خبرة ومكانة لدي قطاعات واسعة من المصريين, سيرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة. وأشارت الصحيفة الجزائرية إلي أن الإعلام المصري يهوي تسخين الأحداث, حتي لو لم تكن تستدعي كل هذا, مدللة بما حدث بين مصر والجزائر بسبب مباراة في كرة القدم, تحمل مسئوليتها كاملة, الإعلام المصري, وطريقة معالجته للقضايا.
وهذا ما أكدته جريدة لوباريزيان اليومية الفرنسية Le Parisien, وجريدة لوسوار البلجيكية اليومية Le Soir, حيث أشارتا إلي أن كبار قيادات الحزب الوطني تؤكد إعادة ترشيح الرئيس مبارك في انتخابات 2011, وأن هذه الانتخابات التشريعية, ما هي إلا مجرد تمهيد المسرح السياسي, لإدارة الحزب الوطني الحاكم للانتخابات الرئاسية. مستشهدة في ذلك بتصريحات كل من صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية. منوهة إلي أن الرئيس مبارك يبلغ حاليا من العمر 82 عاما, وعاني هذا العام من بعض المشاكل الصحية. مشيرة إلي أن الزيارات الداخلية والخارجية العديدة, التي قام بها الرئيس مبارك, تعد بمثابة رسالة قوية لمختلف القوي السياسية والشعب المصري.
وأشارت تقارير وكالة الأنباء الروسية نوفاسيتي RIA Novosti, إلي أن الجولة الأولي للانتخابات التشريعية ستتم يوم 28 نوفمبر, وجولة الإعادة ستكون يوم 5 ديسمبر, وأن انعقاد البرلمان في ثوبه الجديد سيكون في 13 ديسمبر. مشيرة إلي أن التركيبة الحالية لمجلس الشعب, والذي تسيطر فيه جماعة الإخوان المسلمين علي حوالي 20% من مقاعده, من المؤكد أنها ستتغير لمصلحة قوي معارضة أكثر تفاهما مع النظام, دون تسميتها, وفضلا عن دعم المستقلين, علي حساب التيار الإسلامي, المسبب للعديد من المشاكل للنظام الحاكم, حتي لو كانت تحت السطح في غالبية الأحيان.
وأكدت صحيفة نوفال أوبزرفاتور Nouvel Observateur, أن الحديث عن ترشيح الرئيس مبارك لفترة رئاسة سادسة, مجرد تكنهات, خاصة بعد أن أعلن الدكتور علي الدين هلال, أحد كوادر الحزب الوطني الحاكم, وصانعي سياسته مع نخبة قليلة العدد, أن مرشح الحزب سيعرف بصورة أدق خلال أغسطس القادم. وبررت موقفها من أن الحالة الصحية, واستمراره في السلطة لأكثر من 31 عاما, يجعل من فرص ترشيح نجله, جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب, وأمين لجنة السياسات, مطبخ صنع السياسات, أمرا غير مستبعد, وإن لم يكن مؤكدا, إلا أنه لا يجب تجاهله.
هذا وأشارت شبكة أخبار يورو نيوزEuro News, إلي أن تضييق الحزب الحاكم لم يتوقف علي الإخوان المسلمين, وإنما امتد ليشمل حزب الوفد, عندما رفض التليفزيون الحكومي العام, حملة إعلانات للحزب, وهو ما دفع رئيس الحزب التهديد بالانسحاب من الانتخابات شأن بعض القوي الحزبية, وحاجة الحزب لضمانات من الرئيس مبارك للرجوع عن قرار مقاطعة الانتخابات, وهو ما وضع الحزب الوطني الحاكم في موقف محرج, وتمت الاستجابة لمطالب حزب الوفد, لتجميل الصورة الانتخابية.