مصر كلها تعيش العد التنازلي ليوم 28نوفمبر الجاري أول أيام انتخابات مجلس الشعب في مرحلتها الأولي, فمن المعروف أن هذه الانتخابات سوف تحظي بالإشراف الكامل للسلطة القضائية ومن أجل تحقيق ذلك وأن يكون هناك قاض لكل صندوق تم تقسيم محافظات مصر إلي ثلاث مجموعات كل مجموعة تحدد لها تاريخ للانتخاب يتبعه بعد أسبوع تاريخ محدد لانتخابات الإعادة…المرحلة الأولي 28 نوفمبر والإعادة 5 ديسمبر, المرحلة الثانية 14ديسمبر والإعادة 21 ديسمبر المرحلة الثالثة 3يناير في مستهل العام القادم 2012 والإعادة 10يناير.
وطني حرصت علي حث المواطنين علي أداء واجبهم الوطني في المشاركة في الانتخابات البرلمانية-مجلس الشعب أولا ثم مجلس الشوري- لأن مصر مقبلة علي مرحلة حاسمة في تاريخها بعد ثورة25يناير حيث يتم إعادة رسم وصياغة شكل الدولة ودستورها ورئاستها ومؤسساتها, ولم تعد الانتخابات البرلمانية عملية صورية نتيجتها محسومة سلفا لصالح زمرة مهيمنة علي السلطة بل تموج الساحة السياسية الآن بأحزاب وتيارات متنافسة كل منها يطمح في الصعود علي المسرح السياسي ليلعب دورا مهما مؤثرا في هذه المرحلة.
ولا يخفي علي أحد أن المناخ المريض الذي كان يحكم المشاركة السياسية قبل الثورة وكانت آخر فصوله المأساوية الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ نحو عام في نوفمبر 2010,نتج عنه عزوف مؤسف لأغلبية القوي التصويتية عن الذهاب لصناديق الانتخاب حتي بات مخجلا الإعلان عن نسبة إقبال المصريين علي التصويت-تلك النسبة التي تراوحت بين15% و20%-وأصبح معروفا أن مصر تمتلكأغلبية صامتة لاتكترث بصندوق الانتخاب,وتعتبر أن أصواتها ليست لها قيمة ولن تغير في الأمر شيئا.
لكن جاءت ثورة 25يناير لتحطم كل أصنام السلطة وتفتح ساحة المشاركة السياسية وتدعو جميع المصريين لاستعادة دورهم المهم في تقرير شئون بلدهم ورسم مستقبلها, وكان أول اختبار في هذا الصدد دعوة الشعب لاستفتاء 19مارس حول تعديل بعض بنود الدستور الخاصة بسلطات رئيس الجمهورية وفترات الرئاسة,والحقيقة أن الأغلبية الصامتة تفاعلت مع الدعوة بحماس غير مسبوق, ولأول مرة تشاهد الأجيال التي لم تعاصر مصر الليبرالية التي كانت قبل ثورة يوليو1952 شتي طبقات المجتمع وسائر المراحل العمرية من جميع الأطياف تصطف الساعات في طوابير منتظمة متحضرة للإدلاء بأصواتها في الاستفتاء…صحيح أن نسبة الإقبال قفزت من نحو 20% إلي نحو40% فقط لمن القوي التصويتية, لكن ذلك كان مؤشرا مشجعا علي أن هناك تغييرا ملموسا في نظرة المصريين لواجبهم الانتخابي ورغبتهم في المشاركة للتعبير عن رأيهم في مستقبل بلدهم, كما أن التوقعات تشير إلي أن تلك النسبة في طريقها إلي الزيادة في الانتخابات المقبلة…والدليل علي ذلك أن حديث الانتخابات بات حديث الساعة في كل مجلس وفي كل لقاء, والندوات والاجتماعات تجري علي قدم وساق لتوعية الناخبين بقانون الانتخاب وتشريح الخريطة الحزبية ونظام الانتخاب للفردي وللقوائم وكل ما يتصل بضمان المشاركة السليمة لجميع أطياف الشعب.
وإذا كانت تلك هي الصورة المشرقة المتفائلة التي تسود بين الكثيرين إلا أن هناك كثيرين أيضا مازالوا أسري الهواجس والفزع والإحجام عن المشاركة…هواجس تستدعي آليات وسلوكيات سادت انتخابات سابقة ازاحتهم عن المشاركة,منها غياب الأسماء عن الكشوف الانتخابية والتلطم بين اللجان الانتخابية في محاولة العثور علي الاسم بلا جدوي, ومنها التعرض للعنف والبلطجة للإقصاء عن التصويت,ومنها مخاوف الفساد والتلاعب في الصناديق وتزوير النتائج…ومنها أيضا سيطرة التيارات الدينية واستخدام الشعارات الدينية بالترغيب والترهيب لاستمالة البسطاء في ظل عجز السلطات عن إيقاف ذلك.
لهؤلاء أقول التحدي ماثل أمامنا جميعا أن نخرج بلا تردد لنشارك وأن نلقي كل أشكال الخوف والفزع جانبا لأن من يشيعون تلك الأشكال يراهنون علي إقصائنا من الساحة لتخلو لهم, إن الأغلبية الصامتة عليها مسئولية تاريخية تجاه مصر وهي القادرة بتحركها أن تضمن الوصول لبر الأمان…الأغلبية الصامتة يجب أن تدرك أنه من العسير هزيمتها من جانب أي تيار أو فصيل سياسي لايعبر عن أحلامها إن هي خرجت لصندوق الانتخاب, لكن إن لم تخرج فستكون هزمت نفسها بنفسها.
أما لمن يقولون إنهم عاقدون العزم علي المشاركة لكنهم حتي الآن لا يعرفون كيفية ذلك ولا يستطيعون المفاضلة بين المرشحين, أكرر أنوطني ماضية في تقديم العون اللازم لهم في هذه الصدد…نشرنا في العدد قبل الماضي(6نوفمبر) جدول تقسيم دوائر النظام الفردي لمجلس الشعب, ونشرنا في العدد الماضي(13نوفمبر) جدول تقسيم دوائر نظام القوائم بالإضافة إلي شرح مبسط ومفصل حول كيفية المشاركة في يوم الانتخاب…وننشر في هذه العدد والعدد التالي أيضا كشوف أسماء مرشحي الفردي والقوائم للدوائر الانتخابية للمرحلة الأولي, ثم نتبع ذلك في الأسابيع التالية بكشوف المرشحين للمرحلتين الثانية والثالثة,وسوف نواصل هذا الجهد بإذن الله لانتخابات مجلس الشوري أيضا…لأنوطني عاقدة العزم علي الإسهام في إنارة طريق المشاركة لكل المصريين الوطنيين في مسيرة إنقاذ مصر ورسم مستقبلها.