الإيجابيات: مكافحة ختان الإناث,وصدور حكمين قضائيين في قضايا التحرش الجنسي
انتقد تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان لعام 2008 الحكومة المصرية,وقال إنها لم تحترم حريات الصحافة وتكوين الجمعيات,والحريات الدينية ووجه التقرير اتهاما للحكومة بأنها تمارس القتل غير الشرعي ضد عشرات المواطنين.سواء عبر تعذيب المواطنين في أقسام الشرطة أو من خلال إطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين,وأكد استمرار تقييد الحريات الدينية وحريات التعبير,مشيرا إلي أن أعضاء الديانات التي لاتعترف بها الحكومة واجهوا معاناة شخصية وجماعية.
قدمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للتقرير قائلةتعزيز حقوق الإنسان جزء أساسي في سياسة الولايات المتحدة الخارجية التي تسعي للارتقاء بحقوق الإنسان وذلك بمشاركة الأمم والشعوب الأخري في جميع أنحاء العالم,وتعهدت وزيرة الخارجية بالعمل مع المنظمات غير الحكومية والزعماء الروحيين والمربين لإقامة عالم تصبح فيه حقوق الإنسان أمرا مقبولا.
جاء في التقرير أن عددا متزايدا من الناس يطالب بقدر أكبر من الحريات الشخصية والسياسية,لكن العديد من الحكومات تقاوم هذا الاتجاه حيث تفرض قوانين ونظما مقيدة,وقمعية ضد المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام,بما فيها شبكات الإنترنت,كما أن العديد من المدافعين الجسورين عن حقوق الإنسان الذين ضغطوا بصورة سلمية للمطالبة بحقوقهم وحقوق إخوتهم من المواطنين كانوا عرضة للمضايقة والتهديد والاعتقال والسجن والقتل,فيما تعرضوا لممارسات ثأرية عنفية مورست خارج نطاق القضاء.
وقال التقرير في مقدمته إن احترام الحكومة المصرية لحقوق الإنسان ظل ضعيفا لاسيما في ظل التجاوزات الخطيرة التي استمرت في العديد من المجالات ,وعدم قدرة المواطنين علي تغيير حكومتهم,واستمرار حالة الطواريء منذ عام 1967 واستخدام قوات الأمن للقوة المميتة التي لامبرر لها,لكن التقرير قال إن هناك جوانب إيجابية في أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال العام الماضي,مثل جهود الحكومة في مكافحة ختان الإناث,وصدور حكمين قضائيين في قضايا التحرش الجنسي.
ضحايا التعذيب
تناول القسم الأول من التقرير المعنوناحترام حقوق الإنسانعمليات التعذيب في أقسام الشرطة والاحتجاز غير المبرر,رغم أن المادة 42 من الدستور تحظر إلحاقضرر جسدي أو معنويبالأشخاص الذين يتم اعتقالهم أو احتجازهم.وأضاف التقرير أنه علي الرغم من قيام الحكومة بالتحقيق في شكاوي التعذيب في بعض القضايا الجنائية وتم عقاب بعض ضباط الشرطة لكن هذه العقوبات لاتتفق مع خطورة الجرائم.
انتقد التقرير أوضاع السجون ومراكز الاعتقال ووصفها بأنها لاتزال فقيرة,فالزنزانات مكتظة وتنعدم الرعاية الطبية والعناية الصحية الملائمة,والغذاء,والمياه النظيفة,والتهوية,وهو ما يؤدي إلي انتشار السل علي نطاق واسع,وغيرها من الاعتداءات الجنسية.
ولم تسمح الحكومة بزيارات للسجون أو غيرها من أماكن الاحتجاز من جانب أي من المراقبين المستقلين لحقوق الإنسان خلال العام الماضي,علي الرغم من الطلبات المتكررة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات المحلية والدولية,وظلت بعض السجون مغلقة تماما أمام الجمهور.
مراقبة الاتصالات
تضمن هذا القسم بابا عن التدخل التعسفي في الخصوصية للأسرة والمنزل,والمراسلات.وقال التقرير إن الدستور ينص علي حرمة المنزل والمراسلات والمكالمات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال,إلا أن قانون الطواريء يعوق التمتع بالحق في الخصوصية.علاوة علي ذلك فإن السلطات في قضايا الإرهاب تجاهلت الضمانات الدستورية لخصوصية الاتصالات الشخصية والسكنية.وبموجب القانون يجب الحصول علي إذن من المحكمة قبل الشروع في عمليات البحث والتنصت ولكن بعض مراقبي حقوق الإنسان أكدوا أن الحكومة عادة ما تنتهك القانون,وكثيرا ما وضعت أجهزة الأمن الناشطين السياسيين والصحفيين, والأجانب, والكتاب تحت المراقبة وفحص مراسلاتهم خاصة البريد الدولي.
تقييد الرأي
خصص التقرير القسم الثاني لاحترام الحريات المدنية,ومن أبرزها حرية الرأي والتعبير والصحافة,وأشار إلي قيام الحكومة بتقييد هذه الحريات جزئيا في الممارسة العملية لاسيما من خلال استخدام قانون الطواريء.ومع ذلك فإن المواطنين أعلنوا عن آرائهم بشأن طائفة واسعة من القضايا السياسية والاجتماعية,ووجهوا انتقادات قوية للمسئولين الحكوميين والسياسات واستمر النقاش العام حول الإصلاح السياسي,وحقوق الإنسان,والفساد وحرية الصحافة,والقضايا المتصلة بها,واستطرد التقرير موضحا أن هناك عددا من الإجراءات الحكومية اتخذت لتقييد حرية الرأي والتعبير,منها عمليات اعتقال علي نطاق واسع من المدونين وتحريك دعاوي قضائية ضد الصحفيين المستقلين ,وفرض قيود علي منظمات المجتمع المدني.
وانتقد التقرير القضايا المرفوعة ضد الدكتور سعد الدين إبراهيم بتهمة الإساءة إلي صورة البلاد لكتابة سلسلة من المقالات عن الديموقراطية .
وكشف التقرير عن حظر السلطات عددا من الكتب وعدم دخولها معرض القاهرة الدولي للكتاب من بينها أربعة أعمال للتشيكي ميلان كونديرا والمغربي محمد شكري وذلك بحجة أنها تتضمن إشارات جنسية وتعاطي للمخدرات.كما منعت السلطات رواية الحب في المملكة العربية السعودية وروايتي امرأة من الرمل ونبات المر للكاتبة. اللبنانية حنان الشيخ.
قيود الإنترنت
حول حرية الإنترنت أكد التقرير مراقبة الحكومة للشبكة العنكبوتية وقيامها بحجب العديد من المواقع إضافة إلي أنها طلبت من مقاهي الإنترنت تدوين البيانات الشخصية لمستخدمي الشبكة علاوة علي أسماء وعناوين البريد الإلكتروني,وأرقام الهاتف,وهذا الإجراء وصف بأنه يزيد الرقابة وينتهك خصوصية المستخدمين,وفي هذا السياق يبلغ عدد مستخدمي الشبكة في مصر ما يقرب من عشرة ملايين شخص منهم أكثر من 160 ألفا لديهم مدونات خاصة بهم,واعتقلت الشرطة أحد الناشطين الذين ساهموا في تنظيم إضراب عام عن طريق الإنترنت ثم تم الإفراج عنه .
تنظيم المظاهرات
ينص الدستور علي حرية التجمع إلا أن الحكومة -وفقا لما جاء بالتقرير- تحد من ممارسة هذا الحق,فيجب علي المواطنين الحصول علي موافقة من وزارة الداخلية قبل عقد اجتماعات عامة,وتجمعات ومسيرات الاحتجاج,لكن وزارة الداخلية ترفض منح تصاريح لبعض الأحداث السياسية.كما أصدر البرلمان قانونا لتجريم الاحتجاجات في أماكن العبادة والمناطق المحيطة بها,وأشار إلي أن شرطة مكافحة الشغب التي تنشرها وزارة الداخلية لاحتواء المظاهرات استخدمت القوة المفرطة في بعض الأحيان,كما هو الحال في صدامات المحلة, بينما أبدت السلطات قدرا كبيرا من التسامح تجاه المظاهرات السلمية التي نظمتها جماعات المعارضة والناشطون الذين يحتجون علي سياسات الحكومة.
حرية الاعتقاد
في الجزء الخاص بحرية الدين أكد التقرير أن الدستور ينص علي حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية,إلا أن الحكومة تحد من ممارسة هذه الحقوق خاصة أعضاء الديانات غير المعترف بها,ومنهم البهائيون الذين تعرضوا لمصاعب فردية وجماعية كبيرة حيث يحظر القانون نشاط المؤسسات البهائية والأنشطة المجتمعية لهم,وجرد البهائيين من الاعتراف القانوني,واستمرت الحكومة في عدم إعطائهم وثائق مدنية,بما فيها بطاقات الهوية وشهادات الميلاد,وعقود الزواج والوفاة ,والحصول علي جوازات السفر,وتسجيل الأطفال في المدارس وفتح الحسابات المصرفية.
أشار التقرير إلي حكم محكمة الاستئناف بالإسكندرية في 24 سبتمبر الماضي الذي أيد حكم محكمة الأسرة لعام 2006 بحصول والد الطفلين ماريو وأندرو مدحت رمسيس علي حضانة ولديه,وهذا الحكم من شأنه أن يسمح له بتحويل الأطفال إلي الإسلام,ورغم أن المادة 20 من القانون المدني تنص علي منح حضانة الأطفال لأمهاتهم حتي سن 15 سنة.
تعرض التقرير لقيام مئات من المسلمين يوم 24 نوفمبر بالهجوم علي المصلين بمبني غير مرخص به يتبع كنيسة في منطقة عين شمس في القاهرة,وكذلك لاستمرار اعتقال اثنين من الأقباط متهمين بقتل المسلم الذي توفي في الهجوم علي دير أبو فانا.كما واصلت الحكومة تمييزها ضد غير المسلمين في العمل في القطاع العام وتولي المناصب القيادية.
تناول التقرير معوقات بناء وترميم الكنائس,وأكد أن القانون يقضي بالحصول علي موافقة المحافظ لإصلاح أو تجديد,أو توسيع الكنائس ولكن توجد ثغرات في القانون تستغل لمنع تنفيذها علي سبيل المثال,بعض السلطات المحلية ترفض الطلبات دون النظر إلي الوثائق الداعمةالمرفقة وبدون إبداء الأسباب,كما تمنع قوات الأمن أحيانا تنفيذ التصاريح التي صدرت لترميم بعض الكنائس والمباني.
تراجع للوراء
تعرض القسم الثالث من التقرير لاحترام الحقوق السياسية,وأكد حدوث قيود علي حقوق المواطنين في تغيير حكومتهم بصورة سلمية,وقد أجريت انتخابات المحليات في 8 أبريل ووصفها التقرير بأنها خطوة إلي الوراء في السياسة المصرية,حيث شهدت الانتخابات العديد من الانتهاكات والمخالفات من أبرزها شطب المعارضين والتضييق عليهم ومنع المراقبين من دخول مراكز الاقتراع,والعنف بين أنصار مختلف المرشحين,والتصويت الجماعي,وشراء الأصوات والقيام بعمليات فرز الأصوات قبل إغلاق مراكز الاقتراع,وحدوث نقص في بطاقات الاقتراع في بعض مراكز الاقتراع…والخلاصة أن الحزب الوطني الحاكم واصل السيطرة علي وضع السياسة العامة للدولة واحتفظ بالأغلبية الساحقة في مجلسي الشعب والشوري,كما هيمن علي المحليات ووسائل الإعلام,ومنح التراخيص الجديدة للأحزاب السياسية والصحف والجمعيات الأهلية وقد رفضت طلبات تأسيس 12 حزبا سياسيا.
يذكر أن الكونجرس الأمريكي ألزم وزارة الخارجية بكتابة تقرير سنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في كل دول العالم,وتضمن تقرير عام 2008 (194) بلدا.وأشار إلي أنه في العام الحالي,خلال عهد الرئيس أوباما,فإن الولايات المتحدة لاتنزعج من التمحيص في سجلها لحقوق الإنسان ولاينبغي علي أية حكومات أخري أن تعتبر التقرير السنوي تدخلا في شئونها الداخلية.
وتقوم سفارات الولايات المتحدة في البلدان المختلفة بإعداد المسودات الأولية لهذا التقرير حيث تعمل علي جمع معلومات من مصادر مختلفة منها مسئولون حكوميون,ومنظمات غير حكومية وصحفيون,ومراقبو حقوق الإنسان,ورجال القانون,والأكاديميون ومتابعة دقيقة لما ينشر بالصحف بالإضافة إلي بعض الزيارات التي يقوم بها مسئولون في الخارجية الأمريكية.