أصدر المركز المصري لحقوق المرأة تقرير حالة المرأة المصرية خلال عام2010 موضحا أهم ملامح القوة والصعف, واستنكرت الأستاذة نهاد أبو القمصان رئيسة المركز اعتبار شغل النساء لأي منصب لم تشغله امرأة من قبل, سواء رفيع أو متواضع هو منحة سياسية وتسامح اجتماعي وليس حقا من حقوق المواطنة في دولة من المفترض أن تكون المعايير قائمة علي الكفاءة.
تصدر رفض مجلس الدولة المصرية تعيين النساء كقاضيات المشهد العام في النصف الأول لعام 2010, ولكن سرعان ما تراجع في النصف الثاني ليحل محلة دخول المرأة البرلمان لمدة مؤقتة في ظل نظام الكوتة.
كما شهد عام2010 أحداثا عديدة تمحورت حول المرأة سلبا وإيجابا وإن كان معظمها سلبيا ويعبر عن تراجع اجتماعي للمرأة المصرية, تعيين امرأة هنا أو هناك يشار إليه بالبنان رغم عدم تعدية حالات فردية لكن يغطي علي واقع أصبح ضاغطا علي المرأة ويجعلها رهينة المنح, أزمات سياسية واقتصادية يعاني منها جميع أفراد المجتمع, أزمات نوعية تعاني منها النساء لكونهن نساء يدفعن ثمنا مضاعفا من التمييز والعنف وغياب الحماية.
فعلي مستوي المناصب القيادية وصنع القرار, تم تعيين سيدة رئيسا لجامعة طنطا -لتصبح بذلك ثاني سيدة تتولي منصب رئاسة جامعة مصرية, كما تم تعيين بعض النساء في مهن لأول مرة, حيث تم تعيين أول مأذونة في صعيد مصر, وكذلك تعيين امرأة رئيسا لجهاز مدينة في بيئة المجتمعات العمرانية الجديدة, وترقية ثلاث سيدات لمنصب نائب رئيس جهاز بهيئة التنمية العمرانية الجديدة, كما تم تعيين عدد من السيدات مديرات لمراكز الشباب في أجواء من الرفض من بعض من بعض أصحاب المصالح في هذه الإدارات.
وصف البعض عام2010 بأنه عام الاعتصامات ولاسيما في النصف الأول منه, حيث تصاعدت حدة الاحتجاجات والإضرابات المعبرة عن حالة الاحتقان الجماعي التي يعانيها الشعب المصري بجميع فئاته, وظهرت المرأة في اعتصامات خاصة بها باعتبارها جزءا من قوة العمل أو تضامنا مع الزوج, وقد تعددت هذه الاضرابات علي مختلف المستويات, علي المستوي الطبي والتعليمي والمهني وغيرها, كما تصدر المشهد عددا من الاعتصامات احتجاجا علي التحرش والاعتداءات الجنسية.
عنف متزايد
هذا وقد اتضح زيادة عدد جرائم العنف التي ارتكبت بحق المرأة في النصف الثاني عن سابقتها في النصف الأول, وقد بلغ إجمالي عدد جرائم العنف ضد المرأة التي أعلن عنها في الصحف هذا العام 1306 جرائم, جاءت جرائم التحرش الجنسي في مقدمة هذه الجرائم بنسبة بلغت71.4%, كما أن هناك ارتفاعا مطردا في جرائم العنف فقد جاءت جرائم العنف الأسري في المرتبة الثانية بنسبة بلغت 10.7%, ومن الخطير في الأمر تزايد التسامح الاجتماعي تجاه العنف الأسري, فبحسب تقرير مسح النشء والشباب 2010 الذي أجراه مركز المعلومات تبين أن ثلثي الشباب يرون أن ممارسة العنف الأسري له ما يبرره في بعض المواقف!!
احتلت جرائم الاغتصاب المرتبة الثالثة من الجرائم المعلن عنها بنسبة بلغت7.5% ثم جرائم الشرف بعدد 84 جريمة ونسبة 6.4% , ثم العنف من طرف أمني بعدد 29 جريمة ونسبة 2.2% وأخيرا العنف المؤسسي بنسبة وصلت إلي 1.6%.
النساء كوقود للفتنة الطائفية
أشار التقرير إلي ردود الفعل والمناظرات والسجال في الصحف والإعلام فيما أسموه باختفاء كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين واندلاع الاحتجاجات الغاضبة في الإسماعيلية إثر اختفاء فتاة مسيحية ثم ظهورها بعد ذلك لتعلن أنها أشهرت إسلامها وستتزوج من شاب مسلم, وتكرار هذا المشهد في العديد من المحافظات, وأوضحت نهاد أبو القمصان قائلة: مع التأكيد علي رفض القيد علي حرية العقيدة بأي شكل, إلا أن ما يتم من حشد ومظاهرات لايعد سوي استخدام القضية لأسباب سياسية وطائفية في الوقت الذي تعاني فيه عشرات الآلاف من الفتيات المقيمات في الشارع أولاد الشوارع أو من سقطت منازلهن من البقاء في العراء عرضة لكافة أنواع الانتهاكات دون أن يثور لهن المجتمع أو يتظاهر من أجل حقوقهن.
فجوات باقية بين الجنسين
كما استند التقرير إلي عدد من التقارير الدولية والإقليمية فقد أشار تقرير المنتدي الاقتصادي العالمي حول المساواة بين الجنسين 2010, إلي تأخر وضع مصر في التغلب علي الفجوات الموجودة بين الجنسين حيث احتلت مصر مكانة منخفضة للغاية مقارنة بباقي دول العالم(125 من 134 دولة) فيما يتعلق بالفجوة بين الجنسين في التمكين السياسي.
وإن كانت الانتخابات البرلمانية التي جرت هذا العام(2010) محطة بالغة الأهمية لأنها شهدت تطبيقا لنظام الكوتة لأول مرة بعد تعديل القانون رقم38 لسنة 72 في شأن مجلس الشعب. والذي أقر بتقسيم دوائر انتخابية إضافية لانتخاب 64 عضوا, يقتصر الترشيح فيها علي المرأة, ويكون ذلك لفصلين تشريعيين إلا أنه استمر وضع المرأة في الأحزاب المصرية يتسم بالضعف العام, فنجد تفاوتا ملحوظا فيما يتعلق بتعيين المرأة في مواقع صنع القرار داخل الحزب وداخل الهيئات العليا والأمانات العامة وكذلك اللجان الحزبية, إذ أنه وبالرغم من تواجد, 24 حزبا سياسيا في الساحة السياسية إلا أن الوضع في مجمله يدل علي ضعف تمثيل المرأة في الأحزاب السياسية.
المرأة في كتب المدرسة مازالت في المطبخ
علي الرغم من تبني السياسات الحكومية إنشاء مدارس لسد الفجوة النوعية للفتيات, في مرحلة التعليم الابتدائي وإنشاء مدارس تعليم الفتيات منذ عام2003 بالإضافة إلي مدارس الفصل الواحد ومدارس المجتمع التي أنشئت منذ عشرين عاما لسد الفجوة تضمين اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة في المناهج الدراسية لبعض كليات الجامعات المصرية وخاصة كلية الحقوق وقيام وزارة التربية والتعليم بإجراء تعديلات علي بعض المناهج الدراسية وإدخال اتفاقية حقوق الطفل, فإن الحكومة لم تتبن المنهج الحقوقي والمساواة في المناهج الدراسية بالرغم من إدخال اتفاقية حقوق الطفل ببعض المناهج إلا أنه لم يتم تناول اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة بتلك المناهج, كذلك هناك تضارب في المفهوم الحقوقي بالمناهج التعليمية لمرحلة التعليم الأساسي 2008, يؤكد هذا المحتوي علي استمرار الصورة النمطية للمرأة ككائن استهلاكي ولايصلح إلا للأعمال المنزلية دور الأم أو المعلمة فقط أما الرجل فهو صانع الأعمال الكبير خارج المنزل والصبي دوره اللعب أو المذاكرة أما الفتاة فهي بديلة عن الأم في الأعمال المنزلية.
توصيات
خرج التقرير بمجموعة من التوصيات أهمها سرعة إصدار قانون لمواجهة العنف المنزلي واعتباره جريمة مخلة بالشرف والتدريب علي النهج المناسب للتعامل مع العنف المنزلي. وينبغي إنشاء وحدات خاصة داخل مراكز الشرطة لتلقي البلاغات عن الجرائم الجنسية والجرائم المتصلة بالعنف المنزلي…وعلاوة علي ذلك ضرورة تغيير الإجراءات بما يسمح بأن تتولي ضابطات مسئولية التحقيق في التحرش الجنسي أو ضحايا الاغتصاب التدريب علي النهج المناسب للتعامل مع العنف المنزلي وينبغي إنشاء وحدات خاصة داخل مراكز الشرطة لتلقي البلاغات عن الجرائم الجنسية والجرائم المتصلة بالعنف المنزلي وعلاوة علي ذلك ضرورة تغيير الإجراءات بما يسمح بأن تتولي ضابطات مسئولية التحقيق في التحرش الجنسي أو ضحايا الاغتصاب.
علي وزارة التربية والتعليم إطلاق مبادرة مستدامة, وطويلة الأجل لتوفير فرص للتغيير والتحول في المواقف والممارسات من إدارة المدرسة والمعلمين فيما يتعلق بأدوار الجنسين مع تطوير المناهج الدراسية.
علي الحكومة المصرية اعتماد تشريعات قانونية للتصدي للتحرش الجنسي. فمعظم النساء تعانين من التحرش يوميا, إلغاء التمييز ضد المرأة في مواقع صنع القرار وتعميم تجربة الكوتة لتشمل كافة المجالس المنتخبة في اتحادات طلابية وعمالية إلي نقابات وروابط المجال التمثيلية.
ضرورة ربط نظام الكوتة باتخاذ خطوات للإصلاح السياسي الشامل وإحداث تنشئة سياسية مواتية وتفعيل دور الحركة النسائية لمساندة التعديلات التشريعية.
التأكيد علي تحسين وتطوير أداء عضوات المجالس المنتخبة الشعبي والبرلماني واستمرار التواصل مع القواعد الشعبية لتأكيد ثقة المجتمع فيهن واشراك قطاعات واسعة من النساء في مناقشة مشروعات القوانين الخاصة بالمرأة وعرضها علي النساء بمختلف فئاتهن لإبداء رأيهن فيها قبل صدورها.
[email protected]