عرض وتحليل:ميرفت عياد
الحق يجعل نفسه واضحا لأولئك الذين يحبونه ولكني أظن أنه يخفي نفسه ويسعي إلي أن يحتجب عن أفكار الماكرين فهم لايظهرون أنفسهم مستحقين أن ينظروا الحق برؤية واضحة..فإن الله يحمي الذي ينادي بحقه ولكنه يزعزع بشدة قوة أعدائه ويلاشيهم ويبطل خططهم حتي أنهم لايصلون إلي الهدف الذي كانوا يتوقعونه.
هكذا لم يجد نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي أعذب من كلمات القديس كيرلس الكبير ليستهل بها كتابهالرد علي البهتان في رواية يوسف زيدان..بحث وثائقي تاريخي وعقائدي لمواجهة عزازيل.
ويعد هذا الكتاب ردا لاهوتيا وتاريخيا موثقا بالبراهين المستندة إلي أقدم المخطوطات الحقيقية غير الزائفة وذلك لتصحيح الأضاليل التي أوردها الدكتوريوسف زيدان رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية في روايته عزازيلوالتي مزج فيها الأدب الروائي بالتاريخ والعقيدة والشرح اللاهوتي بنفس الأسلوب الذي كتب به دان براون روايته الشهيرة شفرة دافنشي وكسب من ورائها ملايين الدولارات.
والجدير بالذكر أن رواية عزازيل للدكتور يوسف زيدان الصادرة عن دار الشروق عام 2008 في حوالي 370 صفحة تدور أحداث الرواية في القرن الخامس الميلادي بين صعيد مصر والإسكندرية وشمال سورية,في فترة قلقة من تاريخ الديانة المسيحية,عقب تبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية وما تلي ذلك من صراع داخلي بين المسيحيين والوثنيين.
وأراد الدكتور يوسف زيدان أن يشعر القاريء بأن ما تتضمنه روايته من أحداث هي وقائع تمتلك مصداقية تاريخية ومستقاة من مصادر موثوق بها حيث استهل روايته بمقدمة قال فيها:يضم هذا الكتاب الذي أوصيت أن ينشر بعد وفاتي,ترجمة أمينة قدر المستطاع لمجموعة اللفائف التي اكتشفت قبل عشر سنوات بالخرائب الأثرية الواقعة إلي جهة الشمال الغربي من مدينة حلب السورية…وقد وصلتنا بما عليها من كتابات سريانية قديمة في حالة جيدة,نادرا ما نجد مثيلا لها,مع أنها كتبت في النصف الأول من القرن الخامس الميلادي…محفوظة في صندوق خشبي,محكم الإغلاق,أودع فيه الراهب المصري الأصل هيبا ما دونه من سيرة عجيبة وتاريخ غير مقصود لوقائع حياته القلقة,وتقلبات زمانه المضطرب.
تستعرض الرواية جوانب من الحياة الروحية للراهب هيباالذي ولد بأخميم في جنوب مصر,في ذروة الصراع بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية التي انتشرت بمصر,حيث يدخلهيباالدير ويتعلم الطب ثم يهرب إلي الإسكندرية,فيري اضطهاد المسيحيين بالمدينة لليهود والوثنيين,ويرحل هيبا من مصر عبر سيناء إلي فلسطين,ويبقي في القدس فترة ثم ينطلق منها إلي سورية,ليقيم في حلب ومن هناك يكتب سيرته وذكرياته الذي يغريهعزازيلأي الشيطان بكتابتها.
وبالعودة إلي كتاب نيافة الأنبا بيشويالرد علي البهتان في رواية يوسف زيدان..بحث وثائقي تاريخي وعقائدي لمواجهة عزازيلنري أنه يقع في حوالي 375 صفحة مقسمة إلي ثلاثة أبواب رئيسية ويشير في المقدمة إلي أن هذا الكتاب يواجه الحجة بالحجة في الرد علي الأهداف الهدامة في رواية الدكتورزيدانالذي لن يجديه نفعا الاحتجاج المستمر بأن هذا نوع من الأدب الروائي الذي لادخل لرجال الدين فيه,لأنه استخدم شخصيات حقيقية في تاريخ المسيحية وأقوالا وأحداثا,نسبها إليهم بقصد تشويه صورة وسمعة كنيسة الإسكندرية وعقائدها ودفاعها عن الإيمان المستقيم في المسيحية.
ويبدأ نيافةالأنبا بيشويفي كتابه بتوضيح الخلط الذي قام به دكتورزيدانفي روايته بين ألكسندروسأسقف الإسكندرية الذي تنيح سنة 328م قبل وفاة أريوس بثماني سنوات,وألكسندروس أسقف القسطنطينية الذي عاصر واقعة موت أريوس سنة 336م.وادعاؤه بأن أريوس مات مسموما,يقول في روايته علي لسان نسطور:لم يرضوا له أن يموت في سلام,ولما انخدع وذهب ليلتقي بالأسقف إسكندر…لقي أريوس مصيره المفجع ومات مسموماوهذا يخالف الحقيقة المثبتة في أشهر المراجع الأجنبية المعول عليها علميا وعالميا فيما يخص التاريخ الكنسي,بالإضافة إلي ما ذكره المؤرخون الأنطاكيون والذي يؤكد أن أريوس مات فجأة بسبب انسكاب أحشائه وذلك في سنة 336 ميلادية وشهد الكثيرون موته كعقاب من السماء.والعجيب أن الدكتورزيدانادعي في روايته أن الإمبراطور هو الذي حرم أريوس وحكم بهرطقته ليرضي أسقف الإسكندرية ويصير بذلك نصير المسيحية هذا مع أنه المثبت كنسيا أن ليس من سلطة الإمبراطور أن يحرم أحدا وأن الذين حرموا أريوس هم الأساقفة في مجمع نيقية.
التزييف في أحداث مجمع نيقية
ويشير نيافةالأنبا بيشويفي كتابه إلي أن الدكتورزيدانزيف في أحداث مجمع نيقية -أحد المجامع المسكونية الثلاثة التي يؤمن بها كل المسيحيين علي اختلاف طوائفهم -حيث ادعي في روايته أن الإمبراطور قسطنطين ترأس المجمع فنراه يقول علي لسان نسطور:فدعا كل رؤوس الكنائس إلي المجمع المسكوني وأدار جلساته وتدخل في الحوار اللاهوتي ثم أملي علي الحاضرين من الأساقفة والقسوس القرارات,هذا مع أن المثبت تاريخيا فيموسوعة المسيحية المبكرةأن الإمبراطور رأس المجمع رئاسة شرفية حتي إنه لم يكن له حق التصويت,كما أنه سمح للأساقفة أن يديروا المناقشات اللاهوتية حتي اتفقوا علي صيغة قانون إيمان موحد لكل المسيحيين فيه تأكيد علي الوهية السيد المسيح ومساواته للأب في الجوهر والأزلية.
ويؤكد نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدانذكر في روايته نفس الإيحاءات والمعلومات التي أوردها المؤلفدان براونفي روايته شفرة دافنشيبأن الإمبراطور قسطنطين قد أحرق كل الأناجيل ما عدا الأناجيل التي تثبت ألوهية السيد المسيح حيث قال علي لسان هيبا:أمر الإمبراطور يا أبت…بإحراق كل الأناجيل التي بإيدي الناس,عدا الأربعة المشهورةولكن من المعروف تاريخيا أن الكنيسة عانت في عصور الاضطهاد التي مرت عليها من إبادة أعداد خيالية من الكتب المقدسة وبالأخص في عصر داكيوس ودقلديانوس وحتي صدور مرسوم ميلان للتسامح الديني عام 313م ولكن مازالت بين أيدينا الآن نسخ كاملة من المخطوطة الفاتيكانية والسينائية والمخطوطة الإسكندرانية للكتاب المقدس كاملا.
هدم معبد السرابيوم
ويذكر نيافةالأنبا بيشوي في كتابه أن الدكتور زيدان قال علي لسان نسطور:هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين كانت في ابتداء أمرها ساقية في مواخير الرهاهذا مع أن من الثابت عند آباء الكنيسة أن هيلانة كانت ابنة قسيس سرياني وكانت إنسانة تقية تحب الصلاة والصوم ويذكر لها سعيها في البحث عن خشبة الصليب المقدس حتي وجدتها كما أنها شيدت كنيسة القيامة,هذا إلي جانب العديد من الكنائس العظيمة والجميلة في القدس ومصر.
ويري نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتورزيدانقام في روايته بتبديل الأدوار حيث جعل المسيحيين يقومون بما فعله الوثنيون والعكس حيث قال علي لسان هيبا:إنه تمثال الإله كانوا يسمونه سيرابيس,وقد استبقاه أسقف الإسكندرية ثيئوفيلوس من معبد السرابيوم بعدما هدمه علي رؤوس الوثنيين المعتصمين فيهوالحقيقة هي ما كتبه سقراط مؤرخا لتلك الواقعة التي حدثت عام 391 ميلادية حيث احتجز الوثنيون عددا كبيرا من المسيحيين في معبد السرابيوم وحاولوا إجبارهم علي تقديم الذبائح للأوثان,فلما رفضوا عذبوهم وقتلوهم حتي وصل منشور من الإمبراطور يأمر بهدم كل معابد الأوثان.
التزييف في أحداث مجمع أفسس
أيضا يوضح نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان بالغ في وصف هيباتيا الفيلسوفة الوثنية قائلا علي لسان هيبا:هيباتيا امرأة وقور وجميلة أو لعلها أجمل امرأة في الكون…وكأنها كائن سماوي هبط إلي الأرض من الخيال الإلهي ليبشر الناس بخبر رباني رحيموذلك لكي يشعر القاريء بفداحة جريمة قتلها التي وصفها ببشاعة زائدة تثير الاشمئزاز لدرجة تكفي أن يكره اللقاريء بشدة المسيحيين.ولكن الحقيقة كما أرخها سقراط أن هيباتيا وقعت ضحية للصراع السياسي بالإسكندرية الذي كان سائدا في ذلك الوقت وأن البابا كيرلس الرابع والعشرين بريء من التحريض علي قتلها.
ويعلن نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتورزيدانزيف في روايته أحداث مجمع أفسس وذلك علي لسان الراهب الفريسي قائلا:المجمع المقدس برئاسة الإمبراطور أعاد كيرلس إلي رتبته الأسقفية وأقر عزل نسطور…وقد صاغ المجمع قانونا جديدا للإيمان فيه إضافات علي القانون الذي أقر قبل مائة عام في نيقيةوهذا يناقض الواقع الذي ذكره المؤرخهيفليلأن الإمبراطور وبابا روما لم يحضرا المجمع الذي أقر فيه عدم استخدام قانون إيمان آخر غير قانون الإيمان الذي وضع في مجمع نيقية.
هيبا الرهاوي الهرطوقي
ويقرر نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان اتخذ من شخصية هيبا الرهاوي الهرطوقي مصدرا للشخصية الرئيسية في الرواية وهي هيبا الراهب المصري,والحقيقة أن هيبا الرهاوي قد ساند نسطور في مجمع أفسس الأول سنة 431م وقام بنشر تعاليمه عندما رسم مطرانا للرها,ونظرا لكثرة الشكاوي ضده بسبب إفساده للإيمان,تم حرمانه وتجريده من رتبة الكهنوت في مجمع أفسس الثاني,مما دفع هيبا إلي وصف سيء للقديس كيرلس,وهذا ما استغله الدكتور زيدان من خلال الراهب هيبا بطل روايته فقام باتهام القديس كيرلس بأنه يحرض المؤمنين علي القتل وأعمال العنف.
ويضيف نيافة الأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان أدعي في روايته بأن المسيحيين خربوا الإسكندرية وقتلوا اليهود والوثنيين وذلك علي لسان المترجم المزعوم قائلا:أمعن أهل الصليب في تخريب المدينة وقتل غير المسيحين من اليهود والوثنيينوالحقيقة أن دماء المسيحيين هي التي تدفقت في الإسكندرية وذلك بسبب الإمبراطور الذي أراد فرض مذهبه الخلقيدوني في مصر وظل الأقباط يعانون من القتل والتعذيب إلي أن دخل العرب مصر فوجدوا ترحيبا من الأقباط الذين ترجوا أن يجدوا خلاصا من الخلقيدونيين.
تشويه صورة المسيحيين والتعاطف مع الوثنيين
وينوه نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان تعاطف مع الوثنيين وشوه صورة المسيحية والمسيحيين حيث يصفهم وصفا رديئا علي لسان هيبا قائلا:كانوا قوما طيبين لولا أنهم لايكفون عن احتساء الخمر القوي,ولايهدأون عند سكرهم عن الغناء الهزلي الصاخب…قال أحدهم كان بالطبع مسيحياهذا إلي جانب تصويره لرجال الدين الأقباط علي طول الرواية بصورة منفرة قائلا علي لسان هيبا :قس ضخم أجش الصوت…بدأ خطبته الزاعقة فور دخوله عليناهذا وفي المقابل أبدي إعجابه بنسطور ووصفه بأحلي الأوصاف قائلا أيضا علي لسان هيبا:قس حقا,راهب يستحق التبجيلولعل هذه مفارقة تدعو إلي الالتفات.
ويتعجب نيافةالأنبا بيشويفي كتابه بما ذكره الدكتور زيدان في روايته بأن أسفار موسي الخمسة لم تدون إلا بعد عودة اليهود من السبي البابلي,لأن هذا يناقض ما ورد في الكتاب المقدس بعهديه ويتعارض أيضا مع ما ورد في القرآن في صورة البقرة آية53وإذا آتينا موسي الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون.
مجيء العائلة المقدسة إلي مصر
وينفي نيافةالأنبا بيشويفي كتابه تشكيك الدكتور زيدان في مجيء العائلة المقدسة إلي مصر علي لسان هيبا قائلا:كيف جاءت العذراء إلي هنا هاربة بوليدها بعد سنوات من وفاة الحاكم الذي تزعمون أنه كان يقتل أطفال اليهود؟وهذا مناقض لما جاء في الإنجيل إذ أن العائلة المقدسة هربت إلي مصر من وجه هيرودس الملك في حياته وإلا لماذا هربوا إذا كان قد مات.
ويؤكد نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان أعطي فكرة مشوهة جدا عن الرهبنة القبطية مدعيا أنها بدعة علي لسان نسطور قائلا:فأنتم أيها المصريين ابتدعتم الرهبنة والأديرة,إحياء لتقاليد كانت عندكم من القدموالحقيقة أن الرهبنة تأسست في البرية علي مثال السيد المسيح الذي كان يختلي بنفسه في البرية في حياته علي الأرض ولذلك نحن نقتفي أثره.
ويشير نيافةالأنبا بيشويفي كتابه إلي أن الدكتور زيدان ادعي في روايته بأن القديس ديمتريوس بابا الإسكندرية الثاني عشر ظلم العلامة أوريجانوس والحقيقة أنه فقط أدان آراءه الفاسدة وعقد مجمعين حرمه فيهما بسبب أخطائه اللاهوتية وقبوله رتبة الكهنوت في فلسطين علي الرغم من عدم أهليته لذلك لأنه خصي نفسه عامدا.
ألوهية السيد المسيح
ويفند نيافةالأنبا بيشويفي كتابه مزاعم الدكتور زيدان بأن نسطور انحاز إلي عقيدة أريوس التي ترفض عقيدة الثالوث المسيحي قائلا علي لسانه:فأجد أن أريوس كان رجلا مفعما بالمحبة والصدق والبركة.. إن وقائع حياته وتبتله وزهده كلها تؤكد ذلك..أما أقواله فلست أري فيها إلا محاولة لتخليص ديانتنا من اعتقادات المصريين القدماء في ألهتهمولكن الحقيقة أن نسطور أظهر حماسا غير عادي في مقاومته للأريوسية في جميع كتاباته كما هو مذكور في المراجع العالمية المشهورة إلي الدرجة التي جعلته في اليوم الخامس لتنصيبه بطريركا يهدم الكنيسة الصغيرة التي أعتاد الأريوسيين الإحتفال بعبادتهم فيها.
ويؤكد نيافةالأنبا بيشويفي كتابه أن الدكتور زيدان في روايته شكك في ألوهية السيد المسيح علي لسان نسطور قائلاالمسيح يا هيبا مولود من البشر والبشر لا يلد الإلهة…ولا يجب علينا الاسترسال مع خرافاتنا الخاصة بألوهية المسيحوبهذا يحاول دكتور زيدان أن يقنع الناس بأن الرب يسوع المسيح ليس إلها وهذه النقطة بالذات هي مساس بقلب ومشاعر كل مسيحي حقيقي فهي لب المسيحية وقلبها النابض الذي يقوم علي عقيدة أن المسيح هو ابن الله الذي له نفس جوهرة فإن لم يكن السيد المسيح هو الله لفقد الفداء قيمته لأنه هل يستطيع الإنسان مهما بلغت قداسته أن يكفر عن خطايا العالم كله؟
التشكيك في صلب السيد المسيح وقيامته
ويقدم نيافةالأنبا بيشويفي كتابه شرحا مبسطا لعقيدة الكفارة والفداء وإعلان محبة الله وعدله علي الصليب كرد علي تشكيك الدكتور زيدان في صلب السيد المسيح وقيامته وذلك علي لسان هيبا قائلاهل قام يسوع حقا من بين الأموات ؟! وكيف له وهو الإله أن يموت بأيدي البشر؟!والحقيقة أن الغفران في المسيحية ليس غفرانا بلا ثمن بل هو غفران مدفوع الثمن والذي دفعه هو السيد المسيح علي الصليب بدافع محبته لكي يخجل الخطاة من هذا الحب العجيب.
كما يشرح نيافةالأنبا بيشويعقيدة التثليث والتوحيد في المسيحية للرد علي مزاعم الدكتور زيدان بأن الثالوث المسيحي هو ثالوث المصريين القدماء الوثنيين وذلك كما جاء علي لسان نسطور قائلا:سفقد كان أجدادك يعتقدون في ثالوث إلهي زواياه إيزيس وابنها حورس وزوجها أوزير الذي أنجبت منه دون مضاجعة…ولايصح أن يقال إن الله ثالث ثلاثة الله يا هيبا واحد لاشريك له في ألوهيتهوهذا غير صحيح لأننا نؤمن بإله واحد مثلث الأقانيم وللتبسيط يعطي الأنبا بيشوي مثال النار التي يخرج منها لهب ونور وحرارة وهم جميعا يخرجون من نار واحدة وليست ثلاث نيران.
الحروم الاثني للقديس كيرلس
ويرفض نيافة الأنبا بيشويفي كتابه دفاع الدكتور زيدان عن نسطور الذي نادي بالازدواجية والشرك وهذا ما يدل عليه أقواله الموثقة مثل قوله:أنا أعبد هذا الإنسان مع الله…نعترف بشخص مزدوج ونعبده كواحد….دعنا نبجل الإنسان المعبود مع الله القديرلذلك قام القديس كيرلس بوضع الحروم الاثني عشر لتحديد الإيمان الأرثوذكسي المستقيم لتفادي أن ينخدع الناس بتعاليم نسطور الخاطئة والشرك الذي ينادي به,وقام المجمع المنعقد في الإسكندرية عام 430م باعتمادها ومطالبة نسطور بالاعتراف بها,ولعل هذا ما استغله الدكتور زيدان في روايته وأسماهالعنات كيرلسقائلا علي لسان هيبا:عدت لتلاوة لعنات كيرلس أو حروماته الاثني عشر التي كانت عبارتها موجزة حاسمة لاتدع مجالا لأي تأويل من وقعها الكاوي للأكبادولاهمية هذه الحروم الاثني عشر للرد علي هذا الأدعاء قامالأنبا بيشويبنشرها كاملة في ملاحق هذا الكتاب.
ويرد نيافةالأنبا بيشويفي كتابه بشرح مبسط لعقيدة التجسد علي قول دكتور زيدان علي لسان عزازيل :التجسد خرافةموضحا كيف تم التجسد عن طريق حلول الروح القدس علي العذراء مريم بدون زواج وطهرها وملأها نعمة وكون من جسده ناسوتا أو طبيعة إنسانية ,وهذه الطبيعة البشرية الخاصة به اتخذها كلمة الله وتجسد بها لكي يولد من العذراء كإنسان.
حقيقةعزازيل
وينشر نيافةالأنبا بيشويفي كتابه حقيقةعزازيلالذي اتخذه الدكتور زيدان عنوانا لروايته معتبرا إياه بأنه الشيطان ولكن الحقيقة أنعزازيلهي كلمة عبرية وردت في العهد القديم في سفر اللاويين عند الحديث عن يوم الكفارة والإشارة إلي التيس الذي يتم عزله كتعبير عن عزل الخطية عن الإنسان,وليس من أسماء الشيطان الكثيرة التي وردت في الكتاب المقدس.
ويعبر نيافةالأنبا بيشويفي كتابه عن مدي أسفه أن يقوم دكتور زيدان رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية بخلط الحقيقة بالخيال موهما القاريء بأن الرواية التي بين يديه هي ترجمة لبعض المخطوطات وكان من المفروض أن يوضح أنها مجرد رواية خيالية وليست ترجمة لمخطوطة.
ويقدم نيافةالأنبا بيشويتحليلا للرواية التي يري أنها تهدم القيم الأخلاقية التي تحمي المجتمع من الانهيار وتهدم الإيمان بوجود الله بصفة خاصة.مشيرا إلي أن الرواية توحي بأن الله نفسه هو من صنع البشر وكذلك أيضا الشيطان وذلك في قوله علي لسان هيبا:وهمس لي عزازيل…ثم سألني هل خلق الله الإنسان أم العكس؟فرد هيبا:ماذا تقصد؟فأجاب عزازيل:يا هيبا الإنسان في كل عصر يخلق إلها له علي هواه,فإلهه دوما رؤاه وأحلامه المستحيلة ومناه.
ويتساءل نيافةالأنبا بيشويفي نهاية كتابه:أليست هذه الرواية دعوة إلي الإلحاد والوجودية وهدم جميع الأديان مستترة وراء الهجوم علي الديانة المسيحية في الإسكندرية؟!لذلك نحن نأمل ألا تنطلي هذه الحيلة علي علماء المسلمين في مصر.