أثار إقرار مشروع قانون حظر التظاهر بدور العبادة الذي تقدم به الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف جدلا واسعا خلال الفترة الماضية حيث يعتبره البعض حفاظا علي حرمة دور العبادة ومنع خلط أوراق الدين بالسياسة في حين يري آخرون أن هذا القانون قيد جديد علي الحريات وتكميم لأفواه الشعب خاصة وأن دور العبادة المسيحية والإسلامية لعبت دورا بارزا في النضال الوطني منذ عهد الاستعمار حيث التحمت علي منابرها الجماهير من أجل هدف وطني سامي.
قانون بالحظر
قال الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية لمجلس الشعب ورئيس جامعة الأزهر سابقا إن القانون ينص علي حظر تنظيم أية مظاهرات في فناء دور العبادة بحيث تكون العقوبة بالحبس مدة لاتتجاوز سنة وغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه أو إحدي هاتين العقوبتين إذا كان المتظاهر من الداعين إلي المظاهرة أو من المنظمين لها ,أما إذا كان المتظاهر مشاركا فقط فيعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز 6 أشهر وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولاتتجاوز ألفي جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين, كما ينص أيضا علي معاقبة من يقوم بالتحريض علي المظاهرات بنفس العقوبة, فالمساجد بيوت الله للعبادة ولايصرح أن نقوم بعمل ينافي التعاليم الإسلامية, كما لايجوز أن يتظاهر المواطنون داخل المساجد فإن كان ولابد فيجب أن يكون في أماكن بعيدة عن قدسية دور العبادة سواء المسيحية أو الإسلامية والقانون لايتعارض مطلقا مع الحريات كما يدعي البعض, فالحرية هي أن نبذل جهدا لتوصيل آرائنا تجاه أية قضية من خلال رؤية عامة وليست شخصية في نطاق من الحكمة وليست الفوضي التي تؤدي إلي نتائج غير موجودة.
كما أشار الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية إلي أن القانون الجديد أصبح ضروريا لأن مايحدث من تظاهر في ساحة الأزهر تستغله بعض القوي السياسية والأحزاب, فلقد وصل الأمر بالمتظاهرين في بعض الأحيان إلي حد ضرب بعضهم البعض بالأحذية داخل ساحة الأزهر غير مهتمين بحرمة المكان, ولايصح حدوث المظاهرات داخل المساجد لأن المساجد لله وحده, أما عن القول بإن القانون سيسحب البساط من الجامع الأزهر فهذا كلام خاطئ لأن الأزهر سيظل منبر الوطنية ولكن في جو يسوده الاحترام كما أنه يقوم بدوره من خلال بحث شئون المسلمين ومن يريد التظاهر فليذهب إلي الشارع أو الحارة وليفعل ذلك بعيدا عن الأماكن المقدسة
المظاهرات بشروط
أكد الدكتور ثروت باسيلي-سكرتير المجلس الملي العام.أن هذا القانون يحترم دور العبادة خاصة وأن مصر بها حرية تعبير فهناك منابر أخري متاحة لكل إنسان يعبر فيها عن رأيه ورؤيته كما أن المظاهرات لكي تقوم يجب أن يكون لها شروط وهي الحصول علي الموافقات اللازمة من السلطات الأمنية وتحديد المكان والزمان لحماية الأرواح والممتلكات فهناك من يستغلون المظاهرات لأفعال مشينة كالسرقة أو الحرائق لذلك يجب إبعاد السياسية عن دور العبادة.
حماية دور العبادة
أوضح النائب فهمي ناشد نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد أن عنوان القانون هو حماية دور العبادة من الفوضي والانتهاكات اتباعا لتعليمات الأديان فالسيد المسيح طرد أصحاب الأصوات العالية والتجار من الهيكل لأنهم كانوا يعرضون بضائعهم بها وهذا خير دليل علي أن دور العبادة لها حقوق مصونة وتدخل قوانينها فـي منظومة المواطنة والوحدة الوطنية.
يؤيد الدكتور جهاد عودة عضو أمانة لجنة السياسات بالحزب الوطني أن تكون دور العبادة للعبادة فقط وليست جزءا من العمل السياسي فكل مكان له قواعده وسلوكياته فمثلا تخرج بعض المظاهرات بهتافات معادية تصل لحد السب ولايليق هذا بساحة الكنيسة أو المسجد وهذا القانون يضع مصر في مصاف الدول المتقدمة التي تفصل الدين عن السياسة لأن مزجهم يحدث فوضي لا نهاية لها.
أضاف النائب رمزي الشاعر عضو مجلس الشعب أن مصر في أشد الحاجة لمثل هذا القانون لكي تكون دور العبادة مخصصة للعبادة فقط وقال إن هذا القانون مثل باقي القوانين أثناء مناقشتها تحت قبة المجلس تجد مؤيدين كما تجد معارضين.
ضد التظاهر
أشار الدكتور ممدوح قناوي عضو مجلس الشوري ورئيس حزب الدستوري الحر إلي أنه لابد من اقتصار دور العبادة علي العبادة فقط ولكن هذا القانون يعد من ضمن مسلسل الحد من التظاهر وقال:أنا أوافق علي القانون بشروطفلابد وأن توجد أماكن بديلة فالتظاهر حق لكل إنسان فالدول المتقدمة تخصص أماكن محددة للتظاهر يلجأ إليها من يرغب ذلك فمثلا في لندن يوجد ركن الخطباء في منطقة هايت باركللتظاهر.
اتفق كل من حسين عبد الرازق الأمين العام السابق لحزب التجمع ومحمد شعبان عضو مجلس الشعب عن نفس الحزب أنه لايوجد تظاهر داخل دور العبادة بالمعني المتعارف عليه ولكن إعلان هذا القانون الآن يظهر القيود التي يفرضها النظام علي الحريات الموجودة في مصر ففكرة هذه القوانين تعود لعام 1914 في ظل إعلان الحماية البريطانية علي مصر عندما ظهر قانون منع التجمهر ومن وقتها ومسلسل القيود مستمر بالرغم من أن المصريين مسيحيين ومسلمين قاموا بالمظاهرات منذ قديم الأزل داخل الكنائس أو المساجد بكل احترام وبشكل سلمي بغض النظر عن استفادة بعض الجماعات السياسية من تلك التظاهرات داخل دور العبادة ولكن منعها هو إعلان صريح لتقييد الحريات.
الجماعات السياسية
يري نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن دور العبادة لاينبغي أن تكون مخصصة للتظاهر والتعبئة والحشد وخلط الدين بالسياسة فلابد من ذهاب الناس للأماكن الشرعية ومؤسسات الدولة لحل مشاكلهم وبرغم وجود قيود علي ممارسة العمل السياسي والحزبي لكن الحل ليس في التظاهر داخل دور العبادة ففي الوقت الأخير لجأت بعض الجماعات السياسية المتشددة لدور العبادة لممارسة نشاطها السياسي بها وأهمهم كان الأزهر والكاتدرائية مما أدي لحصار أمني وتصادم غير مسبوق.
تكميم للأفواه
في حين أشار محمد منيب الناشط في مجال حقوق الإنسان إلي أنه لايحق للنظام والحكومة التحفظ علي فكرة التظاهر إلا إذا كانت تؤدي للاعتداءات علي ممتلكات الغير, فالمتظاهرون يلجأون لأماكن العبادة خوفا من بطش رجال الأمن والقانون الجديد سيجعل المتظاهرين يلتفون حول دور العبادة أكثر وإن كانت الحكومة تريد منع التخريب والمخربين الموجودين وسط المظاهرات في دور العبادة فهي مخطئة لأن هؤلاء لايكونوا داخل تلك المظاهرات لأنها غير مجدية لهم وعلي الحكومة الآن أن تعامل الشعب المصري علي أنه بلغ درجة الرشد ويجب ألا يتم الحجر علي آرائه.
طالب سعيد عبد الحافظ رئيس مجلس أمناء ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان قبل البدء في الحديث عن مشروع حظر التظاهر داخل دور العبادة بأن توفر وتحدد الحكومة الأماكن البديلة لدور العبادة والتي يجد فيها المتظاهرون منفذا للتعبير عن آرائهم وحقهم في التظاهر السلمي فالذي خلق الأزمة في التظاهر داخل دور العبادة هو قيام الحكومة ووزارة الداخلية بمنع التظاهر داخل النقابات أو الأماكن العامة وما إلي ذلك مما أدي إلي خلق نوع من الهستيريا تجاه مناقشة مثل هذه القوانين بالإضافة إلي أن التظاهر داخل دور العبادة لايزيد التجاوز فيه علي المشادات الكلامية أو التلفظ ببعض العبارات ولكن لايصل الأمر أبدا للتخريب أو النهب لذا فما المانع من تخصيص مكان مثل حديقة الأزهر ليسمح فيه بالتظاهر والتعبير عن الرأي بعملية تنظيمية لتأكد الحق في التظاهر كأحد حقوق الإنسان.
فصل السياسة والدين
قال سمير مرقص الباحث في شئون المواطنة: علينا في القرن الـ 21 أن نضع حدودا ومسافات فاصلة بين الدين والسياسة في مصر والرجوع لكتب الإمام محمد عبده الذي أكد علي أهمية وجود مسافة صارمة بين الدين والسياسة فيجب بدلا من الاعتراض علي القانون البحث عن سبل لتقوية الأحزاب وكيانات العمل المدني والأهلي.