خلي بالك دي بنت ما ينفعش تهزر أو تلعب بشكل عنيف كده..أنت هتشتري الألعاب إللي فيها فك وربط بالمفكات لبنت إزاي…دي ألعاب أولاد.والبنت اشتريلها عروسة…إنت ولد لازم تبقي شخصيتك قوية وما ينفعش تزعل بسرعة…الولد إللي بيدخن هيتعب لكن البنت إللي بتدخن هتروح النار…البنت لازم ما تتكلمش كتير وتبقي هادية.
هذه نماذج لأقوال تتردد علي مسامعنا باستمرار كلما تحركنا في أرجاء البيوت المصرية لتحدد طرقا لتربية البنات وأخري للأولاد.ألعاب وتكليفات لهذا وأخري لهذه. حقوق تمنح للولد وبعضها للبنت.وصل الاختلاف إلي تحديد عقاب شديد للبنت إذا أخطأت وعقاب أقل شدة للولد إذا ارتكب الخطأ ذاته…فهل هذه الأمور صحيحة؟وهل من المفترض أن يوجد اختلاف في التربية بين النوعين؟ومسئولية من وجود تلك الأفكار؟وهل نحتاج لتعديل مثل تلك الأفكار؟
للتعرف علي صحة ذلك الفكر من عدمه تحدثنا للدكتور ماهر الضبع أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية الذي أوضح أنه يوجد اختلاف بين شخصية كل من الولد والبنت.لكن لا يوجد اختلاف في طريقة تربية كل منهما.ووجود اختلاف لدي بعض الأسر سيضر كليهما.فالولد سيتصرف بشكل خاطئ فيما بعد مع زوجته وابنته أما البنت فستضر نفسيا. حيث ستضعف ثقتها بنفسها ويقل شعورها بقيمتها وستصبح فيما بعد موظفة غير فاعلة وأما لا تقوم بدور إيجابي تجاه أسرتها.لذا فتربية كل من الولد والبنت تتطلب أن نمدهما بكل ما ينمي فكرهما ووجدانهما وذكائهما ويبلور قيمهما وأخلاقهما ويطور شخصيتهما مع منحهما حريتهما كاملة بالدرجة ذاتها ونظرا لأننا نعيش في مجتمع شرقي سنحصن البنت ونوفي لها بعض الحمايات.
أما عن اختلاف نوع العقاب ودرجته بين الولد والبنت إذا ارتكبا الخطأ ذاته فهذه حماقة في التربية, يمكنها أن تهدم شخصية كليهما.
اتفقت مع الرأي السابق الدكتورة منال عبد الفتاح رئيسة قسم تربية الطفل بكلية البنات بجامعة عين شمس, وأكدت علي عدم وجود اختلاف في تربية الولد عن البنت.فكل منهما إنسان يجب أن يتلقي المبادئ ذاتها التربوية والدينية والأخلاقية والقيمية والتعليمية والفكرية.كما أن للولد والبنت الخصائص النمو ذاتها. لذا لابد بأن يعاملوا بالطريقة التربية ذاتها.كما أن اتباع طريقة ما لتربية الولد وأخري للبنت يجعل الأخيرة متمردة وبدلا من أن ترتكب الأخطاء البسيطة التي يرتكبها من هم في مرحلتها العمرية , سنجدها تتعمد ارتكاب الأخطاء الكبيرة.لذا فلا ينبغي أن نصنع فروقا في التربية, بل أن أوجدناها فينبغي أن توجه لمصلحة البنت مثل تعليم الولد كيفية التعامل مع البنت واحترامها.
وهناك أسر كثيرة تتبع طرقا واحدة في تربية كل من الولد والبنت ولكنها تصطدم بثقافة المجتمع فيتراجع بعضهم عن ذلك, ويبدأون وفي الفصل التربوي بين النوعين.
واختلفت قليلا مع الرأي السابق الدكتورة مني جاد عميدة كلية رياض الأطفال سابقا. وأوضحت أن تشابه تربية كل من الولد والبنت تختلف طبقا لمستوي الطبقا, فكلما زاد المستويين الثقافي والاجتماعي تلاشت الفروق التربوية بين النوعين.
لذا فنحن نلاحظ في مجتمعنا بعض الاختلافات المحدودة في طريقة التربية بين النوعين, منها تقليل تعامل الفتيات مع المستويات الاجتماعية والثقافية المتدنية نظرا لتدني نظرتهم للفتاة, ووجود فكر غير سوي تجاهها لديهم بل أن بعضهم لايحترمها أصلا , لذلك نضطر إلي تحجيم تعامل الفتاة مع هذه المستويات, ونترك هذه الأعمال للولد.
أيضا غياب الأمان في الشارع المصري يؤدي بنا إلي تحجيم تأخير كل من الولد والبنت وخاصة البنت لأنها حتما ستتعرض للمضايقات, وأن اقتضي الأمر تأخيرها فنوجها إلي أن تسلك طرقا أكثر أمانا دون أن نمنعها من الخروج وإنما فقط تأمين عودتها.
هل يعني هذا الرضوخ لفكر المجتمع المتدني تجاه الفتاة وتأصيل الفروق في التربية بينها وبين الولد؟بالطبع لا…هكذا أجابت الدكتورة مني جاد وأشارت إلي أن مواجهة تلك الأفكار تحتاج إلي تعديل السلوك وتغيير القيم.ولتحقيق ذلك لابد من المرور بسلسلة من التعديلات تبدأ من طفل الروضة, فيجب أن نمده بفكر إيجابي عن الولد والبنت والمساواة بينهما وتعديل أي فكر مشوش لديه. وهذه مسئولية مدرس الروضة وحتما سنجد بينهما من تختلف نظرته لكل من الولد عن البيت, لذا فلا بد أن نقوم بتعديل أفكاره بل وإعادة تربيته.وهذا دور المدرسة التي يدرس بها والتي يجب أن تراقب أفكار مدرسيها وتجبرهم علي تعديلها.وذلك من السهل حدوثه في المدارس الخاصة, لأنه إن لم يمتثل المدرس لتعليمات المدرسة ولفكرها التربوي سيطرد من عمله.أما المشكلة فستكون في المدارس الحكومية.وبمواجهتها ستكون من خلال تطبيق مبدأ جودة التعليم بالمدارس والتي تشدد عليها وزارة التربية والتعليم حاليا, ويجب أن تستغل ذلك بإدراج جودة التربية ضمن جودة التعليم فيراقب سلوك المدرس, ويقيم من خلال جهاز التقييم الذاتي بالمدرسة والذي من المفترض أن يكون موجودا حاليا بكل مدرسة.
بعد ذلك يأتي دور المشاركة المجتمعية, حيث يراقب أولياء الأمور طريقة معاملة المدرسين لأبنائهم ليقفوا علي أي خطأ يرتكبه المدرس تجاههم. ولابد أن تكون الرقابة بين المدرسة والمنزل متبادلة. أما إذا كان أولياء الأمور أنفسهم يحتاجون لمن يعدل أفكارهم ونظرتهم لبناتهن فيجب هنا الاستعانة بالإعلام, فهو ذو التأثير الأكبر علي عقول الناس خاصة الدراما التليفزيونية والإذاعية التي يجب أن تتضمن بين محتوياتها موادا إعلامية تذيب الفروق في التربية والتعامل بين الأولاد والبنات.