أكد المشاركون في مؤتمر تحديات التحول الديموقراطي في مصر خلال المرحلة الانتقالية أهمية وضع خارطة طريق واضحة للمرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد, وأهمية استجابة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمطالب القوي السياسية المختلفة وفتح حوار جاد بين المجلس العسكري وكافة التيارات السياسية والبعد عن لغة التخوين والاتهامات الموجهة إلي منظمات المجتمع المدني.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي عقده مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للديموقراطية ومركز العلاقات الدولية والحوار الخارجي بإسبانيا.
لغة تنبئ
قال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: المظاهرات المليونية تحولت إلي صدام واحتجاج انتهت إلي ما حدث في العباسية حينما خرج ما يقرب من 20 ألف شاب في مسيرة إلي المجلس العسكري أسفرت عن 300 جريح, والحوار بين شباب الثورة والمجلس العسكري وصل إلي طريق مسدود, كما أن لغة المجلس العسكري اختلفت مؤخرا وبدأت سهام الخيانة والعمالة تتجه إلي منظمات المجمتع المدني وهو ما ينبيء بتوتر المناخ السياسي وانتشار العنف, مطالبا المجلس العسكري بمراجعة تصريحاته ومواقفه, والتفاعل الإيجابي مع الأحزاب والقوي السياسية والاستجابة لما يتم طرحه في الحوار بدلا من عقد الجلسات والاتفاق علي أمور معينة ثم يصدر المجلس العسكري أمورا مغايرة.
وافقت وتراجعت!
في هذا الإطار قال الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري بجامعة الزقازيق: إصرار التيار الإسلامي علي عقد الانتخابات أولا ورفض المباديء الحاكمة للدستور والمعايير الخاصة بتحديد ملامح لجنة وضع الدستور أمر مقلق ويبعد عن الاتفاق الذي وصلت إليه القوي السياسية المختلفة, خاصة وأن جماعة الإخوان المسلمين وافقت في البداية علي وضع مباديء حاكمة للدستور ثم سرعان ما تراجعت, وانتهازية التيار الإسلامي في الإصرار علي محاولة اقتناص أكبر عددا ممكنا من المقاعد ثم تنفيذ ما يرونه تحت قبة البرلمان تحت مزاعم الأغلبية أمر في غاية الخطورة وينبغي التوقف عنده.
إعلان عشوائي
من جانبه قال الدكتور جابر نصار أستاذ القانون الدستوري: لا نمر بمرحلة انتقالية بالمعني المعروف, فالحكومة تتعامل مع الوضع وكأنها ليست حكومة تسيير أعمال, وكذلك كل ما حدث في الإعلان الدستوري هو انتقاء لبعض مواد دستور1971 مع دمج المواد الأخري وإنتاج إعلان عشوائي, وتحكم المجلس العسكري في تعيين الوزراء وإعفاؤهم من مناصبهم يجعل الحكومة وكأنها بلا صلاحيات, ومن ثم لا تتناسب مع طموحات الثوار.
مأزق التضارب
واعتبر نجاد البرعي الناشط الحقوقي أن ما شهدته مصر ليس بثورة وإنما انقلاب عسكري قال: السؤال المهم كيف يتعامل المجتمع مع المجلس العسكري وتحديد قائمة بالأولويات, فالشعب تظاهر من أجل مطالب محددة, حتي وصل المجلس العسكري للسلطة وبدأ في إدارة البلاد ولاحظ ارتفاع مطالب الثوار والرغبة الحقيقية في التغيير, ومع الضغوط الإقليمية والدولية لوأد الثورة نظرا للدور الكبير الذي كان يقوم به النظام السابق ويخدم مصالح الولايات المتحدة والسعودية. جاءت المشكلة الحقيقية للمجلس العسكري وواجه ضغوطا من أجل استكمال الثورة من الداخل وضغوط لوأد الثورة من الخارج, وهو المأزق الذي وجد المجلس العسكري نفسه, ومن ثم هذا يفسر تضارب القرارات الصادرة عن المجلس العسكري.
ترفض التعددية!
من جانبه هاجم الدكتور حازم حسني أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جماعة الإخوان المسلمين, قال: الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة استمد فكره من الفكر الفاشي في إيطاليا والجماعة نشأت من أجل غرض واحد هو إعادة الخلافة الإسلامية بعد سقوطها, والجماعة تتعامل علي أنها الإطار التنظيمي الوحيد المعبر عن الإسلام, كما ترفض الجماعة التعددية والحزبية وهو ما يعني إقصاء الديموقراطية.
العنف يبدأ بفكرة
أما الدكتور سمير مرقس عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان قال: أحذر من تنامي التيار الديني والبعد عن الدولة المدنية وسيادة القانون, وأتخوف من التيار السلفي الذي يعيد بالبلاد إلي مرحلة سابقة تخطاها المجتمع المصري عبر حوارات جادة, وتحديدا في العلاقات الإسلامية – المسيحية, خاصة وأن المرحلة الراهنة لا يمكن فيها الحديث عن أغلبية وأقلية عددية أو علي أساس الدين, لأن الثورة خرجت لتغيير واقع المجتمع وصنع مستقبل جديد, وسبق أن ساهمت المناقشات الجادة عبر سنوات طويلة في إعادة الاعتبار للفقه الإسلامي المصري وإبرازه علي أرض الواقع, بينما ما يحدث حاليا هو إعادة فرض صوت التيار السلفي علي كل التيارات, محذرا من أن العنف يبدأ بفكرة وبالتالي لابد من النظر بعمق في هذه المشكلة وتحليلها ومواجهتها بشجاعة.
المبادئ الحاكمة تفض الخلاف
من ناحية أخري قال عبدالغفار شكر المتحدث باسم التحالف الشعبي الاشتراكي: ثورة يناير تواجه تحديات تضعف قدرتها علي تحقيق أهدافها الأساسية, وفي مقدمتها تصفية بقايا النظام السلطوي بمؤسساته وسياساته ورموزه وإقامة نظام ديموقراطي, وإن تصاعد الخلاف مؤخرا بين القوي السياسية بسبب وضع مباديء حاكمة للدستور, ولكن ما يضاعف الأمل بإمكانية حل هذه الخلافات هو صدور ست وثائق تدور حول المباديء فوق الدستورية وهي مباديء عامة يمكن الاستفادة منها لحل الخلافات مثل التأكيد علي حرية الرأي والتعبير وحرية الاعتقاد, والمواطنة, ودولة المؤسسات.