البداية بعد 284 سنة من ميلاد المسيح, وهي السنة التي تؤرخ لاعتلاء الطاغية دقلديانوس عرش الأمبراطورية الرومانية ولإحدي وعشرين عاما ما بين عام 284 وعام …305 حقيقي أن المسيحيين ذاقوا عذابات كثيرة, واستشهد منهم الكثيرون من قبله, لكن كل ما ذاقوه لم يحسب في فظاعته وبشاعته شيئا بالقياس إلي ما فعله دقلديانوس, لهذا أرخوا لسنة اعتلائه الحكم بداية للتقويم القبطي- تقويم الشهداء- ومازلنا ونحن نستقبل غدا بداية عام جديد في التقويم القبطي فأننا نذكر كما ذكر كل من سبقونا علي امتداد كل هذه السنوات اسم دقلديانوس… ولا نعتقد أن الأقباط قصدوا بذلك أن يظل اسمه في ذاكرة التاريخ محفورا بكل الآثام التي ارتكبها, بل نعتقد أن السبب وراء تأريخ قبط مصر لعصر دقلديانوس هو التأريخ للأبطال من شهدائهم الذين ارتقوا إلي القمة ليس في أعدادهم فقط بل في روح الاستبسال والثبات وقوة النفس والإيمان… وأن قبط مصر أرادوا أيضا أن يلفتوا نظر الأجيال الآتية من أطفالهم وشبابهم إلي سنة 284 لميلاد المسيح علامة بارزة نبدأ من عندها كل عام بداية لسنة جديدة للشهداء… ونتذكر هؤلاء الشهداء الذين جعلنا من بذل دمائهم بدء حياة جديدة لنا وبدء تاريخ جديد لنا… ولنتذكر دائما أن آباءنا الشهداء حملوا الإيمان المسيحي بالدم حتي أوصلوه إلينا… وعلينا أن نواصل.
وأسمح لنفسي هنا أن أتخطي السنوات المخضبة بدماء الشهداء لأصل إلي هذا العام -2011- فما أشبه اليوم بالبارحة… في كنيسة القديسين بالإسكندرية وشعب الكنيسة يستعد لاستقبال العام الجديد بفرحة وتسابيح انفجرت سيارة ملغمة, وكان أبشع حادث إرهابي ارتفعت فيه إلي السماء أرواح ثلاثة وعشرين شهيدا… وتوالت الأحداث تحصد أرواح شهداء جدد… أيام معدودة واستشهد فتحي غطاس بعيار ناري أطلقه شرطي علي ستة أقباط داخل القطار القادم من أسيوط لحظة توقفه بمحطة سمالوط… وتقوم ثورة يناير, وتخرج الجماعات الإسلامية ليفتح التاريخ صفحة جديدة للتأريخ لاستشهاد الأقباط… البداية خلاف بين أسرة مسيحية وأخري مسلمة في قرية صول فيهاجم المسلمون الكنيسة ويحطمونها, ويخرج شباب منشية ناصر بالمقطم ليعبروا عن غضبهم, وينضم تسعة من شباب الأقباط إلي صفوف الشهداء… أيام ويهاجم السلفيون كنيسة العذراء بإمبابة وينضم إلي صفوف الشهداء صلاح عزيز الخادم الأمين بعد أن ذبح وحرق…
وسيبقي عام 2011 سنة من سنوات الاستشهاد منذ دقلديانوس وحتي اليوم.