أعلنت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات عن نيتها في إعداد مشروع قانون لتنظيم الإنترنت لحجب كافة المواقع الإباحية الواردة من الخارج بحجة حماية استغلال أطفالنا وبالقطع نحن لانؤيد هذه المواقع ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سياسة المنع و الحرمان حماية لأبنائنا ؟ !
الممنوع مرغوب .. و المهم سياج الأخلاق
قال د . كمال مغيث – الخبير التربوي بمعهد البحوث التربوية: مثلما قال جونتير إن سياج الأخلاق أقوي من سياج العزلة.ومشكلتنا الحقيقية أننا نغفل أن لأطفالنا قدرات تأهلهم لعمل ما يريدونه ورغم ذلك مازالنا نمارس حتي الآن نفس الضغوط عليهم دون أن ندري, ليخرج الطفل بشحناته وطاقاته كاملة في معرفة ما يريده والبحث وراء ما يرغب فيه بشتي الطرق وفقا لما يعرف أن الممنوع مرغوب و الدليل علي ذلك أكثر الكتب مبيعا هي التي تم مصادرتها مثال رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ وخريف الغضب لمحمد حسنين هيكل لذا إن لم تنتبه أسرنا المصرية بتنشئة أطفالها علي ثقافة الانتقاء بين ما هو صالح و ما هو طالح. فحماية أبنائنا من الإنسياق وراء الأحاسيس والسقوط أسري لضغضغة المشاعر أمر ليس بالهين يتطلب معايشة الطفل و متابعته في مناخ صحي يسوده التنشئة علي حرية الاختيار والانتقاء والمفاضلة بين ما يليق وما لا يليق بإرادته دون تدخل أحد لأنه يخطيء من يعتقد أن أسلوب المنع والتجريم في حجب تلك المواقع هو حماية لأبنائنا دون تربية صحيحة وتنشئة سليمة في ظل جهل وأمية غالبية الأسر بمعرفة مهام الكمبيوتر والإنترنت ليصبح الطفل الوحيد هو المحرك الأساسي في أيديه لتلبية متطلباته ورغباته داخل محيط الأسرة . هذا إلي جانب دور المدرسة في مساندة الأسرة في هذا الشأن بما لديها من إمكانات نقل التزام الطفل من المستوي الخارجي القائم علي الترهيب و الترغيب إلي المستوي الداخلي ممثلا في الضمير الحي ليصبح كل ما يفعله الطفل نابع من داخله و ليس من خارجه .
الخوف من قيد الحريات
ذكرت د . سامية قدري- أستاذة علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس أن مسألة إعداد مشروع قانون تنظيم الإنترنت يثير علامات استفهام عديدة منها لماذا الحجب ؟ فمعظم أسرنا المصرية لديها الدش وما أكثر القنوات الجنسية التي تطرح يوميا.ودور الأسرة معني بتوعية أبنائها بين ما هو صحيح و ما هو خاطيء. وأن تترك لهم الحرية في الاختيار فيما بعد خاصة وأنها لا تستطيع أن تكون الرقيب طوال الوقت مع العلم أن بضغطة واحدة من يد طفلك علي الريموت تجعله هو الذي يختار بين قناة وأخري و هو ما ينطبق علي مسألة الإنترنت. فقط إعطاء الأسرة المفاتيح الأساسية لعملية الانتقاء لدي الطفل . فلماذا إذن المنع من الأساس؟ و من الذي سيحدد ما إذا كانت مواقع مضرة بالطفل من عدمه ؟ و غيرها من التساؤلات .
و استطردت د . سامية أخشي أن المنع يمكنه أن يمتد لحجب أشياء أخري كالقيد علي حرية الرأي والتعبير فيما بعد من منع المدونات وآراء معارضة ضد الحكومة ليصبح حجب ومنع لتيار فكري تنتهجه سياسة مخططة و غيرها من التحديات التي ستواجه ثقافة الإنترنت لتصبح وكأنها أسلحة مضادة في أيدي الحكومة لاستخدامها في قمع الحريات .
القانون بريء من الادعاءات
بالرجوع إلي المهندس ياسر القاضي -رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات لمعرفة طبيعة مشروع القانون حدثنا أن الهيئة بصدد إعداد قانون لتنظيم الإنترنت بالتعاون مع وزارة الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لخلق نوع من أنواع الرقابة علي الإنترنت لحجب المواقع الإباحية الواردة من الخارج بأفكار وثقافات غريبة علي مجتمعنا لحماية أطفالنا من استغلالهم و انسياقهم وراء ضغضغة المشاعر بصورة غير منضبطة خاصة وأن هناك من الدراسات أكدت أن إبقاء مثل هذه المواقع تؤثر بالسلب علي الأطفال بشكل كبير ينعكس فيما بعد علي المجتمع .
وأكد المهندس القاضي أن مشروع القانون بريء من الادعاءات بأن النية تتجه بخروج القانون لقيد حرية الرأي والتعبير في وقت لاحق فهذا أمر غير صحيح علي الإطلاق فحرية الرأي مكفولة للجميع وليس لأحد حجب حرية تداول المعلومات فالقانون غرضه محدد و واضح من حماية أبنائنا و ليس أكثر.
لامانع من حجب المواقع الإباحية
و عن المسئولية القانونية الملقاة علي مصر بإلغاء هذه المواقع خاصة و أن مصر معرضة لعقوبات مشددة لمجرد غلق الإنترنت لمدة أيام فترة الثورة إشار محمد منيب- المحامي و الناشط الحقوقي إلي أنه من حيث المبدأ بعد شيوع مواقع الفيس بوك تم صياغة عدة معاهدات واتفاقيات دولية تخص حق المواطن في تداول المعلومات بالإضافة لحرية نشر المعلومات علي الشبكة العنكبوتية مع الحظر مطلقا منع أي مواقع تحجب معلومات أو برامج أو أفلام وثائقية أو سياسية ما عدا المواقع الإباحية جنسيا أو المواقع التي تحض علي العنصرية و التمييز و الكراهية. هنا فقط سمح لمن يريد من الحكومات حجبها حماية للرأي العام و الشباب وحفاظا علي الثقافات الوطنية المختلفة والحق في توفير جو ملائم من التربية المناسبة للنشء فيما عدا ذلك يحظر التدخل سواء بالحجب أو الحرمان .