المرأة غالبا ما تكون أكثر إنجازا للعدالة الاجتماعية في رسم الخطط والسياسات هكذا قالت السيدة سوزان مبارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي للمجلس القومي للمرأة والتي وافقت الاحتفال بيوم المرأة المصرية,والتي شاركها الاحتفال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر وقداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
أكدت السيدة سوزان مبارك في كلمتها أن نجاح أي مجتمع رهن باعترافه بدور المرأة في صناعة القرار,وأن زيادة التحديات الاقتصادية العالمية يعد دافعا أكبر لمشاركة المرأة بصورة أكثر فاعلية بما لها من رؤي وسياسات وانعكاسات لا تتعلق فقط بالجيل الحاضر, وإنما بالأجيال القادمة,وأن تمكينها للوصول لمراكز صنع القرار أحد أشكال توسيع المشاركة المجتمعية في صناعة القرار.
ومن جهتها أوضحت الدكتورة فرخندة حسن الأمينة العامة للمجلس القومي للمرأة أن الاهتمام بوصول المرأة إلي السلطة ومراكز صنع القرار لا يرتبط فقط بحق المساواة المحسومة دستوريا, وإنما يرتبط بمفاهيم القيادة نفسها,وأن مشاركتها في صنع القرار نوع من المشاركة في تحملها مسئولية التصدي للأزمات المختلفة دون التنصل من المسئولية بحجة أنها لم تكن طرفا في صناعة القرار.
في القطاع العام أحسن حالا
وناقش المؤتمر خلال ورش العمل التي استمرت يومين وضع المرأة المصرية في مراكز صنع القرار في كل القطاعات ومنها القطاع العام والخاص والمدني والسياسي.
واتضح في جلسة برئاسة الدكتور صفوت النحاس والمهندسة نادية عبده أن أفضل أحوال المرأة بالنسبة للمراكز القيادية جاء في القطاع الحكومي,فبينما مشاركتها تصل إلي 27.5%. فإن شغلها للمناصب القيادية جاء مناسبا لهذه المشاركة إذ بلغ 26.3% من إجمالي المناصب القيادية,ويرجع أول شغلها لصنع القرار في الدولة إلي عام 1962 وتحظي النساء بأعلي نسبة لشغل المناصب القيادية في وزارة التعاون الدولي, إذ تمثل 55.56%,ويليها وزارة الإعلام ثم الإسكان والمرافق, ثم الاستثمار ثم القوي العاملة والهجرة, ثم التضامن الاجتماعي بنسبة 35% وفق تقارير (2008-2009).
بين الفلاحة وسيدة الأعمال
أما القطاع الخاص فناقشتها جلسة برئاسة الأستاذ محمد فريد خميس عضو مجلس الشوري والمهندسة سناء البنا عضوة مجلس الشعب,ركزت المناقشة علي إنه لا يكفي انخراط المرأة في العمل بوحدة اقتصادية صناعية أو تجارية أو خدمية, وإنما لابد من تمكينها ببناء قدرات ومهارات متواصلة تدفع بها إلي صفوف القيادة في مجال تخصصها.
واستشهدت المناقشات بأن مساهمة المرأة في القطاع الزراعي بما ينتج 46% من الإنتاج الزراعي والحيواني والداجني والسمكي لم يدفع بها إلي صفوف القيادة في هذا المجال نتيجة حزمة من العوامل منها انتشار الأمية واستخدام تقنيات قديمة وقبول المجتمع لجهدها الإنتاجي وتجاهل جهدها الاجتماعي,فضلا عن عدم انتمائها لكيانات مهنية تكسبها قدرات تنظيمية,كما أن عملها بأجر غير ثابت في هذه القطاعات يشكل صعوبة في تكوين المهارات القيادية اللازمة لصعودها لمواقع القيادة.
إلا أن مشاركة سيدات الأعمال في مجال السياحة والاستيراد والتصدير والتجارة بحجم أموال مستثمرة يتراوح ما بيم 15, 20مليار جنيه مصري يؤهلهن باحتمالات كبيرة للمواقع القيادية ويرجع ذلك إلي التأهيل العلمي وانضمامهن لتنظيمات اجتماعية تكسبهن قدرات تنظيمية..وهذا لم يتوافر في القطاع الزراعي.
المجتمع المدني مدرسة القيادة
من جهة أخري اكتسب محور المواقع القيادية للمرأة في القطاع المدني -والذي تم مناقشته في جلسة برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي والسيدة يسرية لوزة- أهمية خاصة لأن منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية تحديدا كانت ولا تزال أحد المصادر التاريخية لإعداد قيادات نسائية أثبتت كفاءة وفاعلية, ثم شغلت مواقع مهمة في المجالس المنتخبة,فالجمعيات الأهلية هي مؤسسات للتنشئة الاجتماعية والسياسية تفرز قيادات شعبية طبيعية وسط القواعد المجتمعية.
إلا أن مؤشرات تقلد المرأة لمواقع القيادة في هذه المنظمات بدت مضللة, ويرجع ذلك إلي طريقة تصنيف الجمعيات بين جمعيات نسائية تحديدا -وترفع فيها نسبة المرأة في المواقع القيادية- وبين منظمات المجتمع المدني بشكل عام, إذ لا تصل فيه المرأة للمواقع القيادية بأكثر من 10.3% وتتباين بين المحافظات.
في السياسة علامات استفهام!!
أما عن وضع المرأة في الحياة السياسية فناقشتها جلسة عمل برئاسة الدكتورة آمال عثمان رئيسة لجنة الشئون الدستورية بمجلس الشعب والدكتورة صفاء مرعي الأستاذة بجامعة طنطا,وأثارت الجلسة العديد من التساؤلات حول أبعاد المشاركة السياسية للمرأة, إذ أن الواقع الفعلي للتمثيل السياسي للمرأة تفاوت من برلمان لآخر, ففي برلمان 1957 كانت هناك سيدتان فقط, وفي برلمان 1984 بلغ 36سيدة,وفي برلمان 1987 بلغ 11سيدة,وفي برلمان 1995 هبط إلي 9سيدات, وفي عام 2000 ارتفع إلي 11سيدة مرة أخري,أما في عام 2005 فانخفضت النسبة رغم الجهود المضنية للنهوض بالمرأة لتصل عدد المنتخبات 4سيدات فقط بالإضافة إلي 5سيدات تم تعيينهن بقرار جمهوري.
وأكدت المناقشات أن هذه الفجوة مرتبطة بدرجة كبيرة بالمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وسيادة بعض القيم السلبية تجاه قضية المشاركة, وأنه لن يتحقق التمثيل المشرف إلا بنشر ثقافة سياسية قوية تدعم مشاركتها,وإلي أن يتحقق ذلك لابد من تخصيص مقاعد للمرأة أو تطبيق نظام القائمة النسبية حتي تستطيع أن تصل المرأة بتمثيل مناسب لحجمها في المجتمع.
وألحت السيدة سوزان مبارك التعجيل بتعديل القانون الذي يفعل التعديلات الدستورية الأخيرة بضرورة التمثيل العادل في البرلمان,وأن يواكب ذلك قيام كل الجهات المعنية من مجلس قومي للمرأة وأحزاب ومجتمع مدني بإعداد كوادر سياسية نسائية من منطلق أن القيادة لها مقوماتها التي يتحتم تسليح المرأة بها.