جاء خبر انفصال جبل الجليد بجرين لاند في القطب الشمالي وسقوطه إلي المحيط كالصاعقة علي خبراء البيئة مما يثبت صدق ما تنبئوا به من مخاوف تسبب فيها الاحتباس الحراري فقد انفصل جبل جلدي عملاق مساحته 260 كيلو مترا مربعا عن جبال الجليدبيترمان شمالي غرب جرين لاند حسبما أكد علماء أمريكيون حيث قالوا إنه أخذ في الانفصال منذ 1962, هذا الجبل الجليدي يحوي من المياه العذبة ما يكفي لتزويد الولايات المتحدة بأكملها بالماء الصالح للشرب 120 يوما كاملا. وأضاف العلماء أنه ليسوا متأكدين من علاقة هذا الحدث الطبيعي بالاحتباس الحراري, لكنه يذكر بأن الأشهر الستة الأولي من عام 2010كانت الأحر عالميا منذ بدأ تدوين البيانات المناخية مما يشكك في أن هذا هو ما أثر علي انفصاله وسقوطه في المحيط.
مشكلة تاثيرات التغيرات المناخية
عقدت ندوة حول كواليس المفاوضات حول الحل ودور علام والأفراد العاديين بعيدا عن الحكومات والهيئات.
نظمت الندوة جمعية كتاب البيئة والتنمية التي بدأت سلسلة من الندوات وورش العمل بالتعاون مع منظمةسيداري التي ترأسها نادية مكرم عبيد..استهل هذا التعاون ندوة لتوعية كتاب البيئة دارت حول كواليس ظاهرة التغيرات المناخية بما فيها الحسبة السياسية للدول المتقدمة.
وأوضح محمد عبد المقصود الصحفي بجريدة الأخبار ورئيس جمعية كتاب البيئة والتنمية أن التعاون بين الجمعية وسيداري سوف يمتد في إطار توعية الصحفيين وكتاب البيئة باعتبارهم ناقلي المعلومة للمجتمع بأكمله بما فيه صناع القرار…وقال الآن تنذرنا الطبيعة إنذارات متتالية ونري في غضبها ما ينبئ بالخطر وفي أزمة روسيا الأخيرة في القمح بدا ذلك جليا إذ عانت روسيا في الفترة الأخيرة من كوارث طبيعية أطاحت بمحصولها من القمح بل ومخزونها لذلك رفضت توريده لمصر. في ذات الوقت الذي تعتمد فيه مصر اعتمادا شبه كلي علي القمح المستورد وبناء عليه سوف تدخل مصر في أزمة غذاء خلال الشهور القادمة ألا يعتبر ذلك أثرا غير مباشر لتغير المناخ؟
وأضاف موجا حديثه لمن يتصورون أن الأمر مازال بعيدا عن مصر وأنها في مأمن من أي خطر مؤكدا أنه حان الوقت للتحرك السريع وتكاتف كل قوي المجتمع التي يقع الإعلام علي رأسها بوصفه مكون الرأي العام في المجتمعات.
اكسر العادة
أما المهندس أحمد عبد الرحيم- مسئولبسيداري-فقال:منذ 3سنوات أصدرتسيداري توصية بإنشاء وحدة متخصصة لتغير المناخ, تعمل في مجالات التكيف وتساعد عليه من خلال إنشاء مشروعات مثل المشروع الذي نجريه حاليا مع البنك الإسلامي للتنمية ووزارة البيئة- ويتم في مصر والسعودية مستهدفين تعزيز القدرة علي التكيف هادفين إلي ضم دول أخري. ثم أصدرنا كتاباكسر العادة والذي يتناول كل ما يخص ظاهرة التغيرات المناخية محاولين من خلال ذلك تخفيض البصمة الكربونية أو علي الأقل الحيادية الكربونية أي إمكانية التخلص مما ينتجه البشر من كربون أي انبعاث مواز للقدرة علي التخلص وذلك عن طريق ترشيد استخدامنا للطاقة…والآن بدأنا تعاونا من نوع جديد لتأهيل الإعلاميين علميا لتناول قضايا تغير المناخ من زوايا مختلفة بالتعاون مع جمعية كتاب البيئة والتنمية.
المفاوضات تاريخ ومراوغات
أما الدكتور سيد صبري مستشار وزير البيئة للتغيرات المناخية فيقول: للإعلام دور كبير في نشر الوعي بقضية التغيرات المناخية لذلك سوف نبدأ بالتسلسل التاريخي للظاهرة ومعالجتها فبعد الثورة الصناعية وتضخم الأنشطة التي تعمل من خلال توليد الطاقة أصبحت الطاقة الممتصة أكبر من قدرة الغلاف الجوي علي امتصاصها واختزلت في داخله فأنتجت عدم اتزان مناخي نتيجة لزيادة غازات الاحتباس الحراري ثاني أكسيد الكربون ومركبات الهيدرو فلورو كربون والميثان وأكسيد النيتروز وغيرها.
وفي السبعينيات بدأ الكتاب المهتمون بالبيئة الحديث عن هذا الموضوع حتي منتصف الثمانينيات حينما بدأ التحرك الفعلي الذي أدي إلي إنشاء برنامج الأمم المتحدة مع منظمة الأرصاد العالمية, الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخipcc 1988 وإصدار تقرير تجميعي أول حول القضية, ثم عقدوا قمة الأرض في ريو دي جانيرو وأصدروا الوثيقة الأولي اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية وفحواها تثبيت الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية, وكان لابد آنذارك من تقسيم الدول حسب حجم الانبعاثات المقاس علي أساس حجم الأنشطة البشرية المنتجة لها فقسموا الدول إلي المتقدمة ونامية, وعلي متقدمة تخفيف آثار التغيرات علي النامية عن طريق نقل التكنولوجيا وتمويل تلك الدول النامية ومساعدتها علي التكيف لمواجهة التغيرات التي لها آثار شديدة التدمير.
ركزت الاتفاقية علي المسئوليات المشتركة بين الدول لكن كل علي قدر طاقته, مع الحث علي عدم الاستخدام الجائر للموارد واتخاذ تدابير وإجراءات كل طبقا لإمكانياته. أما في عام 96 صدر التقرير التجميعي الثاني وكان أكثر مصداقية لتطور نظم الرصد والقياس للظاهرة, وفي عام 97 وقعت الدول علي بروتوكول كيوتو في اليابان الابن الشرعي للاتفاقية ومعني فقط بتخفيف الانبعاثات 5% من انبعاثات عام 1990 ويكون التخفيض بالتزام من عام2008 حتي عام2012 ووضع البروتوكول شرط تصديق 55 دولة تمثل انباعاثاتها أكثر من 55% لدخول البروتوكول إلي حيز النفاذ وصدقت جميع الدول لكن أمريكا لم توقع وحتي بعد توقيعها بفترة تراجعت مرة أخري تحت دعوي التأثير علي اقتصادها.
في عام 2005 جاء مؤتمر مونتريال الذي أوصي فيه بمراجعة البروتوكول كل سبع سنوات فكان عام2005 هو عام المراجعة ووضعوه فترة التزام أخري. لم يكن ذلك علي هوي الدول المتقدمة التي وافقت علي مضض واتخذ المؤتمر قرارا بفترة التزام ثانية مع إنشاء صندوق التكيف لمساعدة الدول النامية يحصل علي 2% من عوائد مشروعات آليه التنمية النظيفة, وفي عام2006 تم إنشاء برنامج عمل نيروني ومراجعة مفاهيم التكيف لرفع الوعي لدي الدول المضارة أما في عام2007 كانت نقطة التحول حيث مؤتمر بالي وصدور التقرير التجميعي الرابع ثم تكوين فريق عمل لتحسين اتفاقية كيوتو للتعاون الممتد وكان الهدف الخفي منه إنتاج اتفاقية جديدة قد تجهض اتفاقية كيوتو الملزمة للدول المتقدمة. ووضعوا خطة عمل بالي لتعزيز العمل علي التكيف.
مؤقف الدول المتقدمة من التفاوض
كان موقف الدول المتقدمة ردئ جدا إذ حاولت التنصل من بروتوكول كيوتو خاصة أن العديد منها لم يفي بالتزامه والمبرر هو أن أمريكا لم توقع ثم حاولت المتقدمة تقسيم الدول النامية إلي نامية وأقل نموا حتي تتمكن من إلزام الدول الواعدة مثل الصين والهند بخفض نسب أكبر من انبعاثاتها.
موقف الدول النامية
في ذات الوقت الذي تسعي فيه الدول المتقدمة للتنصل من التزاماتها ترفض الدول النامية أي التزامات إجبارية وتمسكت بالمسئولية المشتركة علي أن تتحمل المتقدمة عبئا أكبر باعتبارها مسببا رئيسيا للتلوث الناجم عنه الاحتباس الحراري. كذلك نادت الدول النامية بمسئولية الملوث في تحمل نتيجة أفعاله وطالبت بالتعجيل بتنفيذ خطة نقل التكنولوجيا لأنها لم تتم منذ سنوات بشكل حقيقي كما أكدت علي عدم قبول أي تعديل ببروتوكول كيوتو منعا لتفريغه من محتواه ولا استبداله ولا دمجه مع أي اتفاقية أخري مع مطالبة الدول المتقدمة بتخفيض انبعاثاتها بنسبة 40% أقل من الانبعاثات عام 1990 خلال فترة تنتهي عام2020.
في مسارات المفاوضات بكوبنهاجن في ديسمبر 2009 كانت هناك نية للوصول لاتفاق بأية وسيلة والوصول لنص تفاوضي ببدائل تم إحراز تقدم حقيقي في مجال التعاون التكنولوجي علي مدار كل المفاوضات بينما الخلاف ظل قائما علي مصارد التمويل.
يضيف الدكتور سيد قائلا: الخلافات قائمة منذ سنوات لكن الطبيعة لن تمنحنا الفرصة للتفاوض كل يسير في طريقه, الطبيعة لن تنتظر أحدا حتي ينهي تفاوضه ولنا فيما حدث من انفصال الجبل الجليدي بجرين لاند مؤخرا خير دليل. والأجدي أن تتفهم الدول المتقدمة موقف النامية وتقبل رغبتها في السعي للنمو فالدول نامية لابد أن تمارس التنمية وتأخذ حقها منها قبل الوصول إلي ذروة الانبعاثات والذي يعني أن الفراغ الذي مازال موجودا للوصول إلي ذروة الانبعاثات من حق الدول النامية استغلاله بممارسة أنشطتها وإطلاق انبعاثاتها بينما تخفض الدول المتقدمة قبل الوصول إليه لأن عند بلوغه كل الدول لابد أن تلغي انبعاثاتها ووقت الذورة هذا تم تحديده في الفترة ما بين 2015 وحتي 2020.
دكتور حسن أبو بكر خبير بيئي ومترجم كتاب اكسر العادة يقول:تظل قضايا البيئة تحمل درجة من اللايقين لكن الأبحاث والظواهر تؤكد التنبؤات التي أطلقها العلماء. يدور الكتاب حول اعتمادية البشر علي الكربون لإنتاج الأنشطة المختلفة والذي تسبب في تراكم غازات الاحتباس الحراري,ويلقي الكتاب الضوء علي كيفية تخفيض البصمة المناخية ويطلق رسالة بمسئولية الجميع عن ذلك قد يبدو ذلك أمرا صعبا في عصر يؤثر فيه كل شكل من أشكال إشباع الحاجات الشخصية وتلبيتها علي قضية تغير المناخ لكننا كأفراد مسئولين مثل الحكومات تماما. باختصار رسالة هذا الكتاب أننا جميعا جزء من حل المشكلة وعلي كل منا خطوات يمكنه اتخاذها لتخفيف بصمته الكربونية.
يقول الدكتور أبو بكر: بدأنا الكتاب بالإعلان عما سببه إنتاجه من انبعاثات بما فيها أنشطة القائمين علي كتابته وإخراجه ونقله, وتعمدنا أن يكون الكتاب محايدا مناخيا أي ما تسبب في إطلاقه من انبعاثات يدخل في إطار إمكانية التخلص منها فاستخدمنا ورق معاد التدوير وأحبار نبايتة وهكذا لنثبت للجميع أن لكل منا دورا عليه القيام به.
اختتمت الندوة التي عقدتها جمعية كتاب البيئة والتنمية بكلمة للدكتور مصطفي فودة حول التأثيرات الزراعية علي مصر وانخفاض إنتاجية مصر من محاصيل بعينها أهمها القمح والذرة والحبوب عموما وتغير خريطة المحاصيل في مصر مما يؤثر سلبا علي توافر الغذاء في الفترة القادمة.
[email protected]