أعده للنشر: شيماء الشواربي – هند فوزي – ولاء وديع
رغم أن الدافع عادة لفرض حالة الطوارئ يكون لظروف خاصة واستثنائية تمر بها البلاد كالأزمات والكوارث الطبيعية أو الحروب وذلك بهدف السيطرة علي الأمن والتصدي لأي محاولة للإخلال به, إلا أن الحال في مصر يختلف عن ذلك كثيرا فالثابت فعليا أن هذا القانون لايزال جاثما ومسيطرا علي الحياة لأكثر من نصف قرن, باستثناء سنوات قليلة تم رفعه وإيقاف العمل به!!
ومن هنا قرر برلمان شباب وطني مناقشة تمديد حالة الطوارئ ومبرراتها والبحث عن إمكانية تواجد بدائل, إذا كانت الضرورة تستدعي ذلك.
بدأ محمد صلاح بعرض مبسط لمفهوم قانون الطوارئ وقال: قانون الطوارئ هو القانون رقم 162 لسنة 1958 وقد أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر العمل به في الخامس من يونية لعام 1967, وقد قام الرئيس أنور السادات بتمديده ولم يقرر رفعه إلا في مايو 1980 ولفترة لم تطل أكثر من 16 شهرا فقط إذ سرعان ما عاد الرئيس محمد حسني مبارك الذي تولي الحكم عقب اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر 1981 لفرض حالة الطوارئ علي البلاد واستمر العمل بهذا القانون من يومها وحتي الآن, وكان آخرها موافقة البرلمان المصري بأغلبية الحزب الحاكم علي مد العمل بالطوارئ لمدة ثلاث سنوات بناء علي طلب الحكومة المصرية اعتبارا من أول يونية 2003.
وأضافت ماريز نبيل أن أولي هذه المواد ينص علي أنه يجوز إعلان الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو اضطرابات في الداخل أو حدوث كوارث أو انتشار وباء, أما المادة الثانية فتوضح أن إعلان حالة الطوارئ وانتهاءها يكون بقرار من رئيس الجمهورية الذي يحلق له متي أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية:
* وضع قيود علي حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة, والقبض علي المشتبه فيهم واعتقالهم.
* الأمر بمراقبة الرسائل أيا كانت نوعها ومراقبة الصحف والنشرات وجميع وسائل التعبير والدعاية قبل نشرها.
* تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها.
* الاستيلاء علي أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة علي الشركات والمؤسسات.
* سحب التراخيص بالأسلحة والزخائر أو المواد القابلة للانفجار.
وقالت ماريان سعيد: في حقيقة الأمر لم يكن تطبيق قانون الطوارئ جديدا علي المصريين, ولكن توجد علاقة تاريخية طويلة تربطهم بهذا القانون, فقد تم تطبيق هذا القانون لأول مرة في الفترة من سبتمبر 1939 إلي أكتوبر 1945 بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية, ثم تم إلغاؤه ليعلن العمل به مرة ثانية في الفترة من مايو 1948 إلي أبريل 1950 لاندلاع حرب فلسطين, ثم جاءت الفترة الثالثة ليطبق فيها القانون من يناير 1952 حتي يونية 1956.
أما الفترة الرابعة التي عاشت فيها مصر في ظل قانون الطوارئ فكانت الفترة من نوفمبر 1956 إلي مارس 1964 نتيجة العدوان الثلاثي علي مصر, وجاءت المرة الخامسة عقب هزيمة 1967 ويستمر طيلة حكم السادات حتي مايو 1980, ولكن هذه الفترة لم تطل لأكثر من 16 شهرا, وتم العمل بقانون الطوارئ للمرة السادسة في تاريخ البلاد لحين الخروج من الأزمة التي عصفت بها عقب حادث اغتيال السادات, ولم يتصور الشعب أنه سيستمر العمل بهذا القانون حتي الآن, فهذه تعد أطول فترة متصلة في تاريخ مصر استقر العمل فيها بهذا القانون.
كما أشارت نانسي أكمل: إلي انتقادات منظمة العفو الدولية لوضع حقوق الإنسان في مصر وخاصة في تقريرها السنوي لعام 2007, مشيرة في تقريرها إلي اعتقال مئات الأشخاص في أعقاب تفجيرات طابا.
وأوضح محمد السيد أن قانون الطوارئ لم يكن لصالح المرأة فقد قلل مشاركتها في الحياة السياسية خوفا من المتاعب التي قد تتعرض لها في ظل هذا القانون في نظر المجتمع, وبالتالي يكون قانون الطوارئ قد حجب دور المرأة في المجتمع والمشاركة فيه.
وأكد جميع أعضاء برلمان وطني أن قانون الطوارئ يعد انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان, فقانون الطوارئ لم يمنع الهجمات الإرهابية التي كان آخرها داخل حي الحسين, إلا أنه كان فعالا وإيجابيا جدا في الحروب والأزمات التي مرت بها مصر, أما الآن فإنه لا داع لتطبيق مثل هذا القانون, فبقاؤه يقيد حرية الأشخاص داخل وطنهم ويشعرهم بالاغتراب وعدم الانتماء إليه, كما أنه يمنح أجهزة الأمن صلاحيات كثيرة قد يساء استخدامها ضد المواطنين. ولكن يوجد بديل لمثل هذا القانون!!
في هذا الصدد ذكرت ماريان سعيد أن الرئيس حسني مبارك أعلن عام 2005 التزامه بتبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب يكون بديلا تشريعيا لمكافحة هذه الظاهرة دون الحاجة لتطبيق قانون الطوارئ.
ورغم طرح فكرة القانون البديل مكافحة الإرهاب وانخراط هيئات ومؤسسات ووسائل إعلام في مناقشة ماهيته ومواده المقترحة إلا أن خشية البعض من أن يكون القانون المقترح أشد وطأة وأكثر تشددا وقيودا من مواد قانون الطوارئ, وعدم حماس الحكومة وتلكؤها في الدفع بمشروع القانون المقترح البديل, وتأجيل الدفع به أكثر من مرة جعل المخرج الأسهل – حتي الآن علي الأقل – في نظر الحكومة هو الدعوة الاعتيادية لتصديق مجلس الشعب علي طلب الحكومة بتمديد الطوارئ وهو السيناريو المتوقع حدوثه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.