أوصت لجنة تقصي حقائق أحداث امبابة بضرورة الإسراع بالقبض علي المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم , سواء كانوا أفرادا أو جماعات , وتقديمهم لمحاكمة عاجلة تتوافر فيها قواعد المحاكمات العادلة والمنصفة تأكيدا لقدرة المؤسسات القضائية الوطنية علي توفير الحماية لجميع المواطنين المصريين دونما تمييز , والتزام المجلس القومي لحقوق الإنسان بمتابعة الإجراءات القانونية المتخذة في هذه الأحداث منذ اللحظة الأولي بإلقاء القبض علي المتهمين مرورا بالتحقيقات وانتهاء بالمحاكمات , والإسراع في تنفيذ خطط التواجد الأمني في البلاد خاصة بالمناطق العشوائية والمهمشة من أجل عودة الإنضباط وتكثيف حماية دور العبادة , والتأكيد علي أن حرية الرأي والتعبير لا تعني بأي حال من الأحوال الدعوه لأفكار او قيم ضد القيم الإنسانية أو الديمقراطية أو الداعية للكراهية وضرورة محاسبة كل من تسبب أو ساعد بأي وسيلة من الوسائل علي الدعوه للكراهية أو الطائفيه أو العنف باسم الدين أو أي فكرة كانت.
تشريع لمكافحة الطائفية
وأشارت اللجنة التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان بضرورة إصدار تشريع لمكافحة الطائفية أو التمييز علي أساس الدين ويذكر المجلس بتوصياته السابقة لمعالجة الكثير من الجوانب المتعلقة بالملف الطائفي وفي مقدمتها قانون دور العبادة الموحد وقانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز وغيرها من التوصيات التي تتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح والقبول بالآخر.
سيدة قيل إنها…
ولاحظت اللجنة أن الصدام بدأ طائفيا بتجمع مجموعة ترتدي جلاليب وملتحون يعتقد أنهم من السلفيين بالإضافة إلي بعض المواطنين من سكان المنطقة والمتواجدين بالطبيعة في المكان حول كنيسة مارمينا بحثا عن سيدة قيل إنها محتجزة فيها وهو ما لا يعطيه لهم أي قانون أو عرف ,وأثناء هذا التجمع غير القانوني وغير المبرر حول كنيسة مارمينا حدث إطلاق للنار حول المتجمهرين لم يتأكد مصدره للجنة وسوف تظهره نتائج التحقيقات الجنائية, مما أدي لحدوث حالة من التدافع والهياج الجماهيري والصدام ترتب عليها استخدام العنف والأسلحة النارية والبيضاء والحجارة و سقوط عدد من القتلي والجرحي ,علي أثر ما حدث تواصلت وامتدت الأحداث إلي كنيسة السيدة العذراء التي تبعد حوالي 2 كيلو متر مترافقة مع نداءات تحريضية بالتوجه الي كنيسة السيدة العذراء وإحراقها ,وفي هذه الأثناء تدافعت عناصر من الموصوفين بممارسة أعمال البلطجة نحو شارع الوحدة الكائنه به كنيسة السيدة العذراء حاملين أسلحة نارية فرد خرطوش أسلحة بيضاء مطلقين أعيرة نارية في الهواء لإبعاد المواطنين وإثارة الذعر ,وأمام الكنيسة انقسم المهاجمون إلي مجموعتين, عملت الأولي علي الحيلولة دون تدخل المواطنين لحماية الكنيسة عبر إطلاق أعيرة نارية, بينما قامت الثانية باقتحام الكنيسة وإشعال النيران فيها و أحرقتها بالكامل.
تفسيرات استشرت!
أكدت اللجنة أن التغييرات الهائلة التي تمر بها مصر حاليا في ظل ثورة 25 يناير أفرزت عددا من الظواهر التي ارتبطت مباشرة بأحداث إمبابة وأبرزها حالة الغياب الأمني الواسعة والتي أعطت أدوارا متصاعدة للخارجين علي القانون وانتشار الأسلحة بشكل غير قانوني بين أيدي المواطنين ,وبروز تفسيرات دينية متطرفة تطرح إعادة تشكيل المجتمع المصري بما يدع المواطنين المصريين من المسيحيين خارجة باعتبارهم ##ذميين## ليس لهم حقوق إلا حق الحماية الدينية وقد استشرت هذه التفسيرات لدي بعض شرائح المجتمع في الفترة الأخيرة جراء الاستخدام المكثف لوسائل الإعلام المرئية , وتصاعد وتعدد محاولات قوي النظام السابق لإفشال الثورة عبر إثارة كل أشكال الصراعات والصدامات في المجتمع المصري وبين طوائفه وقواه , بإظهار أن الثورة هي التي تسببت في حالة الانهيار الأمني.
مناخ طائفي متراكم
نوهت اللجنة إلي أنه بالرغم من حالة الاندماج التي خلقتها الثورة بين المصريين من مسلمين ومسيحيين إلا انه لا يمكن إنكار أن هناك مناخا طائفيا متراكما علي مدار أربعة عقود , مازالت آثاره وتفاعلاته مستمرة حتي اليوم , كما تمت معالجة هذا الملف من جانب السلطات العامة خلال هذه العقود باعتباره ملفا أمنيا عرفيا ولم يتم استخدام الوسائل السياسية ولا الاجتماعية ولا القانونية في نزع جذوره والتوصل لحلول حقيقية له , وعلي هذه الخلفية وهذا التراكم اندلعت أحداث إمبابة ومن قبلها أطفيح وقنا وأبو قرقاص , بما يؤكد الحاجة إلي معالجة الملف الإسلامي المسيحي بمنهج مختلف عما اتبعه النظام السابق والذي أدي إلي هذه الكوارث.
الطابع العشوائي
أشارت اللجنة إلي أن منطقة إمبابة محل الأحداث الأخيرة تتميز بالعديد من الخصائص أبرزها غلبة الطابع العشوائي , وغياب الخدمات الأساسية والاكتظاظ السكاني الكثيف , وانتشار البطالة وغياب السلطات العامة , وذلك بالنسبة لعموم سكان المنطقة من مسلمين ومسيحيين , وهو ما سهل هذا السياق الاجتماعي من سرعة الاصطفاف الديني بمجرد سريان شائعة تتعلق بالشرف أو الدين أو كليهما , وهو ما توافر بوضوح أثناء الأحداث الأخيرة.
وقال جورج إسحق عضو اللجنة إن الذين قاموا بالتحريض علي الحادث وشحن الأهالي هم مجموعة من السلفيين والبلطجية وأعضاء في الحزب الوطني المنحل, وأن المجلس لن يتواني عن الدفاع عن حرية الاعتقاد وتجريم التمييز الديني, وسيظل هذا الملف مثار اهتمام المجلس خلال الفترة المقبلة.
وأضاف الدكتور سمير مرقص عضو اللجنة أن المجلس في هذا الصدد تم تعيين مفوض خاص من أعضائه لمتابعة أحداث التوتر الديني , وسرعة التعامل معها, والتأكيد علي سيادة القانون وسيادة دولة المؤسسات وأن مؤسسات الدولة هي المعنية بتنفيذ القانون وإعماله دون الأفراد أو الجماعات.
نوه مرقص إلي أن الفترة المقبلة ستشهد حلولا من المجلس قصيرة الأجل وبعيدة الأجل للقضاء علي مناخ الاحتقان والتمييز في المجتمع, وإعادة العلاقات الإسلامية المسيحية إلي ما كانت عليه قبل فترة الاحتقان.