جلست مع أمهات أخريات ننتظر أن ينهي أطفالنا تدريب العزف الموسيقي…بدأ بعضهن في التحدث عن أطفالهن وقدراتهم المختلفة وأنهن يفكرون في إلحاق أطفالهن ببرامج لتنمية القدرات وأيضا لشغل وقت الفراغ لدي هؤلاء الأطفال, إضارت إحدي الأمهات برنامجا يساعد الطفل علي تحصيل دروسه بشكل جيد وأخري اختارت برنامجا لتقوية اللغة الفرنسية لدي طفلها..فتعجبت كثيرا لذلك وتساءلت… علي أي أساس اختارت الأمهات هذه البرامج, وهل عندما يرتقي تفكيرنا ونقرر أن نلحق أبنائنا ببرامج لتنمية القدرات يكون الهدف من وراء ذلك هو التفوق الدراسي؟وهل من الأفضل أن نختار برامجا تقوي مهارات التفكير والإبداع والبحث؟قبل كل هذه التساؤلات فما هي نوعية البرامج الموجودة الآن؟وهل هي مفيدة بالفعل؟وهل هناك من يساعدنا في اختيار البرنامج المناسب للطفل؟أيضا ماهي تكلفتها وهل هناك بديلا لها أمام غير القادرين.
طرحنا بعض التساؤلات السابقة علي أولياء أمور فقال أحمد سليمان…موظف بشركة بترول..برامج تنمية قدرات إيه الأول نأكلهم ونعلمهم ونلبسهم كويس وبعدين ندور علي البرامج, أما شيماء أحمد, موظفة بإحد الأحياء, فقالت :أنا ماسمعتش عن البرامج دي قبل كده…وبعدين إحنا هندخل بناتنا مدارس كويسة يعني مش محتاجين للبرامج دي. في حين قالت أماني جمال مدرسة:سمعت عن البرامج دي وهي أكيد مفيدة بس أنا معرفش هي فين, لكن أنا ناوية أدخل ابنتي فيها لأن الدراسة صعبة جدا وعايزة أخليها مستعدة للصعوبة دي عن طريق البرامج دي, قالت نرمين نجيب, محاسبة, أنا بأسمع عن البرامج دي وأعرف شوية منها لكني محتارة أدخل ابني أي واحد منهم.
بعد هذه الآراء سنتعرض معا لاثنين من برامج تنمية القدرات لنتعرف عليهما.
الأول برنامج الكورت لتنمية التفكير وهو برنامج عالمي وضع عام1970 ويطبق في30 دولة, حول هذا البرنامج تحدث المهندس شادي محمد مسئول التدريب بالبرنامج وقال: كلمة كورت اختصار حروف أولي لكلمات تعني مؤسسة البحث المعرفي ويحوي أدوات ومهارات في التفكير يدرب عليها الطالب ليمارسها في حياته اليومية, يتكون البرنامج من ستة أجزاء وفي كل جزء عشرة دروس لكل منهما هدف يجب تحقيقه.
الجزء الأول توسعة مجال الإدراك والثاني التنظيم. حيث ينظم التلاميذ أفكارهم والدروس الخمسة الأولي بهذا الجزء تساعد التلميذ علي تحديد معالم المشكلة والخمسة الأخيرة تعلم التلميذ كيفية تطوير الاستراتيجيات لوضع الحلول.
الجزء الثالث هو التفاعل…ويهتم بتطوير المناقشة والتفاوض لدي التلاميذ, والرابع الإبداع وهو شئ يمكن تعليمه للتلاميذ وتدريبهم عليه لإنتاج أفكار جديدة, أما الخامس فهو المعلومات والعواطف ويتعلم فيه التلاميذ كيفية جمع وتقييم المعلومات وتأثرها بعواطفهم وقيمهم, والجزء الأخير يهتم بعملية التفكير كاملة بدءا باختيار الهدف وانتهاء بتشكيل الخطة لتنفيد الحل. ويساعد هذا البرنامج التلاميذ علي أن يكونوا مفكرين فاعلين ومتفاعلين, وينمي المهارة العلمية التي تتطلبها الحياة الواقعية.
هناك نوعية أخري من البرامج تستهدف تنمية الأطفال علميا وتكنولوجيا عن هذه البرامج تحدث المهندس عبد العاطي محمد مسئول التدريب بمؤسسة مهاتك وقال:نقدم نوعين من البرامج الأول للأطفال الملتحقين برياض الأطفال والمرحلة الابتدائية, ويستهدف إكسابهم المعرفة العلمية ومهارات البحث العلمي من خلال ممارسة التجريب العلمي, من برامج النوعية الأولي نادي علوم ابن الهيثم فيه يتم قيام الأطفال ببعض التجارب داخل المعامل ففي معمل الفيزياء يتعرفوا علي خواص المياه وفي معمل الميكانيكا يتعلموا كيف يصنعوا لعبة وفي معمل الكهرباء يتعرفوا علي كيفية تكوين الدوائر الكهربائية.
يدعم هذه النوعية برنامج أصالة المساعد للأمهات وهو يوضح أساسيات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات للأمهات لمساعدتهن في تقديم الدور التربوي لأبنائهن من عمر سنتين فما فوق.
النوعية الثانية من البرامج تقدم للنشئ خارج التعليم وذوي الظروف الصعبة, تتيح لهم هذه النوعية خدمات نفسية واجتماعية وعلمية ومهارية, وتنقسم إلي ثلاث برامج, الأول يسمي نمور المستقبل ويقدم للنشئ من 11إلي 14 سنة للتدريب علي إصلاح وصيانة الدوائر الإلكترونية والثاني يدعي فتيحة مصرية حيث يقدم للإناث من 12إلي 16سنة, حيث يتدربن علي إنتاج وتجميع اللوحات المطبوعة للدوائر الإلكترونية, والأخير برنامج بليه المصري ويستهدف الذكور من 12إلي 16سنة العاملين بالورش المهنية لتنمية مهاراتهم التكنولوجية, ويتم تدريبهم بالفترة المسائية.
أثناء إعداد هذا الموضوع اكتشفنا وجود برامج متعددة منها ماينمي مهارة معينة كالحساب, ومنها ما ينمي لغة معينة, ومنها ما يعلم الطفل محاكاة نماذج صناعية كالسيارات والطائرات وغالبية هذه البرامج تقدم للأطفال المجرد بلوغهم الخامسة…وأمام هذا لكم الثري كان من الضروري التحدث إلي أحد المتخصصين لإرشادنا إلي كيفية اختيار البرنامج المناسب للطفل.فتحدثنا إلي الدكتور بطرس حافظ أستاذ الصحة النفسية بكلية رياض الأطفال الذي أوضح أنه كي تحقق برامج تنمية القدرات الإفادة المرجوة منها لابد أن توضع من قبل متخصصين لتحديد الهدف من البرنامج والذي يجب أن يكون تنمية الذكاء أو الانتباه أو التذاكر أو الإدراك وفي أي اتجاه سمعيا أم بصريا.فهناك مثلا ذكاء سمعي وآخر بصري وهكذا…فمحتوي البرنامج يجب أن ينمي قدرة من تلك القدرات السابقة.
أكد د.بطرس أنه من الضروي أن يتعرض الأطفال لمثل هذه البرامج خاصة في سن الرابعة لأن الذين لا يتعرضوا لها يمكن أن يواجهوا مشكلات متعددة في التعليم مثل أن نجد الطفل متميز في التعرف علي الحروف والأرقام بالعربية, ولا يستطيع التعرف علي الإنجليزية أو أن يكون متميزا في مذاكرة الحروف وضعيف في مذاكرة الأرقام, أو قد يكون من الفئة المتميزة في استيعاب المعلومات المرئية دون المسموعة.
يمكن أن تستعين الأم بالمتخصصين لتحديد البرنامج الذي يحتاجها الطفل, يتم إجراء بعض الاختيارات التي تقيس قدراته وتحدد أي منها يحتاج إلي التنمية والارتقاء بها, كذلك هناك برامج إرشادية وضعها المتخصصون للوالدين لمساعدتهما في قياس قدرات أطفالهم وتحديد نقاط الضعف والقوة بها.
كذلك لابد من مراعاة مناسبة البرنامج للعمر الحقيقي والعقلي للطفل, فلا أعرضه لبرنامج نتطلب ذكاء عال عن مستوي ذكائه فيصاب بالإحباط. فالأجدي تعرضه لبرنامج يتماس مع قدراته ثم يعمل علي تنميتها.
أما عن طريقة تأثير هذه البرامج علي ضخ الطفل فهي تستهدف حث بعض خلايا المخ التي بها قصور وظيفي علي العمل فمن خلال التدريب ستعمل هذه الخلايا شيئا قشيئا هذا شئ مختلف تماما عن الإعاقة لأن الأخيرة سببها أن بعض خلايا المخ لن تعمل وبالتالي هناك أشياء معينة لن يقوم بها الطفل أبدا ويستطيع الطفل بالتدريب عمل أشياء لم يكن يفعلها من قبل دون تعنيف أو توبيخ.
أما بالنسبة للأسر التي لا يمكنها إتاحة هذه البرامج لأطفالها بسبب الظروف المادية فيمكنها الاستعانة بكتب كلية رياض الأطفال وفيها تطبيقات بسيطة ستساعدهم علي تنمية قدرات أطفالهم.