آلة الزمن
ـ دعونا نعود بآلة الزمن إلى الأربعينيات من القرن الماضى حيث ولد الدكتور نصر حامد أبو زيد فى إحدى قرى طنطا بمحافظة الغربية فى 10 يوليو 1943 , ونشأ فى أسرة ريفية بسيطة , لذلك لم يستطع فى البداية الحصول على شهادة الثانوية العامة التوجيهية لاستكمال دراستة الجامعية بل اكتفى بالحصول على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكى عام 1960 وعمل بوظيفة مؤقتة ليرعى الأسرة بعد وفاة أبيه وهو مازال صغيراً .
ـ نجح أبو زيد فى إنجاز مشروعه العلمى والعملى بعد ذلك , فحص على الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1972 بتقدير إمتياز , وقد تفوق ايضا فى رسالتية للماجستير والدكتوراه من نفس القسم والكلية فى الدراسات الإسلامية عامى 1976 , 1979 بتقدير مرتبة الشرف الأولى …
ـ تدرج أبو زيد فى الوظائف الجامعية من معيد إلى مدرس إلى أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة ثم عمل أستاذاً مساعداً بنفس الكلية بجامعة القاهرة فرع الخرطوم خلال الفترة ( 1983 – 1987 )
حصل الدكتور نصر أبو زيد على منحة مؤسسة ” فورد ” للدراسة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة ( 1976 , 1977 ) , ومنحة أخرى من مركز دراسات الشرق الأوسط جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية ( 1978 – 1980 )
ـ أما عن الوظائف التى شغلها خارج وطنه مصر فقد عمل أستاذاً زائراً بجامعة ” أوساكا ” للغات الأجنبية باليابان ( 1985 – 1989 ) , وأستاذاّ زائراً بجامعة ” ليدن ” بهولندا بدءاً من أكتوبر عام 1995 , وشغل كرسى ” كليفرينخا ” للدراسات الإنسانية ( كرسى فى القانون والمسئولية وحرية الرأى والعقيدة بجامعة ليدن بدءاً من سبتمبر 2000 , وكرسى ابن رشد لدراسة الإسلام والهيومانيزم ( الإنسانيات ) جامعة الدراسات الهيومانية فى ” أوترخت ” بهولندا عام 2002 .
ـ حصل أبو زيد على جائزة عبد العزيز الأهوانى للعلوم الأنسانية من جامعة القاهرة عام 1982 , ووسام الاستحقاق الثقافى من رئيس جمهورية تونس عام 1995 , وجائزة إتحاد الكتاب الأردنى لحقوق الإنسان عام 1996 , وميدالية ” حرية العبادة ” مؤسسة ” إليانور وتيودور روزفلت ” عام 2002 , ثم جائزة مؤسسة ” ابن رشد ” للفكر الحر وتسلمها فى نوفمبر عام 2005 بمعهد جوتة – برلين.
ـ ترك الدكتور أبو زيد للمكتبة العربية أكثر من مائة وخمسين مؤلفاً , بالإضافة إلى العديد من الدراسات بالدورات العربية والأجنبية , أيضاً مؤلفات عديدة باللغات الاجنبية ,
نذكر من هذة المؤلفات العربية :
– أدب العمال والفلاحين – 1962
– أزمة الاغنية المصرية – 1964
– أبن خلدون بين النظرية والتطبيق – 1977
– أندرية جيبسون ملاحظات عن القصة والفكاهة – 1982
– نظرية القصة القصيرة إيكيناوم : أوهنرى – 1983
– الكشف عن أقنعة الإرهاب – 1990
– محاورة مع الأب متى المسكين – 1991
– المثقف العربى والسلطة – 1993
– التفكير فى زمن التكفير – 1994
– الدفاع عن الشعر من أجل تأسيس علم البيان – 1995
– دوائر الخوف , دراسة فى خطاب المرأة – 1996
– هكذا تكلم ابن عربى – 2002
– درس نجيب محفوظ – الأدب مقاومة فكرية – 2006
– شعار النهضة وشعارات الأزمة – 2009
أما عن دراستة المنشورة فى الدوريات الصحفية من مجلات وجرائد , فمن بينها :
– ثقافة التنمية وتنمية الثقافة مجلة القاهرة – 1990
– زكى نجيب محمود : غربة الروح بين أهلها مجلة المصور – 1993
– الرؤيا فى التراث السردى العربى مجلة فصول – 1994
ومن مقالاتة بالإنجليزية :
– نظرية التأويل عند الغزالى ـ مجلة جامعة ” أوساكا ” للدراسات الأجنبية باليابان – العدد 72 – 1986
– ترجمت أعماله من كتب ودراسات الى لغات أجنبية مختلفة , كما ترجم هو بعض المؤلفات من الإنجليزية إلى العربية
التفكير والتكفير :
ـ بدأت المعارك الفكرية بين الدكتور أبو زيد ومهاجمية فى مايو 1992 عندما تقدم بأبحاثة العلمية للترقى الى درجة ” أستاذ ” بقسم اللغة العربية بكلية الأداب جامعة القاهرة , وأرفق بها اثنين من مؤلفاتة العلمية وهما :
( 1 ) كتاب ” الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ” دار سينا للنشر عام 1992
( 2 ) كتاتراجيديا ب ” نقد الخطاب الدينى – دار الثقافة الجديدة – 1992
وقد تشكلت لجنة القراءة والفحص من :
– الدكتور شوقى ضيف
– الدكتور محمود على مكى- أستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة
– الدكتور عبد الصبور شاهين ـ أستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة
– الدكتور عونى عبد الرؤوف – أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة
– الدكتور محمود فهمى حجازى . وكيل كلية الآداب جامعة القاهرة
ـ وهنا قدم الدكتور عبد الصبور شاهين تقريراً يتضمن وجود عدد من التجاوزات التى تمس العقيدة الإسلامية فى القرآن الكريم مما ترتب علية رفض رئيس الجامعة الدكتور مأمون سلامة إصدار قرار بترقية الدكتور نصر أبو زيد إعمالاً لتوصية لجنة الترقية السابقة .
ـ لم يقف الأمر عند رفض الترقية بل تحول إلى حملة ضارية شنها الدكتور شاهين ضد أبو زيد على منبر مسجد عمرو بن العاص بتهمة بالزندقة والإلحاد وكان ذلك فى 2 / أبريل عام 1993 , تبع ذلك مصادرة الكتابية السابقين من قبل الازهر الشريف , بالاضافة الى إقتراح بإبعاد أبو زيد عن التدريس بالجامعة.
ثم حدث أن تظلم الدكتور أبو زيد من قرار رئيس الجامعة وأشتدت المعركة على صفحات الجرائد والمجلات بين مؤيد ومعارض, قرر رئيس الجامعة على أثرها تشكيل لجنة أخرى من أساتذة قسم اللغة العربية لفحص الإنتاج العلمى للدكتور نصر أبو زيد, وهذه اللجنة تكونت من :
– محمود فهمى حجازى
– يوسف عبد القادر خليف
– محمود مكى
– نبيلة إبراهيم
– سيد حنفى
– أحمد على مرسى
– جابر عصفور
– طة وادى
– شوقى رياض
– عبد اللة التطاوى
– أحمد شمس الدين الحجاجى
وقام هؤلاء الأعضاء بفحص تقرير الترقية تفصيلاً وانتهى الرأى بإجماع الآراء على رفض تقرير لجنة الترقية الأول ومخالفة ما انتهى إليه, ولما انتهت فترة رئاسة الدكتور مأمون سلامة للجامعة وحل محلة الدكتور مفيد شهاب قرر ترقية الدكتور أبو زيد إلى درجة الأستاذية فى مايو 1995 , ولم يمض هذا الشهر حتى جاء حكم محكمة استئناف القاهرة – الأحوال الشخصية بالتفريق بين الدكتور نصر أبو زيد وزوجتة الدكتورة ابتهال يونس باعتباره مرتداً عن الدين الإسلامى وهى لاتزال على إسلامها، وذلك بناء على الدعوى القضائية التى أقامها بعض المحامين من خصوم أبو زيد الذين عملوا على الاستفادة من أوضاع محكمة الأحوال الشخصية ووجدوا فيها مبدأ يسمى الحسبة . وحدث ما حدث.
ـ لم يذعن الدكتور نصر لهذة الاتهامات ولم يتراجع عن أبحاثة العلمية التى أثارت الجدل, بل اختار الخروج من المأزق بمغادرة الوطن, وكان المنفى الإختيارى فى هولندا حيث عمل أستاذاً للدراسات الإسلامية بجامعة ” ليدن ” ووقفت معة زوجتة الدكتورة ابتهال يونس أستاذة الأدب الفرنسى , وظلا هناك حوالى خمسة عشر عاماً زارا فيها مصر مرات معدودات, وفى هذا يقول الدكتور نصر أبو زيد : ” أن كثيراً من الذين إضطرتهم ظروف شبيهة للهجرة للغرب أستثمروا هذة الظروف أسوأ استثمار , بأن تحولوا كارهين – وليسوا ناقدين – لثقافتهم , لهذا رفضت اللجوء السياسى , وأفخر أننى ما أزال أحمل جنسيتى المصرية وحدها, أؤكد ليس هذا تقليلاً من شأن من تضطرهم ظروفهم ازدواج الجنسية , لكن حرص منشأة تأكيد حقيقية إننى باحث ومن شأن الباحث أن يكون ناقداً للثقافة التى ينتمى إليها , الانتماء لا يعنى عدم النقد …
أما زوجة الدكتور ابتهال يونس فعلقت على دعوى التفريق قائلة : لسنا مجرد زيجة عادية, تجمعنا فقط قسيمة زواج , نحن أصدقاء وزملاء ورفقاء حلم كبير … أشعر بالألم لأنهم انتهكوا حرمة بيتى , وتعدوا على حريتى الشخصية إنهم يحاولون تحطيم حلم حياتى فى مجتمع متقدم
جبهات الدفاع :
ـ أسفرت المحنة المريرة التى عاشها الدكتور نصر حامد أبو زيد من أكثر من جهة دفاع وتضامن لإنقاذ الحياة الزوجية لة ومواجهة التخوف من قيام أحد المتطرفين بالاعتداء على حياته وقتله.
أولا – تصدرت جبهة المثقفين هذة الحلمة, وجاء فى بيانها :
– إن تلتزم جميع هيئات الدولة بتنفيذ بنود العهود والمواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان التى التزمت مصر يتطبيقها
– دعوة جميع المؤسسات فى المجتمع إلى العمل الجاد لإلقاء جميع التشريعات والقوانين المقيدة للحرية , والوقوف وقفة حازمة ضد جميع صور التعصب التى تزرع العنف والإرهاب فى المجتمع ولا سيما التحريض الذى صار منظما ضد حرية الإبداع.
– مناشدة جميع المثقفين والمبدعين والهيئات المعنية بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير فى جميع أنحاء العالم التضامن معهم فى هذة الفترة.
ثانيا – أيضا تشكلت لجنة من كبار رجال القانون والمحامين للدفاع عنة رئاسة الدكتور على عبد الفتاح الشلقانى وتضم فى عضويتها :
– الدكتور عبد المنعم الشرقاوى
– الأستاذ أحمد الخواجة
– الدكتور إبراهيم صالح
– المستشار محمود عنبة
– الأستاذ عبد العزيز محمود
ثالثا – أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بياناً جاء فيه:
– اتخاذ كل الاحتياطات والتدابير الكفيلة بحماية حياة الدكتور نصر وزوجته الدكتورة ابتهال يونس
– لابد للمشروع من النص صراحة على حظر إقامة دعاوى الحسبة ( سيما فى قضايا الرأى ) نظراً لما تنطوى علية هذة الدعاوى من تفتيش فى ضمائر الكتاب والباحثين والأباء ولقطع الطريق على استخدام هذه الدعاوى كسلاح من قبل بعض الجماعات المتعصبة دينياً لتكفير المخالفين ووضعهم هدفاً لبنادق الاغتيال
– إعادة النظر فى جميع التشريعات المقيدة للحرية فى الفكر والرأى والعقيدة بما يتفق وأحكام المادة ( 46 ) من الدستور والمعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية , وحماية الأعمال الفكرية والعلمية والفنية ومما يعزز القدرة على الإبداع والاجتهاد.
رابعا – إصدار أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية بياناً جاء فيه :
– الإعلان عن التضامن الكامل مع الدكتور أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس فى هذه الحملة , ومطالبة إدارة جامعة القاهرة بالمبادرة باتخاذ الإجراءات بمؤازة الدكتور نصر أبو زيد والرد على هذة الحملة بما يعزز من صورة الجامعة ومكانتها , وهى الجامعة الأم العزيزة على كل ما هو مصرى غيور.
استنكار للحملة الغوغائية التى تستهدف قيم حرية الفكر والبحث العلمى , والتى وصلت لذروتها بتصريحات للبعض يطالبون فيها بمنع ابحاث معينة وإبعاد أصحابها عن الجامعة
– على المجلس الأعلى للجامعات العمل على تدعيم حرية البحث العلمى بكل الوسائل ومنها ان يتبنى السعى لدى المشروع نحو إضفاء حصانة قانونية على أعمال البحث العلمى , وغستجابة لكل هذة النداءات قام مجلس الشعب بالموافقة على مشروع القانون رقم 81 لسنة 1996 وهو نفس مشروع القانون الذى اقترحة المستشار محمد السعيد العشماوى بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ( 3 ) الصادر لسنة 1968 ويقضى التعديل بان لا يقبل اية دعوى او اى طلب او دفع استناداً لاحكام هذا القانون او اى قانون اخر لا يكون لصاحبة فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون
– جدير بالذكر أن الدكتور نصر أبو زيد تلقى دعوة من لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تضامناً معة وذلك على اثر الازمة التى اثيرت حول منعة من دخول الكويت وفى اليوم المقرر للمؤتمر الصحفى سحبت النقابة دعوتها , ولم يكن ثمة من حل إلا أن تعقد الفاعلية فى البهو فى الدور الأرضى بلا مقاعد ولا ميكروفون وكان هذا – كما يذكر هو – تنازلاً من النقابة التى اقترحت عقد المؤتمر على الدرج الخارجى فى مدخل النقابة (يذكر هذا بما حدث منذ عامين ومؤتمر مصريون ضد التمييز الدينى ).
جولة فكرية :
ـ لا يسعنا الوقت والمساحة للغوص فى فكر الدكتور نصر أبو زيد , لهذا نكتفى هنا بأن نورد بعض النماذج الفكرية لهذا العقل المنير.
أولا : الفزع من العلمانية :
إن الزائر لرواق نصر أبو زيد على الشبكة العنكبوتية يقرأ ما كتبه أبو زيد فى
27 / أبريل / 2010 تحت عنوان :
” الفزع من العلمانية : فصل الدين عن الدولة ” فنجدة يقول : ” إنها العلمانية التى تفصل بين الدولة ونظامها السياسى وبين الدين – هى وحدها التى يمكن ان تفتح أفاقاً للحرية والعقلانية وتعدد المعانى , الدين شأن المتدينين , ومعة الدولة أن تضمن حرية الجميع , وتحمى البعض من البغى على البعض بأسم الدين أو بأسم هذا المعنى أو ذلك لدين بعينه .
لكن العلمانية لا يمكن أن تتأسس دون الإصلاح الدينى , إصلاح لم يتحقق بعد عندنا , بل تحقق فى أوربا القرن السادس عشر , لم تحدث عندنا ثورة فلسفية كالتى أحدثها فلاسفة أوربا , تلك الثورة التى على أساسها تحققت الثورة الإجتماعية والسياسية التى أرست مفهوم ” المواطن ” وأحلتة محل ” الرعية ” – المفهوم الحاكم فى مجتمعاتنا , رغم بلاغة الدساتير فى تأكيد ” المواطنة ” بعد تحرر الإنسان من نير الطغيان السياسى , ونير التصور الكنسى للعالم , بفضل كل ما سبق – الإصلاح الدينى وثورة الفكر الفلسفى والعلمانية – تحققت الثورة العلمية.
ثانيا : الفن وخطاب التحريم :
” الفن وخطاب التحريم ” عنوان المحاضرة التى ألقاها الدكتور نصر أبو زيد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2008
تلك المحاضرة التى حاولت مؤسسة المورد الثقافية القاهرة – بيروت أن تقيمها فى نقابة الصحفيين بالقاهرة ورفضت النقابة الطلب كما رفضت مؤسسات وزارة الثقافة إستضافة المحاضرة أيضاً , والتى عقدت أخيراً بالجامعة الأمريكية بالقاعة الصغيرة الامر الذى جعل أكثر من 60 % من الحضور يقفون خارج القاعة “
وقد ركز أبو زيد فى هذة المحاضرة على أن فى تحريم الفنون نوعاً من الأضطهاد حيث يمارس الإنسان أقصى درجات الحرية فى الفنون من رسم وتصوير وشعر وتشكيل
وتساءل : ماذا ينبغى من الحضارة الإسلامية لو نزعنها منها هذا الغنى الفنى والأدبى , وأضاف : أن المسلمين لم يجدوا حرجاً فى التماثيل التى وجدوها بالمعابد الأثرية فى مصر والهند وغيرها
ثالثا : دوائر الخوف :
أصدر الدكتور أبو زيد كتابة ” دوائر الخوف ” بعد الحكم القضائى . وفية بحث القارئ منطلقاً من السعى للتفكير الحر , التفكير بلا خوف ولا مناطق آمنة يرسمها البعض حفاظاً على مصالحة , آملاً أن يقرأ القارئ الذى خضع لضغوط التجهيل هذا الكتاب الذى سيجد فية إجتهادات فى فهم أهم قضايا المجتمع المطروحة وهى قضية المرأة , إنها اجتهادات قد يختلف القارئ معها وقد يتفق لانها مطروحة للنقاش , وهى فى النهاية إجتهادات لا يمتلك صاحبها سلطة من أى نوع لفرضها على الناس , والأهم من ذلك أن صاحبها يقف ضد كل سلطة وأى سلطة تحول بين الإنسان وحريتة فى التفكير
الرحلة الأخيرة :
ـ بقى أن نذكر أنه فى رحلة المنفى الاختيارى لأبو زيد بهولندا ظلت مصر فى العقل والقلب حتى إنة – كما ذكر – لم يحمل سوى الجنسية المصرية وحدها , مؤكداً على إنتمائة لوطنة غير ناقم أو حاقد على من اختلفوا معة فى الرأى والقناعات الفكرية , إذ إنة يرحمة اللة – كان يستنكف فكرة كونة ضحية للصراع بين التفكير والتكفير .
وإذا كان قد ترك لنا إرثاً فكرياً كبيراً من المؤلفات والترجمات العربية والأجنبية والعديد من الدراسات والمقالات بالدوريات العربية والأجنبية أيضا , فإنة مع هذا وذاك ترك أيضا تاريخاً مثيراً للجدل سيقف عندة المؤرخون لتاريخ مصر المعاصر.
ومن الجميل أن تتحقق رغبة أبو زيد فى احتضان ثرى وطنه لجسده وانضمامه لأهل بيته فى الرحلة الأخيرة، هكذا شاءت الإرادة الإلهية أن يسلم الروح فى القاهرة , بعد صراع قصير مع المرض ويدفن فى مسقط رأسه بطنطا قبل أيام من حلول ذكرى ميلاده فى العاشر من يوليو عام 1943 .
_ رحم الله الدكتور نصر حامد أبو زيد .
4 – 7 – 2011