التعليم هو أساس بناء الأمة وهو عمودها الفقري الذي يحدد مسار أبنائها وشخصياتهم وعقولهم وأسلوب تفكيرهم.فإذا تدهور التعليم وانحرف عن مساره أصبحت الأمة في خطر داهم.ولن نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إننا نعيش فوضي التعليم.فعلي مدي سنوات طويلة تغيرت التعليم وتغير النظم والقوانين.ولم يعرف نوع من الثبات والدوام والاستقرار.
سنوات الابتدائي ست سنوات.لا خمسة وتلغي السنة السادسة.أبدا الصحيح أن تعود السنة السادسة.الثانوية العامة ثلاث سنوات.يكفي سنتان أو سنة واحدة.اختيار مواد معينة للامتحان فيها وتضاف درجاتها إلي المجموع.نظام التحسين.تبين أنه نظام فاشل.بل يعود التحسين.حتي القبول بالجامعة عن طريق مكتب التنسيق الذي يضمن المساواة للجميع.يتم التفكير في تغييره وعقد اختبار جديد بعد الثانوية العامة.وبنتيجته يتم القبول.وهكذا ذبذبة وتغييرات ينعكس تأثيرها علي التلاميذ والطلبة وأهاليهم وإرباكهم.
تغيرت نوعية التلاميذ ونوعية المدرسين أيضا.ونتيجة تخلي الأسرة عن تهذيب وتربية الأبناء فقد التلميذ احترام للمدرس وتبجيله والتطاول عليه.وعلينا أن نبكي حسرة ونحن نقرأ أخيرا أن تلميذا بالمرحلة الإعدادية تجرأ وتطاول علي مدرسه بضربه بالحذاء.السلوك المقزز الذي تكرر في مواقف متعددة وطال هذا السلوك المعيب والمتدني بعض أعضاء مجلس الشعب.
أما المدرس,وكثيرون منهم غير تربويين وبعضهم معينون مؤقتين اهتمامهم الأول هو زيادة دخلهم بالدروس الخصوصية واصطياد التلاميذ وإجبارهم علي هذه الدروس.وأصبح المدرس لا يشرح الدروس في الفصل ويكتفي بالشرح في الدرس الخصوصي.وأصبح الكثير من المدارس مهجورة من التلاميذ والفصول خالية والذهاب إلي المدارس تراجع.ورغم كل ذلك رأينا تلاميذ يتفوقون ويحصلون علي مجاميع فوق المئة في الثانوية العامة.ونتيجة لارتفاع أعداد الطلبة لا يمكن أن نرتكن إلي جدية تصحيح الامتحانات والمراجعة الدقيقة.ويصرخ الطلبة مطالبين بإعادة التصحيح ومراجعة أوراق الامتحان, ويدفعون مقابل ذلك مئات الجنيهات.وأصبحت الثانوية العامة هما علي الطالب وأسرته وعقدة العقد ولن نتحدث عن الغش العلني.وانتشاره بين الجميع وانضمام بعض الأسر إلي هذا المسلك المعيب وتسريب الامتحانات وشرائها كأي سلعة في السوق.
أما عن الدراسة في الجامعة فهي خاضعة لظروف عديدة.فقد تعددت الجامعات وتنوعت بين جامعة حكومية وجامعة خاصة وجامعة أهلية.وانتشرت الجامعات الحكومية في معظم محافظات الجمهورية,ومن هذه الجامعات الحكومية ما تعتبر بالاسم فقط.بعضها بلا مباني خاصة.وبعضها تنقصه هيئة التدريس.أعداد الطلبة كثيرة وأساتذة الجامعة يعدون علي أصابع اليد الواحدة.الكليات العملية مثل الطب والصيدلة والطب البيطري والتمريض والهندسة بلا معامل أو ممارسة عملية للدراسة.
يتخرج الطبيب دون أن يلمس مريضا أو يمارس تشريحا أو يتدرب علي الكشف علي المريض وتحديد نوع مرضه وأسلوب علاجه.لأن معظم الطلبة يدفعون للمريض مبلغا من المال ليذكر للطالب حقيقة مرضه.ويتخرج طالب الجامعة ويشكو الكثيرون حاليا من مستوي خريج الجامعة.فكيف يتخرج أطباء وصيادلة من كليات لا يوجد بها أساتذة,ولا تتوافر بها معامل.سوف نجد أطباء لم يدرسوا الطب وصيادلة لم يدخلوا معملا وممرضات لا يعرفن كيف يمارسن التمريض الذي هو أساس شفاء المريض.إن ما يحدث هو صورة فجة وإدانه للتعليم الجامعي,وعشوائية التعليم.
هل نستطيع أن نذكر ضحالة التعليم وسطحية الخريجين وجهلهم ولجوءهم للسلوك غير السوي في حياتهم العملية بعد ذلك واستسهالهم الغش الذي مارسوه في دراستهم والذي يستحلون ممارسته في حياتهم العملية.
ونتساءل: هل هناك تعليم حقيقي مع هذه الفوضي التعليمية.وهل نطمئن علي مستقبل بلدنا وما نأمله لها؟!