حازت عملية انتخاب مدير عام جديد لمنظمة اليونسكو علي اهتمام كبير من كافة الأوساط, وكان فاروق حسني وزير الثقافة هو أكثر المرشحين إثارة للجدل في هذا المنصب, وعرض المرشحين للمنصب برامج عملهم خلال الفترة المقبلة في حالة فوزهم بالمنصب.
وطني حاولت التعرف علي دور العلاقات الدولية في التأثير علي قرار المؤتمر العام لانتخاب مدير عام جديد, وتقييم حملة المرشح المصري من خلال عمله وزيرا للثقافة, خاصة بعد أن قدم فاروق حسني وغيره من المرشحين برامج عملهم لتطوير اليونسكو.
قال الدكتور عماد جاد رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية والخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن انتخاب أمين عام لليونسكو عملية معقدة وغير سهلة وتخضع للعلاقات الاستراتيجية بين الدول, وسير المرشحين الذاتية وبرامجهم, والغرب يتعامل مع هذه المسألة بحزم بينما المنطقة العربية تتعامل مع مثل هذه الملفات بهزل.
أشار د. جاد إلي أن الدول الكبري تؤثر علي المنظمات الدولية بالعديد من الطرق, وذات مرة اعترضت الولايات المتحدة علي ترشيح أحد المرشحين لمنصب مدير عام اليونسكو, وحينما فاز بالمنصب انسحبت الولايات المتحدة من المنظمة وجمدت عضويتها وسحبت دعمها المادي حتي انتهت فترة المشخص الذي كانت معترضة عليه, وسبق أيضا أن حدث نموذج مماثل حينما اعترضت الولايات المتحدة علي التجديد للدكتور بطرس غالي في منصبه كأمين عام للأمم المتحدة لسياسات معينة وبالفعل لم ينجح غالي, وهو ما يبرز أهمية العلاقات الدولية وقوتها في التأثير علي أي عملية انتخابية.
أوضح د. جاد أن فاروق حسني وزير الثقافة سبق أن صرح بأنه سيحرق الكتب الإسرائيلية, وكان عليه أن يعلم أن هذا رأيه الشخصي ولابد أن يتحمل تبعاته, وكان عليه التمسك به وعدم ترشيح نفسه لمنصب مدير عام اليونسكو, أما أن يقوم بترشيح نفسه ثم يعتذر عن هذا التصريح فمن شأنه إثارة العديد من الملفات ضده, وهناك صحف إسرائيلية وفرنسية وأمريكية انتقدت كثيرا فاروق حسني وجعلته المرشح المثير للجدل, وهو ما يعد من الأمور التي تكشف عن عدم رضا تجاه ترشيحه, أو الخوف من إثارة الجدل في حال انتخابه.
أكد د. جاد أن فاروق حسني أخطأ حينما قدم نفسه كمرشح عربي إسلامي, لأن هذا تمييز من شأنه إثارة العديد من الملفات ضده, وكان من الطبيعي أن يؤكد علي ترشيحه من قبل دولة عربية فقط, خاصة أن منظمة اليونسكو لا تفرق بين المرشحين علي أساس الجنس أو الدين, وهو ما يؤكد عدم جدية الحكومة في طرح مرشحها, وعدم الحرص علي الحشد بشكل يعتمد علي العلاقات الدولية وليس علي أساس العاطفة, علي الرغم من نجاح بطرس غالي كأمين عام للأمم المتحدة, محمد البرادعي مدير وكالة الطاقة الذرية, ويوسف بطرس غالي رئيس لجنة السياسات المالية بصندوق النقد الدولي.
من جانبها قالت الدكتورة هدي وصفي رئيسة مركز الهناجر للفنون إن وزير الثقافة قدم برنامجا قويا ومقنعا, وأن السيرة الذاتية للوزير جيدة, والحكومة المصرية ساعدته كثيرا, وتمكنت من حشد كل قدراتها لنجاحه, ففي المرة السابقة رشحت مصر الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية, ورشحت السعودية غازي القصبي وهو ما تسبب في تفتيت الأصوات وخسر كل من سراج الدين وغازي, لذا حرصت الحكومة علي عدم ترشيح حسني مع مرشحين عرب آخرين.
نوهت د. هدي إلي أن حسني كان المرشح الوحيد المثير للجدل وهو ما يؤكد قوة المرشح وتفوقه علي الآخرين, ولولا إدراك الدول الكبري بأن فرص وحظوظ حسني قوية في الفوز ما كانت كل هذه الحملات تثار ضده.
أشارت د. هدي إلي أن وزير الثقافة أسهم في تعديل المناخ الثقافي للأفضل, وساهم في ترميم الكثير من المتاحف والمعارض الدولية وتطوير المكتبات والدعوة للقراءة مرة أخري.
وفي هذا الإطار قال الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن المرشحين للمنصب علي درجة كبيرة من القوة ولا يمكن أن يقتصر الحديث عن المرشحين للمنصب علي فاروق حسني فقط, فهناك مرشحون من أوربا لديهم حظوظ كبيرة في الفوز ومن ثم لابد من تقبل النتيجة بهدوء وبعيدا عن فكرة المؤامرة.
نوه د. اللاوندي إلي أن سجل وزير الثقافة به من نقاط الضعف مثل ما به من نقاط القوة, فهناك مشكلات كثيرة في وزارة الثقافة تؤثر علي حظوظه, كذلك تصريحاته ضد الحجاب لاتزال تثير الجدل, خاصة أن منظمة اليونسكو تحترم العادات والتقاليد ولا تدخل في صدامات مع أحد, وتعمل علي تعزيز الحوارات بين الشعوب واحترام الثقافات المختلفة, والنظر لاختلاف الثقافات علي أنه نوع من الإثراء.
وقلل اللاوندي من تأثير الولايات المتحدة علي منظمة اليونسكو خاصة أن الولايات المتحدة لا تساهم إلا بنسبة 22% من ميزانية المنظمة, وهي نسبة ليست كبيرة ويمكن تعويضها للحفاظ علي استقلال المنظمة.
من ناحية أخري قال الدكتور مصطفي النبراوي أمين عام مركز الحوار الإنساني إن مجهودات وزير الثقافة ملحوظة للكافة, ولو كان هناك سقف أعلي للحريات لقدم فاروق حسني المزيد من الإنجازات, ولكن الإمكانات الحالية هي السبب في حال وزارة الثقافة الآن.
أوضح د. النبراوي أن مصر مليئة بالكفاءات وهناك من يمكنه إضافة المزيد من الإنجازات لوزارة الثقافة في الفترة التي سيتم فيها اختيار وزير جديد للثقافة, خاصة أن فاروق حسني سبق أن صرح بأنه سيستقيل في حال عدم انتخابه, وفي حالة الفوز لن يتمكن من الاستمرار في منصبه كوزير للثقافة.
المدير العام
وينتخب مؤتمر منظمة اليونسكو مديرا عاما جديدا لولاية أولي مدتها ست سنوات, وإذا قرر المؤتمر العام انتخاب المدير العام نفسه لولاية ثانية فتكون لأربع سنوات, بعد أن كانت الولاية الثانية في السابق مدتها ست سنوات, وعلي الأمانة العامة للمنظمة تنفيذ البرامج التي يعتمدها المؤتمر العام تحت سلطة مدير عام اليونسكو.
وعقب اختيار المجلس التنفيذي الذي تستمر فعالياته حتي 23 سبتمبر الجاري سيتم إبلاغ المؤتمر العام للمنظمة والمقرر عقده في أكتوبر المقبل باسم المرشح الذي يقترحه المجلس التنفيذي, مع تقديم مشروع عقد يحدد فيه شروط تعيين المدير العام ومرتبه ووضعه, علي أن يدرس المؤتمر العام هذا الاقتراح في جلسة خاصة ويتم البت في الأمر بالاقتراع السري.
ويتنافس علي منصب مدير عام اليونسكو 9 مرشحين, 4 سيدات و5 رجال, 4 من أفريقيا, 4 من أوربا, 1 من أمريكا اللاتينية وهم: إنا مارشيوليونيته من ليتوانيا, محمد البيجاوي من الجزائر, إيدينا جيرجويفا بوكوفا من بلغاريا, سوسبيتر مويجاروبي من تنزانيا, ألسكندر فلاديميروفيش من روسيا, إيفون خويس من الأكوادور, بينيتا فيريرو من النمسا, ونور عيني تيجاني من بنين, بالإضافة إلي فاروق حسني من مصر.