إعادة بناء كنيسة الشهيدين مارجرجس ومارمينا بقرية صول يعد بمثابة عودة الروح لأبناء هذه القرية الذين كانت عيونهم تلمع بدموع الفرح بل وبالبكاء والنحيب أيضا أثناء صلاة القداس الإلهي الأول بعد بناء الكنيسة -يوم الأربعاء الماضي- حيث كان الجميع في حالة من النشوة الروحية, وكأنهم لا يصدقون أن كومة التراب التي صنعتها قوي التطرف تحولت إلي درجات من مجد سلم يعقوب في تلك الرؤيا الخالدة -التي ربطت بين الأرض والسماء- وأن في مكان الخراب يمكن أن ترسم أيقونة الصلاة.. فقول الكتاب هو حق لأنه يخرج من الآكل أكلا ومن الجافي حلاوة.
وبالفعل أصبح مبني الكنيسة الجديد وكأنه آية للجمال والروعة كعلامة فارقة مميزة بالديكورات والأيقونات عن كل ما يحيط به من مبان, فهي بالفعل سفينة نوح التي ليست من هذا العالم ولا تتشابه مع أي من البيوت لأنها بيت الله حيث البخور الصاعد من القلوب الذي هو صلوات القديسين.
* في البداية يقول نيافة الأنبا ثيئودوسيوس الأسقف العام بالجيزة:
* * القوات المسلحة قامت بأكبر دور في تنفيذ البناء بالحمية والإنجاز السريع والإعداد الجيد ومراعاة الأبعاد الفنية والمعمارية والالتزام الشديد والدقة في المواعيد, وقد سبق البناء بالحجر تحقيق البناء الوطني وذلك بإنشاء جسور المحبة ومحاربة فكر الهدم بوضع أساسيات المباني علي دعائم المحبة لكي يعود الوئام المصري في شارع صول.. إن بناء هذا الجسر قد نجح فيه الجيش بتحقيق ملحمة حقيقية بين المسلمين والمسيحيين.. فالكل تعاون في البناء, فتضافرت جهود المسلمين والمسيحيين في حمل الرمل والأحجار, وقد نجح الجيش في هذا الأمر لأنه جيش مصر والهدم فكرة غير مصرية, لأن الهدم صورة من صور الخراب, والذي إذا استمر سوف يشمل الكل, والمطلوب الآن أن ننهض بالضمير المصري لإقامة دولة ديموقراطية مدنية مبنية علي التعايش السلمي, فنحن دولة صاحبة حضارة قوية, ولابد أن نحتل المكانة التي نستحقها في العالم, ولكن إذا تركت الحرائق الموجودة في داخل بعض القلوب من فكر الخراب المستورد سوف يعيق هذا كل نمو اجتماعي واقتصادي.
ثقة كبيرة
* أضاف الأنبا ثيئودوسيوس:
* * إن الثقة في القوات المسلحة كبيرة لأبعد الحدود.. ونقدم كل الشكل للمجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي والسادة الأفاضل الذين سهروا علي إتمام العمل بالكنيسة بضمير صاف, وفن معماري من الطراز القبطي, وعلي رأسهم اللواء طاهر عبدالله رئيس العمليات الهندسية العسكرية, واللواء حسن الرويني, واللواء علي القرشي, والإنسان البطل الذي أدي مهمة عظيمة في ميدان صول وهو العميد محسن الشيخ, الذي أسندت له العملية الهندسية في بناء الكنيسة وفرشها, وتواجد طوال الوقت في قرية صول واستعان بالمراكز الهندسية المتخصصة.. وتميز بروحه الطيبة في إدارة عملية البناء وجمعه بين المسيحيين والمسلمين وتشكيلته الرائعة في توزيع الأدوار, وذوقه الرفيع في الفرش, وأمانته المتناهية في تنفيذ تعليمات القيادة العسكرية.
* وأضاف نيافته في كلمة للمسيحيين بالقرية:
* * لابد من العودة إلي تعاليم السيد المسيح, وأن تكون هذه التعاليم منهجا ومسلكا, فالكل ينظر إلينا كيف نسلك كمسيحيين حقيقيين؟ وتنطبق علينا الآية المقدسة لينظروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات. فلابد أن تظهر أعمالنا الصالحة من حب وتسامح للناس.
وفي نهاية كلمته وجه نيافة الأنبا ثيئودوسيوس الشكر لمحافظ حلوان السابق قدري أبو حسين لإصداره ترخيص إعادة بناء الكنيسة في مكانها.
إنجاز وإعجاز
* القمص إسحق لبيب مندوب مطرانية الجيزة بقرية صول, قال:
في يوم 12 مارس الماضي قمنا مع 6 من آباء مطرانية الجيزة بصلاة شكر في موقع الكنيسة المتهدمة, وبحضور مشايخ البلد وقيادة الجيش, وتم تسليم الموقع للجيش, وتحول المسئولون إلي خلية نحل تعمل بلا كلل ولا ملل حتي صباح الأربعاء الماضي, حيث تم إقامة أول قداس بعد العمل الذي تم بإتقان فائق من الناحية المعمارية والديكورات والأثاث والحجاب والصور والإضاءة, وهذا الأمر يعد بصدق إنجازا وإعجازا تم علي يد رجال القوات المسلحة.. وقد كرر القمص إسحق الشكر لرجال القوات المسلحة ومأمور قسم أطفيح العميد أحمد عبدالوهاب وعمدة ومشايخ القرية, مؤكدا أن تضافر الجهود قد أعاد الفرح إلي 7 آلاف مسيحي بالقرية كانت أقرب كنيسة لهم بعد عملية الهدم هي كنيسة دير الرسل بأطفيح, مما كان يرهقهم كثيرا في حضور الصلوات.. وأكد القمص إسحق أن المسيحية هي صليب وقيامة وهو ما تحقق في كنيسة صول من آلام وفرح.
حزنكم يتحول لفرح
* القس بلامون يواقيم راعي الكنيسة, قال:
* * إن إعادة بناء الكنيسة هي إعادة بناء للفرحة والبهجة لقلوب كل الشعب, وأثناء صلاة القداس الأول في المبني الجديد كنت أري المشاعر المتناقضة في وجوه المصلين من فرح ودموع وبكاء حار, فالكنيسة تعبر عن وعد السيد المسيح أنتم تحزنون ولكن حزنكم يتحول إلي فرح مؤكدا أن أقباط القرية يعيشون الآن أفراح القيامة قبل العيد.. وأضاف الأب بلامون أن الكنيسة الآن أفضل من المبني القديم بمراحل ويظهر ذلك في جمال المبني وأناقته.
لن ننسي الشهداء
* * من أبناء القرية الذين شاركوا في القداس الأول بمبني الكنيسة الجديد التقينا بالمهندس جرجس سمير الذي أكد أن فرحته بالكنيسة تتخللها دموع وآلام ذكري الهدم, شاكرا كل من ساند حق أقباط قرية صول بالاعتصام أمام ماسبيرو, مؤكدا عدم نسيان شهداء المقطم الذين ضحوا بأرواحهم علي أثر غضبهم لهدم الكنيسة.
* * وقال حازم وديع إنه لم يكن يتخيل أن الكنيسة سوف تبني من الأساس, وكنا نعتبر أن الوعد ببنائها مجرد ادعاءات ولكنه الآن حقيقة ساطعة كوجود الشمس.
لن يتكرر
* السيد محمد عبدالرحمن -نائب رئيس مدينة أطفيح, والذي حرص علي التهنئة ببناء الكنيسة, قال:
* * بناء الكنيسة في نفس المكان هو الأمر الطبيعي, لأن ما حدث هو شيئ عارض لم يحدث من قبل ولن يحدث مرة أخري, والفضل يعود للمجلس الأعلي للقوات المسلحة والمصلحين من أهل الخير, وهذا إنجاز كبير يشبه المعجزة من حيث إعادة البناء والتشييد في فترة وجيزة, وأكد أن العلاقة بين أهالي القرية الآن أفضل مما كانت فكلنا أسرة واحدة تسودنا الألفة والأخوة والمحبة.
رسائل سريعة
* * أكد نيافة الأنبا ثيئودوسيوس أنه توجد في قرية الخرمان بمنطقة دير الميمون والبرنبال كنيسة باسم القديس أبو مقار مغلقة منذ عام 1990 وتم التقدم بالرسومات الخاصة بالكنيسة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومحافظة حلوان قبل ضمها إلي القاهرة, وطالب بفتح الكنيسة التي أثرت عليها العوامل الجوية وتحتاج لإعادة بنائها.
* * من المقرر أن يقوم الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر بزيارة قرية صول والكنيسة الجديدة أمس السبت والجريدة ماثلة للطبع.
* * تقام أول صلاة إكليل بكنيسة الشهيدين بعد إعادة بنائها الجمعة التالية لعيد القيامة للعروسين ماهر عزيز ومرفت سامي.