أكتب هذه المقالة ولا أعرف هل الانتخابات ستكون في ميعادها غدا أم لا؟ فالتصريحات الرسمية تؤكد علي إنعقاد الإنتخابات في ميعادها في حين أن الموقف علي الأرض يقول عكس ذلك, ولكن ما هو مؤكد أن الانتخابات سوف تكون يوما ما وأن الموجة الثانية من الثورة المصرية قد بدأت في ميدان التحرير بالفعل, علي كل حال فأن العمل السياسي مكمل للفعل الثوري وأن صندوق الانتخابات مكمل لميدان التحرير, وأن الأسباب التي بسببها اندلعت الموجة الثانية من الثورة هي نفسها التي تجعلنا نصر علي ممارسة حقوقنا الانتخابية بطريقة تدعم أهداف الثورة,فالأهداف واحدة وهي دولة مدنية حديثة حرة وديموقراطية وشفافة.
في تاريخ الثورات يمكن للثورة أن لا تكتمل أو يتم تغيير مسارها أو يتم اختطافها من قوي ما وفي هذه الحالة نقول إن الثورة قد فشلت. لقد تم اختطاف الثورة المصرية في الشهور الماضية حتي أن العسكر والإسلاميين تصوروا أن الثورة قد آلت إليهم فراحوا يعقدون الصفقات مع واشنطن, لدرجة أن الإدارة الأمريكية قد ارتبكت بعد رجوع المصريين إلي التحرير مرة أخري, فقد كانت حسابات واشنطن قد استقرت علي أن العسكريين والإسلاميين سوف يقتسمون السلطة, وأن العسكريين سوف يضبطون إيقاع الإسلاميين بعيدا عن التطرف وبعيدا عن الدولة الدينية المتشددة, ولكن ميدان التحرير أوقف كل ذلك وأعاد الأمل مرة أخري إلي المصريين وكشف الإسلاميين وشركاءهم. لقد أصيب عدد كبير من المصريين بالإحباط نتيجة انحراف مسار الثورة واختطاف الإسلاميين لها, ولكن وعي الفئة الحارسة للثورة من الشباب الواعي الشجاع المضحي قلب كل الحسابات.
لقد كانت الشهور العشرة الماضية كابوسا بمعني الكلمة, ففي البداية تحمل المصريون التراجع الاقتصادي علي أمل أن الثورة ستستقر وستصحح المسار وتعيد الأمور إلي نصابها بل وتعيد توزيع الدخل والثروة بشكل أكثر عدالة وشفافية, ولكن الأمور سارت من سئ إلي أسوأ بفعل الفشل الذريع في إدارة الفترة الانتقالية بنفس أدوات نظام مبارك ولإعادة إنتاج نظام مبارك مرة أخري. سارت المرحلة الانتقالية علي نهج مبارك من تهديد المصريين بنحن أو الفوضي كما كان يقول مبارك ولكن استبدلوا الفوضي بكلمة نحن أو سقوط الدولة وهي خيارات مرفوضة طبعا.
واستخدموا ورقتي مبارك وهما الإعتداءات علي الأقباط وإثارة موضوع إسرائيل, وساوموا القوي السياسية علي الفساد السياسي والرشاوي السياسية كما كان يفعل مبارك, ولعبوا بورقة الإسلاميين كما كان يلعب مبارك مع تغيير الأنصبة فقط, ففي عهد مبارك كان الشارع للإسلاميين والسلطة للحزب الوطني, تغيرت الصفقة لتكون البرلمان للإسلاميين ورأس السلطة للعسكر, ولهذا وضعوا صياغة المرحلة الإنتقالية قانونيا ودستوريا في أيدي الإسلاميين وبطريقة تجعل للإسلاميين اليد العليا في إدارة المرحلة, وعلي نهج مبارك سارعوا إلي أمريكا لتطمينها بأن العلاقات مستمرة ومعاهدة السلام لن تمس, قال ذلك العسكر والإسلاميون معا, وعلي طريقة مبارك انفرد العسكر بإتخاذ القرارات بطريقة منفردة حيث يستمعوا إلي بعض القوي السياسية وفي النهاية يقرروا ما يريدون هم وبطريقة بطيئة ومملة ترهق الناس.
لقد احس المصريون أنهم خدعوا ودفعوا أثمانا مجانية وأن شهداءهم ذهبوا برخص الثمن وأن مصابيهم سيعيشون في إحباط بعد اختطاف الأمل من بين أيديهم,وأن آلامهم سوف تزداد في المستقبل.ولهذا نزلوا للتحرير لا لينقذوا الأقصي كما فعل الإخوان ولكن لكي ينقذوا مصر من مستقبل مظلم ومن متاجرة بالدين لن ينتج عنها سوي الخراب ومن تحالف العسكر والإسلاميين علي غرار النموذج الباكستاني.وحقا كما قال نابليون أن الشعوب عندما تندفع لا يستطيع أحد إيقافها,وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر علي حد قول ابو القاسم الشابي. لقد فهم التيار الرئيسي من المصريين الدين الصح هو مقاومة الظلم ونشر العدل, وكما قال توماس جيفرسون مقاومة الطغيان من طاعة الله.
لقد قلنا منذ أيام مبارك أن الدولة المصرية تتسم بست صفات وهي: دولة عسكرية مخابراتية بوليسية ثيئوقراطية مستبدة وفاسدة, والثورة معناها تفكيك أركان هذه الدولة وبناء دولة جديدة علي أسس حديثة, ولكن مما يؤسف له أن أركان هذه الدولة الست استمرت كما هي بعد الثورة بل وزاد بعض هذه الأركان حدة مثل الثئوقراطية والعسكرة والمخابراتية, فلماذا قامت الثورة إذن؟.
إننا ندعو جميع المصريين للتمسك باستمرار الثورة حتي تحقق أهدافها, وأن لا ينخدعوا بالوعود المعسولة ولا بالصفقات الصغيرة ولا بإنتهازية بعض القوي السياسية التي لم تفعل شيئا سوي المتاجرة بدماء الشهداء وبمعاناة الجرحي.
ولهذا مع استمرار الثورة كمصدر للآمل وكضرورة لتصحيح الأخطاء, علي جميع المصريين أيضا أن يستعدوا للإنتخابات, وأن يصوتوا للقوي التي تعمل علي إنجاز أهداف الثورة والتي تؤيد ميدان التحرير وتدافع عن الدولة المدنية, وعلي الأقباط خصوصا أن يتحمسوا للموجة الثانية لعلها تعيد تصويب مسار الثورة بعد أن كاد الإسلاميون يخطفوها تجاه قندهار وتورا بورا, وعليهم أيضا أن يستعدوا للانتخابات بكثافة وبيقظة وبحماس.
إن التوقعات تشير إلي ذهاب من 30 إلي 35 مليون مشارك في هذه الانتخابات, والأقباط ككتلة كبيرة تتراوح ما بين 5 إلي 7 ملايين صوت إذا شاركوا بكثافة سيغيرون بالتأكيد المعادلة وسيحافظون علي الدولة المدنية.
لقد قلنا أن أكبر مجموعة تدافع عن الدولة المدنية بشراسة ووعي هي الكتلة المصرية, وعلي الأقباط جميعا أن يذهبوا إلي الإنتخابات ويصوتوا للكتلة المصرية ورمزها العين من أجل الحفاظ علي الدولة المدنية. لا تشتتوا اصواتكم بين العديد من الكتل, اعلم أن هناك مجموعات محترمة بالإضافة إلي الكتلة المصرية ولكن لكي نكون مؤثرين علينا أن نركز علي عاملين الأول هو أن نذهب جميعا إلي الإنتخابات للتصويت, والثاني أن نصوت جميعا للكتلة المصرية حتي تستطيع أن تحصل علي نسبة معقولة من المقاعد تستطيع من خلالها أن تدافع عن مصر الحديثة المدنية في مجلس الشعب القادم.
باختصار عندما تذهب إلي اللجنة ستحصل علي ورقتين, ورقة للقوائم امسكها بدون تردد وضع علامة علي الكتلة المصرية ورمزها العين, والورقة الثانية للفردي اختار مرشحين اثنين من الذين ينتمون للكتلة المصرية من أحزابها الثلاثة وهم حزب المصريين الأحرار والحزب الديموقراطي الاجتماعي وحزب التجمع.
قوتنا أن نذهب جميعا, وأن نصوت جميعا للكتلة المصرية سواء في القوائم أو لمرشحيها الفرديين.
علينا أيضا أن ندرس طريقة الانتخابات جيدا حتي لا يلغي صوتك نتيجة للتصويت الخطأ.
اذهب ولا تتردد , فالمستقبل هو ما نصنعه الآن, وهذه الانتخابات بالتأكيد ستكون عاملا مهما في تشكيل مستقبل مصر.
لا تخف ولا تتردد وتفاءل بالمستقبل, فالنصرة لمن يؤمن بأنه قادر علي ذلك, وكن شجاعا فستجد قوة جبارة تسرع لمعونتك… وبالتأكيد هي قوة الإله المحب للخير.