تم تعديل قائمة الأخطار التي تهدد سلام العالم…فأضيف إليها بند الغذاء.لقد حدث في الشهور القليلة الماضية تضاعف ملحوظ في أسعار المنتجات الغذائية في العديد من بلدان العالم بدءا من المكسيك إلي باكستان.
ففي فبراير الماضي خرج الكثير من المشاغبين في بوركينا فاسو وقاموا بحرق المباني الحكومية ونهب المتاجر..وبعدها بأيام قليلة تحول إضراب سائق تاكسي احتجاحا علي ارتفاع أسعار الوقود من احتجاج فردي إلي مظاهرة شعبية لارتفاع أسعار الغذاء وأدت المظاهرة إلي موت 20فردا.
وفي القارة الآسيوية,رغم ما يعرف عن الشعب الهندي بانتهاج السياسة السلمية والبعد عن المشاحنات,إلا أنه يبدو أن موجة الغلاء العارمة قد أخرجتهم عن هدوئهم حيث قامت مجموعات من المحتجين في البنغال بحرق مجموعة من المتاجر متهمين أصحابها ببيع الطعام المدعم من الحكومة بأسعار السوق السوداء.
يقول يواكيم فون براون-مدير عام معهد أبحاث سياسات الغذاء العالمي-إن معظم بلدان العالم تعاني من طفرة الأسعار ولكن الأمر يحتاج إلي عشر سنوات علي الأقل للسيطرة مرة أخري علي زمام أسعار الغذاء!
أحد الأسباب التي ساهمت في هذه الأزمة هي أن مليارات الناس يشترون كميات كبيرة من الطعام خاصة في الصين والهند والتي تقلصت فيها المساحات الزراعية علي حساب تقدمها في النواحي التكنولوجية والصناعية.
سبب آخر هو ارتفاع سعر النفط ووصول سعر البرميل إلي أكثر من مائة دولار.مما ساهم في ارتفاع أسعار السماد وشحن الغلال سواء بالبر أو بالبحر هذا بالإضافة إلي التغير المناخي فقد تعرضت كثير من المحاصيل للتلف بسبب التغيرات المناخية وتزايد فترات الجفاف في أستراليا وجنوب أفريقيا,والفيضانات الذي اجتاحت غرب أفريقيا,والصقيع القارص التي عانت منه الصين هذا الشتاء في الوقت الذي ارتفعت فيه الحرارة عن معدلها الطبيعي في منطقة شمال أوربا.
العامل الأخير هو الاتجاه للوقود الحيوي خاصة في الولايات المتحدة حيث ساهم الدعم المقدم لإنتاج الإيثانول في إبعاد آلاف المزارعين عن زراعة الغلات الرئيسية,وتحولت كثير من الأراضي الزراعية الخصبة إلي أماكن مخصصة للوقود الحيوي كبديل للمواد الهيدروكربونية.
أهم الغلات الزراعية التي وصل أعلي معدل غلاء لها هذا العام هو الأرز-الغذاء الأساسي لملايين الآسيويين في الوقت الذي تتضاءل فيه إعداد منتجي الأرز منذ ثمانينيات القرن الماضي.يلي الأرز القمح حيث يتزايد استهلاكه أيضا مع ضيق المساحات الزراعية حتي ارتفع سعره في بعض البلدان النامية مثل كازاخستان بنسبة25% وأعلنت دول أخري مثل مصر والهند أنها سوف تقلل صادراتها من الغذاء حتي تتجنب استيراده بأسعار مرتفعة.
الكارثة الكبري تكمن لدي الفقراء الذين لا يستطيعون توفير الحد الأدني للكفاف من الغذاء تقول جوزيت شيران المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي بالأمم المتحدة إن معونة الغذاء الحالية تغطي احتياجات 73مليون نسمة فقط,وفي ظل الأوضاع الراهنة يتعين الحصول علي500مليون دولار أخري لتغطية عجز ميزانية شراء المنتجات الغذائية التي ارتفع سعرها,وإذا وضعنا في الاعتبار دخول ملايين أخري خط الفقر بعد موجة الغلاء العارمة,فسوف يلزم منظمات المعونة الدولية المليارات حتي يصل الغذاء لمستحقيه.
الحقيقة أن المظاهرات المتصاعدة بسبب ارتفاع الأسعار قد تهدد بعض الحكومات خاصة في الدول الفقيرة التي تنشر فيها مظاهر الفساد,فالكثير من المسئولين جنوا أموالا طائلة من تجارة النفط والمعادن في الوقت الذي تتضور فيه قطاعات من الشعب جوعا أو يعيش فيه البعض بما يعادل نصف دولار فقط في اليوم الواحد.
ففي الشهر الماضي قام الناخبون في باكستان بانتقاد برويز مشرف لأنهم لا يملكون شراء منتجات الغذاء الأساسية وتحاول الحكومات الآن تزيين الصورة وتعلن عن زيادة الرواتب في مناطق كثيرة,ولكن مادامت المنتجات الغذائية تعلو رفوف المحال التجارية دون قدرة الكثيرين علي شرائها فلن يتوقف المحتجون عن مظاهراتهم علي الأقل لن يكلفهم ذلك شيئا.
عن مجلة تايم