تواصل العديد من القراء مع باب إحنا معاك منذ بداية شهر رمضان للسؤال عن مضمون بعض الإعلانات التي تذاع بالفضائيات وتعرضت للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية, حيث أعلن عدد من الجمعيات الأهلية عن تبنيها لبعض الحالات من ذوي الإعاقة البصرية وإجراء عمليات جراحية لهم تعيد أو تحسن الإبصار. بالإضافة إلي إشارة هذه الإعلانات ضمنيا إلي أنه بعد إجراء مثل هذه العمليات تتحسن نسب الذكاء لدي الأطفال من ذوي الإعاقات البصرية وأنه يمكنهم الالتحاق بالمدرسة والتفوق الدراسي بعد أن تعود إليهم حاسة الإبصار مرة أخري… إلخ. حول تساؤلات القراء التي أثارتها مثل هذه الإعلانات خاصة لدي آباء وأمهات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية, حاولنا الإجابة علي استفساراتهم من خلال المتخصصين في مجال ذوي الإعاقة البصرية.
تحدثنا إلي هدي الأنشاصي إخصائية التأهيل البصري بمركز البستان لتشخيص أمراض العين فقالت: قدمت الإعلانات بعض المغالطات فيمايتعلق بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية, وبالنسبة لما تم الإشارة إليه في الإعلانات بأن الإعاقة البصرية تؤثر علي نسب أو معدل الذكاء لدي الشخص فهو أمر غير صحيح علي الإطلاق, فلكل شخص منا قدراته الذهنية ودرجة ذكائه المختلفة عن الآخر, ليس ذلك فحسب بل قد يكون هناك شخصان لهما نفس درجة الذكاء في الاختبارات المتخصصة 75 علي سبيل المثال, وقد يكون أحدهما لديه قدرة جيدة علي التواصل واستخدام اللغة, أما الشخص الآخر فمن الممكن أنه لا يستطيع الكلام, فنسبة الذكاء يتم قياسها من خلال العديد من القدرات المعرفية والذهنية والذاكرة, وليست عن طريق حاسة الإبصار فقط حتي يؤثر فقدان القدرة علي الإبصار بشكل سلبي علي معدل الذكاء لدي الشخص, خاصة أن الشخص الكفيف يقوم بعمل عملية إبدال الحواس الأخري بحاستا الإبصار ومنها حاسة اللمس والسمع, ولذلك تصبح حاسة السمع أفضل لدي الإعاقات البصرية بالمقارنة بالأشخاص الآخرين.
واستطردت هدي الأنشاصي قائلة: هناك مفارقة تحدث أحيانا لبعض الأطفال الذين لديهم حاسة الإبصار جيدة ويعانون من تشتت في الانتباه حيث يقل تركيزهم بسبب وجود مؤثرات بصرية عديدة حولهم تساعد علي الحد من تركيز الطفل. لذلك عادة ما يعتمد علاج الأطفال الذين يعانون من تشتت الانتباه في الحد من المؤثرات البصرية في أماكن تواجدهم خاصة أثناء الاستذكار.
أما فيما يتعلق بتساؤلات القراء حول الحالات التي يمكن إعادة الإبصار إليهم بشكل كامل أو جزئي من خلال إجراء عمليات جراحية, أوضحت هدي الأنشاصي: إن إجراء العمليات ينجح في حالات معينة فقط, حينما تكون مشكلات الإبصار مرتبطة ببعض الأمراض ومضاعفاتها مثل مضاعفات السكر علي العين بداية من ارتشاح الشبكية, وكذلك من يعانون من أعراض لبعض الأمراض المزمنة مثل إصابة القرنية شريطة أن يكون الجهاز البصري كله في حالة جيدة, وكذلك الحال فيما يخص مشكلة المياه البيضاء التي تجعل الشخص لا يري شيئا سوي الضوء وفي مثل هذه الحالات إذا تمت عملية بإزالة المياه البيضاء يعود الإبصار لدي الشخص ويري مرة أخري… ولكن هناك حالات لا تجدي معها العمليات الجراحية لإعادة الإبصار, من أبرزها الحالات التي يكون فيها لدي الشخص إعاقة بصرية موروثة مثل الالتهاب الشبكي التلوني, أو ضمور في العصب البصري, أو أن تكون العين بها عيب خلقي وغير مكتملة منذ الميلاد, لذلك فالتشخيص الصحيح هو الأساس للتعرف علي إمكانية التدخل الجراحي من عدمه فليس كل شخص لديه إعاقة بصرية يمكن أن تجري له عملية لاستعادة الإبصار بشكل كامل أو جزئي.
وأضافت هدي الأنشاصي: قدمت الإعلانات صورة نمطية لذوي الإعاقة البصرية علي أنهم أشخاص يحتاجون للعطف ولا يستطيعون الاعتماد علي أنفسهم, وهذا أمر غير حقيقي فهم أشخاص يستطيعون أن يتأقلمون مع واقعهم, وهناك نماذج ناجحة وبارزة من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في العديد من المجالات.