جاءنا الرد التالي عقب نشر مادة بعنوان شيء من الخوف.. ومادة بعنوان غزوة الصناديق… علي هذه الصفحة في العدد الماضي.. ونحن ننشره عملا بمبدأ حق الرد:
السادة / جريدة وطني بعد التحية..
قرأت العدد الصادر عن جريدتكم الموقرة يوم الأحد الموافق 27 مارس2011 ورأيت أن بعضا من المقالات يفصح عن قدر كبير من المفاهيم المغلوطة والضبابية لدي من كتب من محررين بخصوص الدعوة السلفية وبعض المفاهيم الإسلامية الأخري.. مما دعاني لكتابة هذا الرد توضيحا لما شاب بعض المفاهيم من التباس لعل الأمور تأتي ثمارها ويصبح الأمر بينا في نظر الكافة وحتي لا يتسبب سوء فهم في خطأ قد يؤدي إلي مزيد من الدماء التي قد نحمل وزرها جميعا بما نقول وبما لا نقول.
ودون أن أحدد أسماء السادة الصحفيين الذين قرأت لهم في جريدتكم سأشرح في توضيح ما أكتب إليكم بشأنه وهو يخص أولا تناولكم للحدود الإسلامية بصدد الحديث عن وقائع حدثت لأقباط ولاسيما واقعة أيمن متري بقنا. وهالني العنوان الذي أجده لا يتناول الحقيقة من قريب أو بعيد ولكنه يحمل علي التسخين وعلي إشاعة الخوف في صدور المصريين خاصة من إخواننا المسيحيين.
الحدود
فالحدود الإسلامية معروفة ومحدودة علي سبيل الحصر.. والحد هو جريمة منصوص عليها بعقوبة ما وهي لها ضوابط شرعية وضعها الله في يد الإمام ليحكم بها فيما حدث من وقائع والإمام هنا قد يكون القاضي أو الحاكم أو ما شابه لكنه أبدا لا ولن يكون الفرد المواطن أيا ما كان طالما لم يكن منوطا بتنفيذ الحد وتلك الحدود يا سادة وغيرها من المسائل هي مسائل ترتبط بالدين الإسلامي وليست حكرا علي أحد فهي ليست من قول الدعوة السلفية أو الإخوان أو أي تيار إسلامي إنما هي نصوص قاطعة الدلالة في الدين الإسلامي, أي أننا كمسلمين مأمورين بالإيمان بها وبالتسليم بها وهي بالمناسبة ليست النظرة العقابية الوحيدة في الإسلام فهناك من الجرائم ما لم يعين له الله عقوبه في الدين وتركه للحاكم يقرره وفق ضوابط وظروف الحياة وأيضا وهذا أمر مهم.. هناك ذنوب ليس لها عقاب في الدنيا وليس كل ذنب هو جريمة فالأمر متسع. فالتناول التحريري للأمر اتسم بالنظرة الضيقة التي خلت من إلمام صحيح للمسألة فضلا عن أن هناك أمرا آخر يمس كل مسلم هو أنه لا يوجد مسلم متدين يرضي بالتنازل عن أحكام دينه لأجل أن يرضي أحدا وألا أعتبر منافقا فهل تريدون منا كمسلمين أن ندعو إلي إنكار الحدود أو غيرها من الأحكام التي هي من صميم ديننا وعقديتنا؟؟؟؟؟ هل ترون أن من يدعو لذلك يهدئ المسلمين؟؟؟؟؟؟ قد تفرحون لو خرج أحدهم منتقدا مسائل مثل مسألة الحدود وتصفونه بأنه مجددا ومهدئا وشخص تنطق الحكمة من فمه وتقطر, ولكنه في الشارع المسلم لن يكون لكلامه صدي. بل إن ذلك يثير حفيظة المسلمين.
أرفض الفوضي
وأنا إذ أعلن وبكل يقين رفضي لأن تصبح مسألة العقاب بيد كل من أراد أن يعاقب ورفضي لأن يصبح الأمر فوضي لكن أرفض أيضا أن تستخدموا تلك العناوين المثيرة تطبيق الحدود في جمهورية قنا السلفية فالحقيقة وببساطة شديدة أنه لا قطع الأذن حد من الحدود الإسلامية ولا هناك تطبيق بالتالي لأي حد ولا قنا جمهورية سلفية فأين هي المصداقية؟؟؟؟ وما الهدف من وصف شيئ بغير ما يستحقه؟؟؟؟ ألا يثير ذلك أحقادا نحن في غني عنها؟؟؟؟
لا شك أن هناك جريمة وقعت وأن مرتكبها يستحق المحاكمة والعقوبة بموجب القانون. ولكن أن ينسب للسلفيين أنهم من قاموا بفعل ذلك في واقعة أيمن متري مثلا.. فهذا تلفيق غير مبرر إذ أن السلفيين لا يفعلون ذلك ولو فرضنا أنهم فعلوا ذلك لماذا لم يطبق الحد إلا علي قبطي؟؟؟ الحقيقة أن ما حدث هو جريمة ارتكبها مجرم كان هو أكثر المخالفين فيها للقانون. كما أن هناك اختلافات في الواقعة المذكورة علي جريدتكم عما رواه أيمن متري نفسه بالتلفاز وهذا أيضا يدفعني لأقول إن الصورة الحقيقية للواقعة لم يجر بحثها بطريقة موضوعية أو محايدة وهذا أيضا قصور في نقل الحقائق إلي المواطنين لابد أن يراعي, فقد أصبحنا في زمن يقول فيه من شاء ما يشاء دون أي رقابة وهذا خطر فالمتلقي قد يكون عنده استعداد للفتنة فيتلقي المنشور ليزيد من سخونة الأوضاع ويثير الناس.
ماهية السلفية
ثانيا لاحظت من متابعتي للروح التي يكتب بها السادة الصحفيون هنا ضبابية شديدة علي كلمة السلفيين ورجال الدعوة السلفية ولأنني حريص ألا يستخدمنا أحد فزاعة ووسيلة للترهيب لأحد فإني أوضح ببساطة ودون تعقيدات أن الدعوة السلفية هي دعوه تستقي الدين وتعاليمه من رجال الدين الأوائل يرجعون إلي مصادر العلم يستقون منهم ما قالوه فمصادر الفقه الإسلامي هي القرآن والسنة بالأساس. والدعوة السلفية تأخذ بعلوم القرآن والسنة من الرسول – عليه الصلاة والسلام – وأصحابه وغيرهم من العلماء الأوائل مع مالهم من اجتهاد بخصوص ما يخص العصر الحالي ومستجداته ولو ناقشت كل مسلم لا ينتمي للدعوة السلفية ستجده لا يختلف علي ما قلت شيئا فالسلفية هي دعوة لاستقاء تعاليم الدين كما نزلت وكما مارسه المسلمون الأوائل مع الاجتهاد في الأمور المعاصرة بحسب ما يستدعي الحال فما الخوف من دعوة كهذه ولا أعتقد مطلقا أن الخوف هو من الإسلام ككل فهو دين ليس بجديد وقد تعايش المسلمون والمسيحيون بمصر زمانا طويلا وقد عاشوا في عصور كانت أحكام الإسلام تطبق والمنهج الإسلامي هو الحاكم وما رأينا ظلما يوجه ضد أي من أهل الكتاب لأنهم يخالفون في الدين.
فأتمني أن تصل الصورة كاملة وأتمني أن نفرغ جميعا لبناء الوطن وأتمني ألا يكمم صوت وألا يخشي أحد علي نفسه عندما يطالب بحق وألا يكون الجهل بالآخر سببا لأن نعيش مرعوبين بلا سبب وأخيرا فيما يتعلق بتناول الكلام عن ما أسماه الشيخ حسين يعقوب غزوة الصناديق.. فقد أخطأ فيما تناول واعتذر ولا داعي لتكرار التناول والهجوم وكان مما استشهدت به الكاتبة قول لشخص قالت إنه مسلم.. نسب للشيخ يعقوب إنه قال كلاما عن أننا سنكون تنابلة ربنا في الجنة فلست أدري حقيقة إن كان قال ذلك أم لا ولكن إن كان ما قال أيا ما كان أمور خاصة بعقيدتنا وبديننا فماذا تنكرون؟؟ وعلام تنكرون؟؟ والشيخ وإن أخطأ فهو عالم ولكنه بشر أولا وأخيرا وكل يؤخذ من قوله ويرد لكن أن يرد عليه من ليس له بالعلم دراية فهذا أمر أبشع من الخطأ ذاته وشكرا.
أسامة محمد عبدالله
محام
[email protected]
———
رد المحررة:
ردا علي ما جاء في الرد المنشور حول التناول التحريري لما نشر في وطني أقول عن ذكر المفاهيم الضبابية: إن كانت هناك مفاهيم ضبابية فأسبابها ما يحدث في الشارع المصري منسوبا لأصحابه من السلفيين الذين خرج بعض شيوخهم كل برأي مختلف عن الآخر ولم نجد من نستقي منه الرأي والمفهوم الواحد الذي يزيح الضباب الذي تحدثت عنه الأستاذ أسامة عبدالله.
وبخصوص ما ذكره عن واقعة أيمن متري ورغم التوضيح الذي جاء بحديثه عن الحدود وأن ما حدث هو خروج علي القانون ولا يوجد حد بقطع الأذن في الإسلام.. كل هذا توضيح محمود جدا لكن يراودني تساؤل: لماذا خرجت علينا الدعوة السلفية ببيان تكذب فيه شائعة تهديد الفتيات القبطيات أو غير المحجبات إذا ما تواجدن بالشوراع في يوم التظاهرات التي تم تنظيمها لاستعادة كاميليا شحاتة.. ولم تظهر علينا الدعوة بالمثل ببيان حول أثر التعدي علي أيمن متري الذي نسب الاعتداء عليه مباشرة للسلفيين – حسب أقوالهم – لم تظهر الدعوة ببيان بعد الاعتداء علي كنيسة إمبابة ومحاولة هدمها التي نسبت إليها أيضا؟؟
الصمت إنما يحمل في طياته اعترافا ضمنيا بالمسئولية وإلا فلتصدر البيانات في كل المواقف أليس كذلك؟؟ فرغم كل شيء إلا أننا أشدنا بموقف الشيخ محمد حسان في موضوع كنيسة صول رغم اختلافنا معه في التفاصيل والرؤي كذلك الشيخ أسامة القوصي الذي ظهر بمنتهي السماحة ليعلن موقفا مخالفا لما صرح به الشيخ محمد حسين يعقوب حول غزوة الصناديق.. هؤلاء من خرجوا عن صمتهم فعرفنا مواقفهم سلبا كانت أو إيجابا.. فالصمت لا يفرز إلا الخوف من الآخر المجهول الموقف.
نعلم جميعا أن هناك تيارات عديدة تطلق علي نفسها السلفية وهي تيارات منشقة عن الدعوة الأصلية لماذا لا يكون ذلك معلنا الآن بشكل صريح وتحدد أئمة الدعوة السلفية التي يمكن للمعتدلين مخاطبتها حال حدوث أي واقعة حتي نتمكن من نسب الأفعال لمرتكبها.
هل تريدون منا كمسلمين أن ندعو إلي إنكار الحدود أو غيرها من الأحكام التي هي من صميم ديننا وعقديتنا؟؟؟؟؟.. من قال إننا طلبنا ذلك؟ لم يأت هذا في أي مقال أو موضوع حتي ولو تلميحا.. فكل له معتقده ولكن عليه ألا يفرض ممارسة أحكام دينه علي آخرين لهم معتقد آخر.. أيضا ذكر: قد تفرحون لو خرج أحدهم منتقدا مسائل مثل مسألة الحدود. من قال إننا نفرح بمثل تلك التصريحات.. إنها لا تمثل ناموسا حتي تفرح المجتمع أو تحزنه فالمجتمع تحكمه القوانين الوضعية ولا تطبق الحدود لا علي مسلم ولا علي مسيحي.. فما من فرح وما من حزن لأننا جميعا خاضعون للقانون ونعاقب بمواده.
حول ما ذكره الأستاذ أسامة عبدالله عن موضوع غزوة الصناديق الذي نشر في ذات الصفحة.. أسجل أنه تم الاستشهاد فيما نشر بمسلم له نفس العقيدة قد لا يكون من التيار الإسلامي أو لا ينتمي إلي الدعوة السلفية لكنه مسلم الإيمان والعقيدة فلماذا تنكر علي أبناء عقيدتك اختلافهم معك لمجرد ذكره لواقعة ربما لم تسمع بها.. وأخيرا دعني أحييك علي مبادرتك بالرد لأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية واعترافك أن لكل منا خطأه وأن الشيخ محمد حسين يعقوب أخطأ فهو بشر فأنا معك فمن منا لا يخطئ ثم يعود ليصحح خطأه فقط أقولها لك يا أستاذ أسامة هناك أخطاء عندما تقع يدفع ثمنها الوطن.
[email protected]