القراءة مفتاح أساسي من مفاتيح المعرفة , ولا غني عنها للتعلم , حيث تقول الدراسات الحديثة إن نحو 70% مما يتعلمه المرء يرد إليه عن طريق القراءة, فالقراءة هي الطريق للمعرفة والنور والتطور , والكتاب المقدس يشجع علي القراءة والمعرفة , فقد قال السيد المسيح لليهود المقاومين له المدعين معرفة الكتب المقدسة ” فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية , وهي التي تشهد لي , ولا تريدون أن تأتوا إلي لتكون لكم حياة ” ( يو 5 : 39, 40 ) , بل وأظهر لهم أن الجهل هو منشأ الضلال , حينما قال للمكابرين منهم ” تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله ” ( مت 22 : 29 ) , وقال الرب أيضا ” هلك شعبي من عدم المعرفة ” ( هو 4 : 6 ) .
ولذا فإن إعمال العقل للنمو الفكري إنما هو من بين الضروريات اللازمة لنمط الحياة المرضية للرب , لذلك يدعونا بولس الرسول إلي ” تجديد أذهاننا ” (رو 12 : 2) للقدرة علي التفكير بطريقة مسيحية صحيحة متكاملة في المشاكل المعقدة التي نواجهها في عصرنا الحالي , فإذا أردنا أن نحيا باستقامة وبطريقة مرضية لله , فعلينا أن نفكر باستقامة , ولكي نفكر باستقامة وجب علينا أن نمتلك أذهانا مجددة مدربة ومطلعة تستطيع أن تفكر بصورة سليمة حتي في أعقد الأمور ., ونحن نعلم أن القديس بولس الرسول فيلسوف المسيحية تعلم عند رجلي عمالائيل المعلم الكبير , وأعطي القراءة وقتا كبيرا فتراه يكتب لتلميذه تيموثاؤس لكي يحضر له الكتب والرقوق ( 2تي 4 : 13 ) ويناشده قائلا ” إلي أن أجئ أعكف علي القراءة والوعظ والتعليم ” ( 1تي 4 : 13 ) ويقول له أيضا ” لاحظ نفسك والتعليم وداوم علي ذلك , لأنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا ” (1تي 4 : 16).
غير أن القراءة أنواع وألوان كثيرة , فمن حيث المادة المقروءة , هناك :
قراءة التسلية:
القارئ يختار فيها ما يريده وما تدفعه إليه رغبته وتكون هذه القراءة لتمضية الوقت أو لجلب النوم , والقارئ مطروح علي السرير أو كنبة الأنتريه , وهي قراءة ليس لها محصول فكري يذكر .
قراءة جامدة أو قراءة مهنية :
لا مجال فيها للاختيار , مثل قراءة المعلم ليستزيد في المادة التي يدرسها, أو الطبيب ليتعرف علي الجديد في مجال تخصصه الطبي .
قراءة لبناء الشخصية الفكرية :
حيث يقرأ الفرد كل ما يلائم مواهبه , ويشبع نفسه , ويعطيه زادا طيبا, من المعرفة , ولكن احرص أن تقرأ الجيد , وأن تقرأه قراءة جيدة , وخذ بنصح من سبقوك , ولا تستشعر الحرج في أن تسألهم حتي يعطوك شيئا مفيدا مما قرءوه طوال حياتهم .
أما من حيث كيفية القراءة , فهناك :
القراءة الانتقائية :
حيث يقرأ القارئ بعض الفقرات أو العبارات وذلك حسب الحاجة والاهتمام , دون الحاجة إلي قراءة المادة كلها , وذلك لمعرفة موضوع معين أو الإجابة علي سؤال ما .
القراءة السريعة الإلمامية :
ويقصد بها القراءة السريعة والإلمام بمحتوي المادة المكتوبة في عجالة دون التأني في المضمون , وهي قراءة غير متعمقة , لمعرفة الخطوط العامة أو الصور الإجمالية لموضوع ما
القراءة المتأنية المستوعبة :
وهي القراءة المتأنية والدارسة باهتمام واستيعاب .
ومن أجل أن تكون عملية القراءة مفيدة مثمرة , يجب أن تمر في هذه المراحل :
المرحلة الأولي : مرحلة القراءة العامة الأولية :
حيث يتعرف القارئ بصورة أولية علي الفكرة العامة للكتاب ومحتواه , من خلال :
قراءة فهرس الكتاب أو التعرف علي تبويبه , قراءة مقدمة الكتاب, قراءة ما قد يكون مكتوبا في ظهر الغلاف الخلفي, وهذه المرحلة مهمة لأنها تمهد القارئ لعملية القراءة .
المرحلة الثانية : مرحلة التساؤلات الأولية :
حيث يضع القارئ مجموعة من الأسئلة حول موضوع الكتاب أو النص الذي بين يديه والتي يتوقع أن يجد الإجابة عليها في ضوء قراءته الأولية للكتاب.
المرحلة الثالثة : مرحلة القراءة المتعمقة :
هنا القارئ عليه أن يفحص ما يقرأ فحصا دقيقا وذلك من خلال , التعرف علي منطوق الكتاب في عرض أفكاره , واكتشاف مصداقية الأفكار المطروحة , ومعقولية الوقائع والأحداث والأرقام المدعمة للأفكار , التقاط أهم ما يطرحه الكاتب من قضايا وما يتبناه من أفكار, تحليل النص ونقده ومقارنته بنصوص أخري , وفي النهاية لابد للقارئ من أن يبني لنفسه وجهة نظر وموقف مع أو ضد ما قرأه من خلال تقييم موضوعي .
من اللازم أن يقوم القارئ باسترجاع أهم ما جاء في الكتاب الذي يقرأه وذلك بواسطة أسلوبين : أن يقوم القارئ بتلخيص الجزء المراد استرجاعه وذلك بأسلوبه هو , ثم يقارن ما كتبه بما جاء في الكتاب, وأن يستعرض مضمون ما قرأه مع آخرين ويتم عمل تقييم علي مدي قدرته الاستيعابية لمحتوي النص وقدرته علي نقله للآخرين .
* كاهن كنيسة مار مينا الأثرية بطحا الأعمدة
[email protected]