تمثل تجارةأسواق البالةالمعروفة بالملابس المستعملة أحد أهم الأسواق التجارية المنتشرة في العديد من الدول العربية وأوربا الشرقية,وشهدت رواجا غير مسبوق فيها نظرا لحاجة الكثيرين إليها,لرخص أسعارها من ناحية,وارتفاع جودتها أحيانا من ناحية أخري في ظل ارتفاع أسعار الملابس الجديدة بشكل لا يتناسب مع دخل شرائح كبيرة من هذه الفئات.
وعن هذه التجارة وأهميتها للبعض وخطورتها علي البعض الآخر ومعرفة ضوابطها أجرت وطني هذا التحقيق.
قال يحيي الزنانيري نائب رئيس شعبة الملابس باتحاد الغرف التجارية إن مصر تعد أحد أكبر الأسواق لتجارة البالات رغم حظر بيعها,حيث تنتشر هذه التجارة بوكالة البلح والعتبة وشارع26يوليو,وغيرها من المناطق,وتلقي رواجا كبيرا ليس فقط من الفقراء ومحدودي الدخل,ولكن الآن أصبح هناك إقبالا كبيرا من الطبقة المتوسطة والعليا أحيانا خاصة المستوردة منها,والتي تدخل عبر شركات ومكاتب متخصصة في استيراد البالات لميناء بورسعيد أحد أكبر الموانئ لتبيعها لتجار الوكالة,وتتأثر سوق الملابس المستعملة أو الرخيصة بحركة البورصة والأسهم مثل تجارة الذهب والنفط والسيارات.
أشار الزنانيري إلي أن تجارة البالة أصبحت تنافس إلي حدما تجارة الملابس الجديدة,حيث يقوم أصحاب بعض المحال الكبري بشراء الملابس ذات الجودة العالية والمستعملة,وتعيد تجهيزها لإعادة بيعها مرة أخري للذبائن علي أنها ملابس جديدة وهناك محاولات عبر الغرفة التجارية لكشف هذا,باعتبار ذلك خداع للمواطن,علي عكس الشخص الذي يتقدم بإراته لشراء ملابس مستعملة من الوكالة أو محال بولاق,بالإضافة للملابس الصيفية الرخيصة الثمن والتي أصبحت تنافس بقوة في سوق البالات.
البالة تخترق الأحياء الراقية
وقال الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن تجارة البالة في مصر بدأت مع أعقاب الحرب العالمية الأولي في شراء مخلفات الجيش البريطاني,وقد وجدت هذه السوق أو التجارة رواجا وانتشارا بأشكال متنوعة ولأسباب مختلفة لقلة سعرها وجودتها,وبعدها تطورت السوق وأصبح يتم استيراد شاحنات بأكملها من أطنان الملابس المستعملة من دول غربية.
أشار الدكتور عبدالله إلي أن عصر الانفتاح في منتصف السبعينيات من القرن الماضي شهد رواجا شديدا لهذه السوق,حيث احتلت مدينة بورسعيد مكانة الصدارة لاستيراد الملابس الغربية لمصر, والآن تقدر حجم تجارة الملابس البالة بنحو10% من حجم تجارة الملابس في مصر,حيث تبدأ الأسعار من خمسة جنيهات حتي 75 جنيها,حيث يتردد علي هذه المنطقة الآلاف يوميا لشراء احتياجاتهم من كافة أنواع الملابس لكافة فئات المجتمع.
أضاف الدكتور عبدالله أن أسواق البالة تعد جزءا مهما من حجم الاقتصاد في مصر خاصة مع توسعتها خلال العقد الأخير وزيادة عدد محال البالة حتي تسللت إلي عدد من الأحياء الراقية في القاهرة والإسكندرية.
من جانبه قال أشرف عرفة نائب رئيس الاتحاد العربي للصناعات النسيجية إنه يتم التبرع بالملابس المستعملة عن طريق المنازل والمحال أو أي جهة آخري موجودة في كل الدول الأوربية,ثم تأتي مجمعة في مراكزهم المتخصصة,وتسمي أسواقالكانتو يقوم المصريون باستيرادها من الخارج عن طريق المنفذ الوحيد وهو بورسعيد.بالإضافة إلي أنها غير معلومة المصدر ولا يتم تسديد ضرائب أو رسوم مبيعات عليها ولا تخضع لأية رقابة عليها,مطالبا بأن يكون هناك ضوابط ومراجعة قانونية في عملية الجمارك.
خطر استيراد البالة
كما رفض محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية أن يتم استيراد الملابس المستعملة لأنه يسبب أمراضا صحية جمة,والتي تصيب الإنسان لعدم معرفة مصدر هذه الملابس والتي تأتي لمصر تحت شعارخدمة لمحدودي الدخل مشيرا إلي أن البالة تستورد علي أنها تستخدم في إعادة التدوير في مجال الصناعات النسيجية في مصر,ومع ذلك يتم عرضها وبيعها في السوق المحلية.
مخاطر الملابس المستعملة!
واتفق في الرأي كل من مجدي طلبة الرئيس السابق للمجلس التصديري للملابس الجاهزة والمهندس إسماعيل أبو السباع الرئيس السابق للمجلس التصديري للمفروشات المنزلية أن سبب دخول تلك البالات إلي مصر أدي ذلك إلي التوسع في التجارة العشوائية, وجعل التجار القائمين عليها غير منضبطين في ملفاتهم الضريبية وسجلاتهم, مما تتسبب في إهدار موارد الدولة.
كما تمت الإشارة إلي المناطق الحرة المجمعة والتي يوجد بداخلها أكثر من جهة مع وجود جهاز مسيطر علي ممرات الدخول والخروج والمطالبة والتأكيد علي عدم استيراد هذه الملابس لكي يؤدي ذلك إلي زيادة الطلب علي الملابس الجديدة في السوق المحلية.
أما الدكتور كامل عبده أستاذ الأمراض الجلدية أكد أن الملابس المستعملة تتسبب في العديد من الأمراض الجلدية والتي تؤثر علي صحة الإنسان,منها الفطريات والفيروسات وهذه الأمراض تنتقل عن طريق الملامسة والاحتكاك المباشر,مطالبا بتعقيم هذه الملابس عند شرائها وغلييها جيدا بالماء والصابون,وتعرضها لأشعة الشمس والكي.