لقد خصص الله الكلي الحكمة مكانا مرموقا في صفحات الكتاب المقدس للعذراء المباركة مريم التي صارت والدة الرب يسوع مخلص البشرية جمعاء هذا ولا ينحصر ذكرها في العهد الجديد فحسب بل وفي العهد القديم أيضا وردت رموزا وآيات ونبوات تشير إلي العذراء مريم.
1-حواء:
إن حواء خلقت في حالة البراءة وكانت زينة الفردوس الأرضي ووضعت هابيل الصديق الذي قتله أخوه قايين بلا مبرر(تكوين4:8) وهكذا القديسة مريم قد تبررت وتقدست بحلول الروح القدس عليها ووفرت للبشرية هابيل الحقيقي(المسيح)الذي قتله أخوته اليهود علي جبل الجلجثة (لوقا23:21).
2- سارة
إن عقمها يصبح مخصبا بأعجوبة وابنها إسحق يصير لها الشعب الذي لا عد له وحين تضع ولدها في العالم تهتف قاتلة(قد صنع إلي الله ضحكا كل من يسمع يضحك لي)تكوين21:6وهكذا فإن مريم تضع بأعجوبة باهرة ابنها يسوع الذي أعطيت له(شعوب الأمم ميراثا)وتهتف بفرح منشدة (تبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلي اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس)لوقا1:47-48.
لقد قدم إسحق ابن أمنا سارة كذبيحة ولكن الله افتداه بكبش يشير إلي سيدنا المسيح الذي ذبح علي الصليب لأجلنا(تكوين22:2-14+لوقا23:33).
3-راحيل
إن فضل راحيل يكتسب قلب يعقوب كما أن فضائل مريم تجذب إليها قلب الله.إن أولاد يعقوب يبيعون أخاهم يوسف الذي يرتقي في مصر ذروة المجد ويصبح مخلص شعبه(تكوين37:27)وهكذا فإن يسوع ابن مريم يباع ويحكم عليه بالموت ويخلص شعبه في العالم من الخطية(لوقا22:3-6).
إن العذراء القديسة مريم ولدت مثل جميع البشر وكانت بحاجة إلي الخلاص حيث قالت(تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي)لوقا1:46-47لقد ظهرت في الكنيسة المسيحية عقائد وتعاليم جديدة حول الحبل بوالدة الإله من أبويها يواكيم وحنة فمنها من يؤله الحبل ومنها من ينكر تكريمها وفي كلتيهما أذي علي الإيمان المسيحي القويم إن يسوع المسيح فقط هو الوحيد البرئ من أية خطية أصلية موروثة أو فعلية مكتسبة وقد قال لليهود(من منكم يبكتني علي خطية)يوحنا8:46فيما كل الناس الذين ولدوا من ادم ولدوا بجسد يحمل نتيجة الخطية الأصلية المؤدية إلي الموت-إن تعليم الحبل بوالدة الإلة من أبويها يواكيم وحنة بلا دنس هو تعليم خاطئ للأسباب التالية:
1-أنه يتنافي مع التعليم الذي يذكر أن المسيح وحده هو الذي لم يفعل خطية(1بطرس2:22)وهو مجرب مثلنا بلا خطية(عبرانيين4:15)ويقول عنه الرسول بولس-جعل الذي لم يفعل خطية خطية لأجلنا (2كورنثوس5:21).
2-إن التعليم بأن والده الإله قد طهرت قبل مولدها بحيث إنها تكون قادرة علي ولادة المسيح الطاهر لا معني له لأنه إذا المسيح الطاهر يمكن أن يولد من عذراء تولد طاهرة فإنه يكون بالضرورة أن والديها يجب أن يكونا بريئين من الخطية الأصلية ومولدين من أبوين طاهرين وهكذا دواليك وبالنتيجة لا يمكن أن تجسد المسيح إلا إذا كان من سلالة جسدية طاهرة من الخطية الأصلية من آدم وحينئذ لا يبقي هناك حاجة لتجسد المسيح الذي جاء ليبطل الخطية.
3-التعليم بأن والدة الإله قد حفظت من الخطية الأصلية يشبه التعليم بأن نعمة الله قد حفظتها من الخطية الأصلية وهذا يجعل الله رحيما وغير عادل لأنه إذا كان الله يحفظ مريم من الخطية ويطهرها قبل ميلادها فلماذا لا يطهر الناس قبل مولدهم ويتركهم بخطاياهم؟!وهذا يؤدي بالتالي إلي أن الله يحفظ الناس رغما عن إرادتهم بسبق تصميم علي خلاص بعض الناس قبل مولدهم!
إذا كانت العذراء وهي في رحم أمها لا ترغب صالحا أو طالحا قد حفظت طاهرة ومن ثم بالنعمة حفظت من الخطية بعد مولدها فما هو التكريم الذي تستحقه؟!
وإذا كانت قد وضعت في موضع لا تستطيع فيه أن تخطئ ولم تخطئ فلماذا تمجد؟!وأيضا إذا كانت بدون جهد وبدون أي نوع من دوافع الخطية بقيت طاهرة فلماذا تتوج أكثر من غيرها؟!
إن قداسة مريم العذراء ظهرت علي حقيقتها أن لها عواطف إنسانية أحبت الله ونذرت نفسها به وبطهارتها ارتفعت وسمت ولهذا سبق معرفتها وسبق اختيارها وتأهلت لتطهر من الروح القدس الذي حل عليها لتحمل منه بمخلص العالم.