*ماذا يعني تأسيس حزب علي أساس مرجعية دينية؟
**بداية لا يجوز تأسيس حزب علي مرجعية دينية ولكن المرجعية تكون للدستور والقانون, فإذا تحدثنا عن المرجعية الإسلامية فهل من يطلقونها يتحدثون عن مرجعية الحضارة الإسلامية أم مرجعية الدين الإسلامي؟ وإذا كانوا يتحدثون عن الدين الإسلامي فهل يتحدثون عنه كما يفهمه أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة أم محمد عبده وجيل الإصلاحيين(الإسلامي الوسطي)؟
الإسلام-كما القرآن -ينطق بأفهام الرجال في الماضي فهمه علي بن أبي طالب علي عكس ما فهمه معاوية بن أبي سفيان وكان الاثنان ينطلقان من الإسلام وكلاهما يعتبر نفسه علي صواب لهذا كانت الحرب بينهما وبالتالي لأن فهمها بطريقتين فعندما تتحدث عن حزب قائم علي مرجعية دينية إسلامية لابد أن توضح أي مرجعية يتبناها وعن أي تطبيق للإسلام يتحدث.مثلا عندما تقول ممنوع بناء الكنائس في مصر كما قال مفتي جماعة الإخوان المسلمين محمد عبدالله الخطيب في فتواه لا لبناء الكنائس في ديار الإسلام فضلا عن هدم الكنائس القائمة فالنتيجة الطبيعية والمنطقية لهذه الفتوي هجرة الأقباط وإذن القضية هي وضع محددات واضحة في الموقف من حرية الرأي والتعبير والعقيدة.
رغبتهم الحقيقية
*أسس الإخوان أحزابا كالحرية والعدالة والوسط ألا تري أن هذه الأنشطة دليل جديتهم في حوار مجتمعي حقيقي؟
**دعنا نتفق علي أن حزب الوسط ليس إخوانيا بالمعني الحقيقي ولكن قيادات الوسط انشقوا عن الجماعة ونادوا بضرورة الفصل بين العمل الدعوي والسياسي والمحلي والدولي وانطلاقا من العمل الإسلامي السري إلي العمل العلني, وهذه التجربة توافق عليها جماعة الإخوان المسلمين آنذاك وقامت بفصل أبو العلا ماضي وعصام سلطان والمجموعة التي كانت مؤمنة بحزب الوسط وظلت مجموعة مؤمنة بأفكارها وبدأت تقدم أوراقها مرة تلو الأخري حتي وافق القضاء المصري بعد ثورة 25 يناير.
أما حزب النهضة الذي خرج من رحم الإخوان المسلمين وانشق عنهم احتجاجا علي ما حدث في انتخابات مكتب الإرشاد في 2010 واحتجاجا علي آليات العمل ضد الديموقراطية واللوائح والتزوير فخرجت مجموعة منها إبراهيم الزعفران وهو مؤسس حزب النهضة فلابد من التفرقة بين هذين الحزبين وباقي أحزاب الإخوان والإخوان يشكلون عددا من الأحزاب توحي بأن لهم رغبة حقيقية في عمل ديموقراطي حقيقي ولكن حزب الحرية والعدالة هو حزب الإخوان, أما مسألة رغبتهم في الحوار المجتمعي فأنا أعتقد أن الإخوان ليس لديهم استعداد لعمل حوار مجتمعي حقيقي لأن رغبتهم الحقيقية الوصول للسلطة والمؤشر علي ذلك أنهم يرفضون أن يكون علي رأس الدولة قبطي أو امرأة فهم عدلوا ذلك في برنامج الحزب حتي يتوافق مع القوانين ولكن مازالت الجماعة ترفض الولاية للقبطي علي المسلم والمرأة علي الرجل وهي تمثل أفكارا قديمة عفي عليها الدهر واندثرت مع الفكر الإسلامي الوسطي وبالتالي إذا أرادوا إدارة حوار مجتمعي حقيقي لينخرطوا في العمل السياسي يجب ألا يلعبوا برأسين رأس الجماعة لتبني مواقف شرعية وفكرية مختلفة وإقامة علاقات دولية مختلفة بشكل يخالف القانون المصري ولها قيادة تسيطر سيطرة كاملة علي الحزب الذي يعترف ببعض الآراء التي تخالف الأصل داخل الجماعة فهذا يعتبر تلاعبا بمستقبل الوطن كما أنها تخاطب المجتمع بأكثر من لغة من خلال الحزب, ولكن الأصل في الجماعة وليس الحزب بدليل أن رئيس الحزب يخضع خضوعا مباشرا للمرشد العام للجماعة فلا يصح أن تخاطب الجماعة المجتمع بلغتين وبخطابين خطاب فرعي لا أساس له وخطاب أساس ثم توهم الناس بأنه الخطاب الفرعي هو الأساس وهو الخطاب السياسي المعتمد لدي الجماعة وبالتالي لا توجد نية حقيقية للحوار أو الانخراط في المجتمع.
لعبة يجيدونها
*ماذا عن العلاقة بين الأحزاب والجماعة؟
**الأساس في الموضوع هي الجماعة التي تنتشر في 76 دولة في العالم وتملك تمويلا وهي التي تملك أن تمنح عضوية الحزب من رؤساء وأمناء علي سبيل المثال إذا اتخذ الحزب قرارا بالتفاوض مع إسرائيل فالجماعة هنا لا تظهر في الصورة وهنا الخلط بأنها تلعب السياسة, ولا تلعب عندما يقول الحزب نحن نقبل الأقباط والمرأة رؤساء للدولة والجماعة ضد هذه المبادئ ففي توقيت معين يدخل الحزب من ناحية وبتوقيت آخر تدخل الجماعة من ناحية حسب الهدف واللحظة ففي الماضي كانت الجماعة تلعب لعبة الأشخاص…فهذه اللعبة يجيدها الإخوان منذ عام 1928 وهي تتم الآن ما بين صبحي صالح الذي يتصدي للسفليين ومحمد مرسي والحزب ويتصديان لليبراليين والعلمانيين فطوال الوقت يقدمون خطابين مختلفين لجميع أطياف المجتمع فهم مثل الزئبق لايمكن الإمساك بهم وهم متلونون دائما فإذا كانت الجماعة تريد حوارا حقيقيا لابد أن تتبني خطابا واحدا أو هدفا واحدا والخطاب الواحد يعني تنظيما واحدا أما الحزب والعمل السياسي أو الجماعة والعمل الدعوي فهذا أمر مختلف.
مواد فوق دستورية
*كيف تري مستقبل الأحزاب التي تقوم علي أساس ديني في مصر؟
**مستقبل هذه الأحزاب مرتبط بمستقبل الوطن والتحركات الوطنية وللقوي المختلفة سواء إسلامية أو ليبرالية هذه القوي والشعب الذي أنجز ثورة 25يناير ماذا يريد؟ هل يريد وطنا قوامه الحرية والعدالة والمساواة. هل يريد وطنا لكل المصريين موحدا ضد الدولة الدينية لأن الدولة الدينية والأحزاب الدينية والقائمة علي مرجعيات دينية نريد إقصاء المخالف لها في الدين والفكر والمذهب ولا نريد وطنا فيه حرية أو تعددية سياسية وبالتالي هذه القوي الوطنية الموجودة هل مع الحرية والمساواة والتعددية السياسية وحرية الرأي والعقيدة أم تعتمد علي أرضية إسلامية تؤكد بأن المرتد يقتل.
فعندما يقرر مسلم أن يصبح مسيحيا يقتل ولكن عندما يحدث العكس تقام الأفراح وبالتالي لابد لهذه الأحزاب أن تقدم مفهومها للدولة المدنية التي تتضمن بنودا منها حق الإنسان في تغيير عقيدته ونشر الدعوات والأفكار وعدم استخدام العنف الفكري أو المعنوي أو المادي فضلا عن الانتقال السلمي للسلطة في إطار من التعددية السياسية ووجود رؤي وأفكار متعددة وكل هذه المبادئ يجب أن تتم في وضوح شامل بعد موافقة علي القوي السياسية من أجل ذلك أناشد القوي السياسية والعلمانية والليبرالية لعمل عقد اجتماعي متفق عليه يعرف ماهية الدولة المدنية ويعد بمثابة مواد فوق دستورية تضمن الدولة المدينة عندما ينقض علي هذه المواد أي تيار في الانتخابات القادمة وتكون القوات المسلحة كحامي لهذه المواد حتي لا تستطيع أي تيار أن يضع ضوابط قانونية في الدستور الجديد تحد أو تقيد أو تقلص من تلك المواد فوق الدستورية.
الحل….الاتفاق
*كلامك يدفعني للسؤال عن الانتخابات أولا أم الدستور؟
**من وجهة نظري الدستور أولا ولكن حيث إننا في مأزق حقيقي وهناك من يشير إلي أن الدستور أولا يعني الالتفاف حول الإرادة الشعبية التي أكدها الاستفتاء الأخير والمخرج من وجهة نظري يكمن في اتفاق عام بين كافة القوي السياسية حول المواد فوق الدستورية.
مؤمنون وكفار!
*ألا تري أن الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في مارس الماضي بمثابة بروفة للانتخابات البرلمانية المقبلة بحسب تحليل الخبراء والسياسيين؟
**الانتخابات البرلمانية تختلف من حيث طبيعتها وطبيعة الناخبين وطبيعة المرشحين عن الاستفتاءات العامة ولكن من الوارد أن تستخدم تستخدم قوي الإسلام السياسي وبالتحديد الإخوان والسلفيين وجمهورها ذات الأساليب التي اتبعوها في الاستفتاءات الدستورية عبر تقسيم قوائم المرشحين للبرلمان إلي مؤمنين وكفار إلي دولة إسلامية ودولة فسق وفجور ثم يقومون بتجيش المواطنين علي هذه الأسس فتحدث حوادث عنفا طائفية تؤدي لحسم الانتخابات لصالحهم فهم يعتقدون أن الفرصة الوحيدة المتاحة بإقامة دستور يدعم أفكارهم الخاصة بالدولة الإسلامية.
لا مخاوف….
*هل تري مخاوف من تصدر الحركة الإسلامية للمشهد السياسي الحالي؟
**اعتقد أن تصدرهم للمشهد السياسي لا توجد منه مخاوف في حالة صناعة عقد اجتماعي يتضمن بنودا متفق عليها قبل الانتخابات وتضمنه القوات المسلحة ويضمن العقد مبادئ الدولة المدنية التي تؤمن بالديموقراطية كمنهج للحكم والليبرالية كمنهج للحياة والديموقراطية بمفهومها من الفصل بين السلطات وتبادل السلطة عبر الانتخابات والليبرالية تعني حرية الرأي والتعبير وتكوين الأحزاب والصحف وهذه الحرية تكفل حريات باقي الطوائف في التعبير عن نفسها بحرية وبهذا نكون أمام دولة مدنية حقيقية يوضح الدين فيها في موضعه الصحيح.
عبر الانتخابات…
*وما الذي يغضبك إذا ما جاءت الأغلبية الساحة للتيار الديني عبر صناديق الامتحانات؟
**الانتخابات أتت بالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ودفع المجتمع الدولي الثمن غاليا فنتيجة هذا الاختيار كانت الحرب العالمية التي دامت لأكثر من 6سنوات وقتل بها أكثر من 20مليون مواطن وأطلق خلالها أول قنبلة ذرية في التاريخ علي هيروشيما ولكني كما قلت نحن لسنا ضد صندوق الانتخابات ولكن مع التوصل إلي عقد اجتماعي توافقي قبل الذهاب إلي الانتخابات حتي نضمن من خلاله أن يستمر تداول السلطة بشكل سلمي وعبر صناديق الانتخابات في إطار من الحرية السياسية والتعددية الحزبية.
ليسوا قوة كبيرة
*ألا توجد إحصائيات تحدد الحجم الحقيقي للإخوان؟
**يوجد 750 ألف إخواني عامل يحيط بكل فرد منهم علي الأقل ثلاث شخصيات ما بين متعاطف ومحب ومنتسب وبهذا تكون أمام ما لايقل عن2.4مليون شخص, إذا كنا بصدد 45 مليون انتخابي منهم علي الأقل 8مليون من الأقباط إضافة إلي جمهور الليبرالية والعلمانية واليسارية والقوي الطبيعية في القري والمناطق الريفية ذات الطبيعة القبلية فهم لا يمثلون قوي انتخابية كبيرة.
حركة سلفية
*هل ثمة اهتمام من قبل الإخوان بالسلفيين خشية تأثيرهم الديني؟
**الإخوان في الأصل حركة سلفية هي جمعية اجتماعية, هيئة رياضية وشركة اقتصادية أول تعريف لها هي جماعة سلفية فكر سلفي وبالتالي 30% من الإخوان سلفيين وفي النهاية أي فكر متشدد دائما ينتصر ففي كل الحركات الدينية والأيدلوجية ينتصر الصوت المتشدد ففي أوربا تنتصر الفاشية والنازية وبالتالي هناك اهتمام إخواني بالسلفيين باعتبارهم منهم.
شعار بامتياز
*حزب الحرية والعدالة تخلي عن شعاره الإسلام هو الحل وحل محله الحرية هي الحل والعدالة هي التطبيق في حين أن الجماعة دافعت عنه كثيرا ألا يعني هذا خروج الحزب من عباءة الدين؟
**عايز يقول إن الحزب مختلف ويخوض مرحلة جديد, وبالتالي هذا الشعار يغازل العلمانيين والليبراليين وبحل طوائف المجتمع ولكن يظل شعار الإسلام هو الحل هو شعار الجماعة بامتياز.
تحلية الطبخة
*وهل الحزب يسمح بأعضاء من المسيحيين والسلفيين كمخرب يضم كل التيارات؟
**دخول المسيحيين حزب الإخوان المسلمين لتحلية الطبخة لكي يتوافق مع القانون المصري.
التغيير ممكن
*وهل تم وضع برنامج يتوافق مع هذه شعار الحزب الجديد؟
**تم وضع برنامج متوافق مع الرؤية الجديدة لثورة 25يناير وفي النهاية القرار ليس للحزب ولكنه للجماعة فضلا عن أن البرنامج ممكن في أي لحظة يتم تغييره وجعله برنامج إسلامي في أي مؤتمر قادم للحزب والتوقيت متروك لقيادات الجماعة.
ما قاله البنا
*ألا تري أن خطاب الإخوان اختلف بعد ثورة 25يناير؟
**خطابهم اختلف من أيام عبد الناصر عن الملك فاروق وفي عهد السادات عن مبارك والآن بالطبع هم يختلفون في خطابهم المعلن عن عهد مبارك ولكن الذي يخططون له أو يضعون استراتيجية علي أساسه واحد لم يتغير منذ عام 1928 فهم يؤمنون بكل مقوله قالها مؤسس الجماعة الراحل حسن البنا وأتحدي أن ينكروا علي البنا أي فكرة قالها في مقال أو كتاب أو رسالة وأن كل آراء البنا ترفض الديموقراطية والعمل الحزبي وحرية الرأي وحرية التعبير وتضع المرأة والأقباط فيما يعتقد لا ورؤية لهم علي المسلم أو الرجل وأن خطاب يخالف تعاليم البنا تلك التي…ثبتها سيد قطب في سيتينات القرن الماضي هي من قبيل الخطابات الإعلامية لإيهام القوي السياسية بوجود خطاب أو امتلاك الإخواب لخطاب ديموقراطي وأتحدث أن يعلن أخوانا واحد بداية من المرشد وحتي أصغر إخواني أن يرفض أو يطالب بتعديل كلمة واحدة من كلام حسن البنا وهذا الفيصل بيننا وبينهم.
مطبات
*ألا تري أن الظهور الإعلامي المتكرر سيظهر أفكارهم الحقيقية أمام الرأي العام؟
**الظهور الإعلامي أدي ليس فقط لظهور أفكارهم الحقيقية ولكن أوقعهم في مطبات سياسية كبيرة فأنا كنت اعتقد في فترة من الفترات أنني وقلة في مواجهة الإخوان في مصر ولكن اليوم كثيرين يواجهون الإخوان بعدما اكتشفوا خطورتهم علي مستقبل الوطن.