تنساق المشاعر وراء العاطفة يغيب العقل عن التفكير لتجلب المتاعب علي من يقع أسيرا للانخراط في علاقة تجرفه لنفق مظلم لا يعرف مداها سوي أنه ارتضي وبمحض إرادته اختيار ذلك الطريق دون أن يضع أحد في حسبانه ليلقي بمصيره كما قدر له. ولكن ما نعايشه اليوم بعد أحداث إمبابة لاختفاء فتاة من قبلها واقعة قرية صول بأطفيح نتيجة علاقة ربطت بين شاب مسيحي بمسلمة وانعكس مشهد الانفلات العاطفي علي مجتمعنا بشكل غير مسبوق, ويدفع المجتمع كله الثمن ليدق ناقوس الخطر في وجه من يتعامل بسلبية مع أبنائنا ليترك هامش الفراغ العاطفي هو الأداة والمحرك الرئيسي للشخصية في أيدي من يتلاعب بها دون حمايتهم.
بين الحين والآخر تظهر بعض الاحتقانات الطائفية المختلفة في شدتها وتكون الشرارة الأولي هي قصة حب بين شاب وشابة أحدهما مسلم والأخري مسيحي, تري من المسئول عن حدوث ذلك الانفلات, وكيف يتم حماية أبنائنا حي لا يضرون بأنفسهم وبمجتمعهم؟
علاقات شخصية تحولت لانتقام مجتمعي
يقول د. نصيف فهمي – أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان – إن مسألة الانفلات العاطفي ظاهرة قديمة دامت لسنوات لأننا دفنا رؤوسنا في الرمال دون الحديث عنها, لكونها لم تخرج عن عباءة محاسبة أفراد مخطئين وها هي تعود لتطرح نفسها علي الساحة في صورة جديدة لتطلق الشرارة الأولي لتهديد أمن وسلامة مجتمع بأكمله حينما يدفع أهالي منطقة بأكملها ضريبة علاقة شاب بفتاة لتشتعل نارالفتنة, وكان من المفترض ألا تتطور الأحداث بهذه الصورة وألا يمس أمن المجتمع وأن يكتفي بمحاسبة المخطئين بالقانون من منطلق أنه لا أحد فوق القانون باعتبارها علاقات شخصية, ما كان يجب أن يتحول إلي عدوانية جماعية غير مقبولة لتأتي بانتهاج سلوكيات مندفعة يجني أفراد المجتمع مسلمين ومسيحيين علي حد سواء الكثير من المشاكل والمتاعب وهم ليسوا طرف في المشكلة.
الفصل بين الجنسين
يرجع د. كمال مغيث – الخبير التربوي بمركز البحوث التربوية – الدوافع الحقيقة وراء حدوث الانفلات العاطفي لدي أبنائنا إلي غياب دور الأسرة بدءا من أساليب التربية الخاطئة في التعامل مع أطفالهم في مراحل مبكرة حيث التسلط والتشدد والتعامل معهم من باب التخويف والترهيب لندفعهم بأيدينا لارتكاب أفعال في الخفاء في ظل وجود حواجز وقنوات عازلة بين الآباء لا يستطيع أي منهما اختراقها لتفتقد روح المعايشة الحقيقية معناها.
يضيف د. مغيث أن للمدرسة يدا في الدفع بأبنائنا وراء ذلك الانفلات بتعاملها مع جنس بعينه دون التطرف للحديث عن الآخر وكأنه من المحرمات رغم كونه سيصبح طبيعيا إذا ما تمت مناقشة حرة مسئولة بين الطلبة وأساتذتهم عن الثقافة الجنسية إلي جانب ما تقدمه وسائل الإعلام لأبنائنا ليقعوا فريسة لإثارة الغرائز في ظل غياب الوعي والثقافة.
هروب الفتيات.. وسقوط الأبناء
يحدثنا د. غريب عبدالسميع – أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان – عن الحل لضبط العاطفة لدي أبنائنا في إعادة صياغة الأسرة لشكل العلاقة بين أفرادها بصورة تعرف معني المعايشة الحقيقة مع توعية الأبناء بأن الأمور العاطفية أمر طبيعي وليس عيبا طالما لا يضر بالنفس أو بالآخر ولكن في مراحل لاحقة في إطار يحكمه العقل والضمير حتي لا تصبح مشاعرا منجرفة تقوده لممارسات شهوانية ليأتي بعد ذلك دور المدرسة والمؤسسات الدينية وسائل الإعلام في التسامي بالعاطفة وتهذيب المشاعر وضبطها وليس كبتها لتنأي بمجتمعنا عن انتشار مرض قد يسبب الكثير من المشاكل فكفي ما حدث بإمبابة وبأطفيح وعلينا أن ننظر لما هو مقبل.