بس يا بنت كدة لاوبعدين إياك أشوفك بتعملي كده تانيأنت يا….ما اسمعش صوتك تاني.
لم يوقف صوت هذه الأم المرتفع والحاد سوي نظرات الخوف في عين طفلتها والصمت الذي يكسوه الفزع….ففكرت لبرهة وقالت: ماذا أفعل بطفلتي؟ولماذا تفزع جدا من انفعالي عليها؟احتارت هذه الأم,وازدادت حيرتها عندما رأت أحد أقاربها ينفعل بحدة علي طفلتها التي هرعت لتجلس جوار أحد أفراد العائلة لتحمتي من ثورة الغضب التي شنت عليها ووجهها يكسوه اللون الأصفر الشاحب.
صعقت الأم من كمية الفزع التي خيمت علي طفلتها وتسألت هل أنا السبب في رعب طفلتي من الصوت المرتفع؟,وهل تأثرت شخصيتها من كثرة انفعالاتي عليها؟.
للوقوف علي ما طبعته هذه الانفعالات في شخصية الطفلة,وأسباب لجوء الأم لهذه الوسيلة في التعامل,تحدثنا إلي الدكتور ماهر الضبع أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية الذي أوضح أن صعوبات الحياة والرغبة في تسديد كافة الاحتياجات ومقارنة الأوضاع المادية والاجتماعية بالآخرين.كل هذا جعل الفرد محبطا ومتوترا,يزداد هذا التوتر علي الأم نظرا لزيادة الضغوط عليها.فينعكس علي أطفالها وطريقة تعاملها معهم فتلجأ إلي استخدام الصوت المرتفع في توجيه الطفل,وتزداد انفعالاتها عليه إذا ارتكب خطأ ما.بل وتري الأم أن طفلها لا يفعل السلوك الصحيح إلا إذا انفعلت. لذا فهي دائمة الانفعال…وهذا خطأ فادح في التربية تسببت فيه الأم…فكان الأجدر بها أن توجه طفلها بالثواب والعقاب.ليعرف الطفل من البداية أنه إن لم يستجب لتوجيهات أمه سيعاقب-بهدوء-لكنها هنا استبدلت العقاب الهادئ بالانفعال والصوت المرتفع.
هذا وتعتبر التوجيهات والنصائح مهمة جدا وهي تزرع الضمير لدي الطفل وتصنع قناعات أسلوب الحياة.فلا يجب أن تتوقف الأم عن النصح لكن دون تحقير أو انتهار بل بحكمة ومرونة لتكتسب الأم تدريجيا مهارة النصح في الوقت المناسبة والموضوع الذي يستدعي للنصح.
أما بالنسبة لتأثير الانفعالات الزائدة والصوت الحاد علي الطفل فهي كثيرة, منها انتقال توتر الأم إلي طفلها وإحساسه بالرفض والذنب,فهو طوال الوقت مقصر تجاه تعليمات أمه ولا يحقق توقعاتها,وأنه إذا كان في حال وتصرف أفضل ستبقي أمه هادئة فهو السبب في انفعالاتها المستمرة.كذلك سيفقد الشعور بالأمان والثقة في النفس وسيشعر باستمرار أنه مهزوز وضعيف ويلجأ للبكاء كثيرا إذا واجهته أية مشكلة,ويمكن أن ينهار,ومن ناحية أخري سيلجأ الطفل إلي الثورة والانفعال والصوت المرتفع في تعاملاته مع الآخرين.إذا لم يحققوا توقعاته ورغباته.فهذا ما اكتسبه من قدوته الأولي في الحياةأمه.
ينصح الدكتور ماهر الضبع هذه الأم وغيرها ممن يتبعن هذا السلوك الهدام للطفل بضرورة السيطرة علي انفعالاتهن,فهن قادرات علي ذلك بالتدريب,فإذا وجدت أنها بدأت تنفعل إذا حدث خطأ من الطفل فعليها أن تنسحب فورا وتهدئ من نفسها لفترة قصيرة,ثم تعود لتعالج الموقف بهدوء.فالانسحاب من الموقف المتفجر لفترة قصيرة مهارة تحتم علي الأم التي تريد أطفالا أسوياء لا يعانوا من أية مشاكل نفسية,مهارة يمكن بالفعل اكتسابها.