600 مليون جنيه دعما عاجلا من الدولة
يؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين المعنيين بقطاع الصناعة أن تدخل الحكومة السريع والحاسم أنقذ صناعة الغزل والنسيج في مصر من خطر الإفلاس والإغلاق بسبب ارتفاع أسعار الغزول عالميا وتأثيرها سلبيا علي صناعة الغزل والنسيج محليا.
وقررت الحكومة إعفاء كميات الغزول المستوردة من الضرائب, إلي جانب قرار صندوق تنمية الصادرات بحماية المنتجين والمصدرين بمساندتهم بنحو 600 مليون جنيه, وهو ما سينعكس بالإيجاب علي صناعة الغزل والنسيج خلال الفترة المقبلة وعلي أسهم شركاتها المدرجة في البورصة.
وتشير التقديرات إلي احتمال أن يشهد قطاع الغزل والنسيج تحركات انتقائية خاصة في ضوء تحسن مؤشرات نتائج الأعمال وإعلان عدد من شركاته عن خطط توسعية جديدة تشتمل علي إضافة أنشطة جديدة وبيع أصول غير مستغلة وتطوير الطاقات الحالية. ويدعم ذلك التفاؤل والتوقعات التي كشفتها وزارة الاستثمار بتراجع خسائر قطاع الغزل والنسيج بنحو 1.4 مليار جنيه بنهاية العام المالي الحالي بعد سداد مديونيات الشركات التابعة, في الوقت الذي تعد فيه الشركة القابضة للغزل والنسيج دراسة لإعادة هيكلة القطاع.
يقول حمادة القليوبي الرئيس السابق لغرفة الصناعات النسيجية ورئيس جمعية مستثمري المحلة: إن الارتفاع الجنوني في أسعار الغزول عالميا ليست له أي أسانيد من المنطق إذ تشير كل التقارير الدولية بأن الإنتاج العالمي من الأقطان لم يشهد انخفاضا حتي يكون ذلك مبررا لارتفاع الأسعار بل علي العكس فإن الإنتاج العالمي زاد هذا العام بنسبة 25% مقارنة بالعام السابق بالرغم من أن دولا منتجة للقطن انخفض إنتاجها لأسباب طبيعية مثل باكستان بنسبة 15%, والبرازيل 14%, والهند 15%, إلا أن الإنتاج العالمي ككل حافظ علي مستواه.
وفيما يتعلق بمصر. أوضح القليوبي أن مصر تنتج تقريبا 2.5 مليون قنطار وتستورد مليوني قنطار, وتصدر من إنتاجها 1.5 مليون قنطار مما تسبب في حدوث نقص شديد في احتياجات السوق المحلية من الأقطان المتوسطة وقصيرة التيلة وهي التي يعتمد عليها معظم إنتاج مصر حيث لا تستهلك من الأقطان طويلة التيلة سوي 750 ألف قنطار, خاصة إذا علمنا أن المصانع والشركات العاملة في هذا القطاع مهيأة للتعامل مع الأقطان المتوسطة وقصيرة التيلة.
ويؤكد يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس والمنسوجات علي أن قرار صندوق تنمية الصادرات بمساندة المنتجين والمصدرين في مواجهة ارتفاع أسعار الغزول العالمية سيحقق آثارا إيجابية لشركات الغزل, كما يتوقع أن يبدأ قطاع الغزل والنسيج ما سماه العصر الذهبي خلال الفترة المقبلة, معتبرا أن الأزمة التي مر بها القطاع تزامنا مع الأزمة المالية العالمية بدأت في الزوال بتدخل الدولة السريع.
ويضيف أن شركات القطاع التي عانت بقوة خلال النصف الأول من العام المالي الماضي سعت بقوة لكبح جماح مصروفاتها تزامنا مع تراجع الإيرادات إلا أن الأوقات العصيبة انتهت مع مطلع النصف الثاني من العام المالي الماضي وتمكنت معظم الشركات من تقليص الخسائر التي لحقت بها في النصف الأول. كما أن شركات الغزل والنسيج بدأت العام المالي الحالي بأرقام تاريخية من المتوقع لها الاستمرار في المستقبل القريب.
ومن جانبه يقول محمد المرشدي الرئيس الحالي لغرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية إن تدخل الدولة أنقذ صناعة الغزل والنسيج من خطر التوقف نتيجة ضعف المخزون من الأقطان في الشركات العامة حيث إن هذا المخزون لم يكن قادرا علي سد احتياجات المصانع إلا لمدة شهر واحد فقط لا غير. وأضاف المرشدي أنه لا يكن أن نغفل الاستجابة السريعة للتعامل مع الأزمة حيث تقرر صرف مبلغ 250 مليون جنيه بصورة عاجلة في شكل مستحقات للمغازل التي تستخدم أقطانا محلية خاصة أن وقف تصدير القطن طويل التيلة لن يحل الأزمة, فالدولة تعاملت بعدالة ومساواة مع كافة المصانع سواء التي تعتمد علي القطن طويل أو متوسط التيلة, أو قصير التيلة, وأكد علي أن الأزمة التي تعرضت لها الصناعة المحلية مقبلة من الخارج ولم نكن نعمل حسابا لأي ارتفاعات في الأسعار, وطالب المرشدي وزارة الزراعة بوضع السياسات الزراعية, وتساءل: لماذا لا نزرع أقطانا متوسطة وقصيرة التيلة حتي لا نقع مرة أخري تحت رحمة الأسواق العالمية علما بأننا نستورد ما نسبته 97% من احتياجات المصانع من الأقطان المتوسطة وقصيرة التيلة. بينما لا يمثل القطن طويل التيلة سوي 3% من احتياجات الأسواق العالمية.
ويوضح محسن الجيلاني رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج أن تدخل الدولة يؤكد الوعي الكبير لدي الحكومة بأهمية هذه الصناعة ودورها في دعم الاقتصاد الوطني من جهة إلي جانب دورها في توفير فرص عمل عديدة لآلاف الشباب خاصة إنها صناعة كثيفة العمالة لاحتياجها لعمالة كثيرة العدد.
وتحدث الجيلاني عن استثمارات صناعة الغزل والنسيج بشقيها العام والخاص وقال إنها تجاوزت 50 مليار جنيه, وتضم 25% من العمالة.
ويري محمد راجي – الرئيس التنفيذي لصندوق تنمية الصادرات أن التكلفة التقديرية التي أقرتها الدولة لمساندة المنتجين والمصدرين في مواجهة ارتفاع أسعار الغزول عالميا تقدر بنحو 600 مليون جنيه, مشيرا إلي أن تكلفة الدعم المخصص للغزول المحلية تمثلت في صرف جميع المتأخرات خاصة بالبرمج السابق إقراره لمصانع الغزول المحلية حتي مبيعات يونية 2011, بالإضافة إلي مدة 8 شهور من مبيعات نوفمبر 2010 تقدر بحوالي 300 مليون جنيه والتي تغطي 50% من الدعم الإضافي للبرامج الثلاثة للغزل والنسيج والملابس والمفروشات. ووفقا لما قرره الصندوق يحصل مصدرو القطاعات الثلاثة علي 15% للمناطق الداخلية و13.5 للمناطق الحرة حتي نهاية مارس المقبل.