المدارس الفنية البحرية..إحدي المدارس غير التقليدية التي تحتاجها بعض المدن والسواحل المصرية للوفاء باحتياجاتها ولذلك ظهرت فكرة إنشاء أول مدرسة صناعية ذات صبغة بحرية بمدينة الإسكندرية عام 1961 ثم توالت عمليات الإنشاء داخل المحافظات الساحلية كالسويس وبورسعيد ودمياط والعريش والبحر الأحمر وأخيرا مدرستي النقل النهري بالقاهرة وأسوان التي يجري الاستعداد لتخريج أول دفعاتها العام الدراسي المقبل.
ويبقي السؤال:هل تقوم المدارس الفنية بدورها علي الوجه الأكمل؟!وهل بالفعل توفر المناخ الملائم لتلبية رغبات الطلاب وميولهم نحو التخصصات المناسبة لهم ولمستقبلهم؟!
لمعرفة الحقيقة من واقع تجربة المدارس البحرية كان هذا التحقيق…
يقول وجدي مكين وكيل المدرسة البحرية بالإسكندرية إن نظام الدراسة بالمدارس البحرية يكون علي ثلاث أو خمس سنوات يدرس خلالها الطالب تخصصات مختلفة ويتم التدريب عليها بورش خاصة وذلك لاتقان المهن المرتبطة بالمجال البحري بطريقة عملية حتي لايتخرج الطالب ويجد نفسه أمام فجوة بين الواقع المعاش في الحياة العملية وبين ما تم دراسته داخل المدرسة من الناحية النظرية فقط,لذا يوجد لدينا أقسام المحركات البحرية وبناء السفن وقسم المصايد والملاحة والفنون البحرية,وتبين من أسماء تلك الأقسام اهتمامها بكيفية تكوين العائمة البحرية وصناعتها إلي أن تصبح عائمة صالحة للإبحار مع مراعاة الاهتمام بمعرفة الأعطال وسبل علاجها,وهذا مايتم وفق منهج معد من قبل ذوي الخبرة في أعمال بناء وتشييد السفن ويتم تنفيذ نماذج مصغرة لخطورات العمل داخل الورش سواء كانت خشبية أو حديدية.
أيضا طلبة قسم المصايد والملاحة يدرسون أعمال الصيد وكيفية عمل شباك مع معرفة الأرصاد علما بأن المدرس الذي يقوم بعملية تدريس المناهج نظريا يكون حاصلا علي بكالوريوس في العلوم الهندسية أو التعليم الصناعي إلي جانب حصوله علي بعض الدورات التدريبية في الأكاديمية البحرية أو هيئة موانيء البحر الأحمر,أما مدرس التدريبات المهنية فيكون حاصلا علي بعض الدورات التدريبية ويقوم بتطبيق المنهج النظري علي المعدات والماكينات بورش المدرسة والمجهزة حسب كل تخصص,وتصل حصص الدراسة بهذه الورشة إلي عشرين حصة أسبوعيا والباقي ما بين مواد تخصصية ثقافية نظرية.
ويشير خلف مكي-مدير إدارة مدرسة السويس الصناعية البحرية إلي أن هناك إقبالا شديدا من الطلبة علي المدارس البحرية والتخصصات المختلفة بها رغم اشتراط حصول الطالب علي درجات مرتفعة في الشهادة الإعدادية وذلك لرغبة الطالب بعد التخرج الالتحاق بالأكاديمية البحرية أو معهد القوات المسلحة ليصبح ضابطا فنيا,فضلا عن الكليات والمعاهد الفنية المتاحة من خلال مكتب التنسيق,وإذا اكتفي الطالب بتخرجه في المدرسة البحرية يكون من حقه استخراج جواز سفر بحري يؤهله العمل علي المراكب والسفن,كما يتيح للخريج فرصة العمل بهيئة قناة السويس والترسانة البحرية والتوكيلات الملاحية.
الرأي الآخر
يذكر إبراهيم إسماعيل -مدرس محركات بحرية أن مايعوق العملية التعليمية داخل تلك المدارس الفنية ككل وليست البحرية منها فقط هو وجود ماكينات قديمة داخل الورش لم يتم تحديثها منذ إنشاء المدرسة تقريبا, وبالتالي يتم تدريب الطالب علي شيء ثم يجد شيئا آخر داخل سوق العمل.أيضا هناك مشكلة أخري في حالة إيجاد الماكينة الحديثة وهي قلة خبرة المدرب بتقنياتها العالمية مما يخشي من استعمالها وحدوث إتلاف بها أثناء عملية التدريب فيتم مجازاته وخصم قيمة التلف من راتبه المحدود,الأمر الذي يدفعه إلي الاكتفاء بتلقين الطلاب بصورة نظرية دون التطرق إلي كيفية التشغيل وغيرها من المهام العملية.
ويضيف شاذلي نصير-مدرس مصايد بأنه لم يتم تنظيم رحلات تدريبية للطلاب إلي أماكن تصنيع السفن أو ورش الصيانة أو إصلاح المحركات البحرية للوقوف علي ماتوصل إليه العلم في هذا المجال والأنواع الحديثة من تلك المحركات بدلا من ماهو موجود داخل الأقسام.إضافة إلي زيارة الشركات العاملة بمجال الملاحة والتوكيلات الملاحية وأماكن الأبحاث الخاصة بمجال الفن البحري وصناعة الصيد مثل معهد علوم البحار لزيادة معرفة طلاب قسم المصايد.
ويؤكد محمد فايز-مدرس بناء سفن ماسبق ,مشيرا إلي ضرورة الاهتمام بتنظيم دورات ورحلات تدريبية للمدرسين أنفسهم لإفادة الطلبة في تحصيلهم الدراسي,والتي بدأ في تنفيذها مدرسة السويس البحرية بهيئة موانيء البحر الأحمر بدعوة من اللواء سيف جلال محافظ السويس.
أيضا ضرورة مراعاة عدم تحميل المدرس صاحب العهدة أعباء تحمل مسئولية تلف الماكينة أو جزء منها والوضع في الاعتبار أنها مع مرور الوقت لابد وأن تستهلك حتي لاينظر لها المدرب وكأنها قطع فنية نادرة يحظر لمسها أو التعامل معها.
نأمل في تلافي كافة المشاكل السابق ذكرها لتكوين رؤية مستقبلية يمكن من خلالها النهوض بالتعليم الفني ككل لتخريج دفعات مؤهلة ومدربة يشقون طريقهم إلي سوق العمل وليس تخريج أعداد جديدة تنضم إلي طابور البطالة.