صدق أو لا تصدق النواب والشيوخ الأمريكيون سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري يدافعون عن جماعة الإخوان المسلمين بضراوة مثل جون كيري ونائب الرئيس الأمريكي جون بايدن, والمرشح الجمهوري السابق لرئاسة الجمهورية جون ماكين ويصفون الجماعة بالديمقراطية, ويؤكدون علي أن لديهم ضمانات بأن الجماعة لن تتحالف مع إرهابيين حاليين أو سابقين (المقصود: القاعدة, الحركة السلفية, الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد) ويهاجمون المحافظون الجدد ويدحضون أي اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب, ويرون في ذلك افتراءات علي الجماعة ويشيرون إلي أن الجماعة تنهج النهج السلمي والديمقراطي منذ 20 عاما!
يحدث ذلك التحالف الجمهوري الديمقراطي لأول مرة في الدفاع عن منظمة أو دولة بخلاف إسرائيل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية .1945
ويربط بعض المراقبين بين ذلك الدفاع الأمريكي عن جماعة الإخوان, وعن محاولات التمايز التي تبديها جماعة الإخوان لإظهار عدم تحالفها مع الحركة السلفية والجماعة الإسلامية والجهاد مثلما حدث يوم الجمعة 29 يوليو حينما أقامت الجماعة قداسا علي منصتها المنفصلة عن المنصات الأخري في الوقت الذي كانت تهتف فيه الجماعات الأخري ##يا أوباما يا أوباما .. نحن كلنا أسامة## (المقصود أسامة بن لادن) ولم يتفقوا مع باقي الجماعات سوي في تأييد المجلس العسكري ورفض المبادئ فوق الدستورية, وانسحبوا من الميدان في وقت مبكر عن تلك الجماعات. وصرح نائب رئيس حزب الحرية والعدالة د. عصام العريان بأنه يرفض أن تفرض الأغلبية الإسلامية رؤيتها علي الأقلية المدنية. مما يؤكد ما ادعاه النواب والشيوخ الأمريكيون من وجود ضمانات لديهم تؤكد علي عدم تحالف الجماعة مع التيارات السلفية والجهادية الأخري, ورغم أن المراقبين الدوليين يخشون اندلاع صراعات أهلية- أهلية في مصر إلا أن المجلس العسكري يميل للتهدئة.
لماذا أسرع المجلس بالمحاكمة ؟؟
لذلك جاء إسراع المجلس العسكري بمحاكمة الرئيس السابق مبارك للخروج من مأزق الاحتقان الشعبي الخاص بالتلكؤ في محاكمة قتلة الشهداء وللتغطية علي ##موقعة العباسية## سيئة السمعة, ولاستعادة المجلس العسكري لشعبيته التي تراجعت في الأيام الأخيرة قبل محاكمة الرئيس السابق مبارك, وكذلك إسراع مجلس الوزراء بإصدار بيان في 11 أغسطس, ندد فيه برفع أعلام غير مصرية بالتحرير (يقصد أعلام السعودية التي رفعها السلفيون الجمعة 29 يوليو), كما أكد مجلس الوزراء علي ضرورة إلغاء قانون الطوارئ قبل الانتخابات البرلمانية, والعمل من أجل إعلان دستوري توافقي.
وأكدت مصادر صحفية غربية تابعت الأحداث عن قرب وعن كثب أن التطورات الصدامية التي شهدتها القاهرة والإسكندرية والسويس 23,22 يوليو وسيناء يوم 29, 30 يوليو الماضي وحاولات إعلان إمارة إسلامية في سيناء, ليست بعيدة عن الضغوط التي تمارس علي مصر عربيا ودوليا.. من قبل اليمين الصهيوني, والمحافظين الجمهوريين الأمريكيين, وبعض الأمراء من حكام السعودية والخليج, وربطت المصادر بين الأموال التي تتدفق سواء علي المعارضة الدينية السلفية والجهادية من السعودية والخليج والتي تقدر بمليارات الدولارات, وأشارت تلك المصادر إلي أن بعض القادة السعوديين يمارسون ضغوطا قوية علي المجلس العسكري والإدارة المصرية من أجل العفو عن الرئيس السابق مبارك بعد محاكمة سريعة وعادلة, وتضغط بعض الأوساط الخليجية من أجل علاج الرئيس السابق مبارك بالخارج.
انتهاء شهر العسل بين المجلس والإسلاميين
واستطردت تلك المصادر الصحفية الغربية مؤكدة علي أن القادة الأمريكيين المحافظين يضغطون علي المجلس العسكري والإدارة المصرية من أجل سرية محاكمة الرئيس السابق, وعزل جماعة الإخوان المسلمين عن البناء الديمقراطي والتضييق علي بعض التيارات اليسارية والشيوعية التي يروها أنها معادية للولايات المتحدة الأمريكية عبر عدم تمكينها من إعلان أحزابها المستقلة, وردا علي ذلك قرر مجلس الوزراء تخفيض عدد المؤسسين للأحزاب من خمسة آلاف إلي 1000 عضو ومن المعروف أن الذي سيستفيد من ذلك هي الأحزاب اليسارية, كما أن سعي مجلس الوزراء لإعلان دستوري جديد, يري في ذلك بعض المراقبين أنه قد ينهي شهرر العسل بين المجلس العسكري والإسلاميين الذين يلوحون ويهددون المجلس العسكري بالثبور وعظائم الأمور.
والغريب أن يشهد نفس اليوم 22يوليو صراعا في لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي بين المحافظين والديمقراطيين حول اقتراح بخفض المعونة المقدمة لمصر ورغم أن اللجنة رفضت الاقتراح المقدم بأغلبية 39 صوتا مقابل 5 أصوات إلا أن الجدل الذي دار في اللجنة يستحق أن نلفت النظر إليه حيث برز تيار قوي من اليمين المتطرف في مجلس النواب الأمريكي متمثلا في ##حزب الشاي## الذي يبني شعبيته علي خفض المساعدات الخارجية ويرتبط بعلاقة قوية مع اليمين الديني الإسرائيلي ويتزعم هذا التيار النائب (الويست) المعروف بعلاقته بإسرائيل والمعارض أيضا لصفقة بيع أسلحة لمصر (125 دبابة من طراز إبراهمز والتي تؤكد جميع المصادر علي أن مصر سوف تحصل علي هذه الصفقة) وتتركز آراء المحافظين في الآتي:
1-تباطؤ القاهرة في تنفيذ الاتفاقات الأمنية مع إسرائيل وإغلاق الأنفاق التي يدعون أنه يتم منها تهريب السلاح لحماس, ومن متابعة الجدل الذي دار باللجنة يتبين أن تقارير قدمت من ##الإيباك## إلي اللجنة إضافة لرسالة من رئيس الوزارء الإسرائيلي نتنياهو حول ما أسموه بدعم مصر لاتفاق حماس وفتح الذين يصفونه بأنه معاد لإسرائيل والسلام !! كذلك حذرت إسرائيل مصر مبكرا من أن ليونة موقفها من الأنفاق سوف يؤدي إلي مشكلات كبيرة في سيناء!
2- معارضة منح الحكومة المصرية التيار الديني خاصة جماعة الإخوان المسلمين مشروعية العمل السياسي.
المثير للدهشة أن يتصدي للدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين قاده جمهوريون وديمقراطيون مثل جون ماكين المرشح السابق للرئاسة, والديمقراطي جون كيري ونائب الرئيس الأمريكي جون بايدن رئيس مجلس الشيوخ بحكم الدستور الأمريكي, والأكثر إدهاشا إلا يتوقف الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين علي هؤلاء القادة بل نجد النائب الديمقراطي المعروف هوارد بيرمن يقف عدة مرات لتصحيح معلومات مقدمي الاقتراحات المعادية للإخوان المسلمين وينفي عنهم وصفهم بـ(تيار العنف) وقال النائب الديمقراطي في معرض دفاعه:## جماعة الإخوان المسلمين ليس لها علاقة بالعنف منذ 25 سنة.. وانه لم يثبت ضلوعها في عمليات إرهابية## كما حذر نواب ديمقراطيين كبار مثل ##جاري إكرمان## من العداء للإخوان المسلمين لأن ذلك سوف ينعكس في صورة عداء للولايات المتحدة الأمريكية, ويزيد من التعاطف مع الارهابيين, وأضاف أن جماعة الإخوان المسلمين لم تنبذ العنف فحسب بل نبذت القادة الإسلاميين الذين استخدموا العنف سابقا, وأعتقد أن لدينا معلومات وضمانات بذلك !!
وهكذا فنحن أمام ضغوط أمريكية مزدوجة ومعاكسة: تيار المحافظين يضغط علي المجلس العسكري والحكومة المصرية من أجل عزل الإخوان المسلمين عن البناء الديمقراطي, وتيار من القادة الديمقراطيين الأمريكيين يضغط علي المجلس العسكري في الاتجاة المعاكس من أجل تسكين الإخوان في البناء الديمقراطي.
ضغوط سعودية وخليجية
وأخيرا فإن ضغوطا كبيرة دولية وسعودية وخليجية تمارس علي مصر متضافره معا طابور خامس مصري يضم (الاوليجاريكية المالية المباركية) من أجل فتح ثغرات للوقيعة بين المجلس العسكري والقوي المدنية وقوي الإسلام السياسي من جهة أخري. ناهيك عن المخطط السلفي الخاص بسيناء حيث ترعي إسرائيل التنظيمات الإسلامية المتطرفة عبر عملاء داخلها مثل جيش الإسلام أو الحركات الجهادية التي بايعت القاعدة والتي أكدت مصادر مطلعة أنها دربت ومولت وسلحت العناصر المصرية التي حاولت فرض سيطرتها علي قسم ثاني العريش في أحداث 29, 30 يوليو الماضي, أو الجناح السياسي السلفي الذي بسط سيطرته المسلحة (6آلاف عنصر مسلح) إضافة إلي ممارستهم حق التقاضي فيما يشبه الحكم الذاتي.
ومن جهة أخري تربط بعض المصادر بين زيارة وفدي حماس وفتح للقاهرة هذا الأسبوع والحوار حول دور حماس في تطويق ظاهرة الاختراق الفلسطيني الإسلامي المتطرف لسيناء حيث تؤكد المصادر أن الاستخبارات الحمساوية تضع هذه المنظمات المتطرفة تحت سيطرتها وسبق لها أن قضت علي أطراف منها حينما أعلنت عن إمارة إسلامية في خان يونس العام الماضي, في حين تتهم حماس أطراف من فتح خاصة المسئول الأمني السابق محمد دحلان برعاية تلك التنظيمات المتطرفة, يحدث ذلك في ظل حالة فراغ أمني وسياسي في مصر, وكذلك أكدت المصادر من جهة آخري علي نتائج زيارة عاموس جلعاد رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية لمصر الثلاثاء الماضي بعد أن بحث عدد من القضايا الأمنية التي تخص القاهرة وتل أبيب وأكدت الإذاعة الإسرائيلية أنه بحث مع المسئولين المصريين قضية تأمين الحدود بين البلدين خصوص بعد احداث العريش الأخيرة, وأكدت مصادر دبلوماسية مطلعة في القاهرة أن عاموس جلعاد ربط بين إعادة تصدير الغاز المصري لإسرائيل والمساندة في فتح ثغرة في اتفاقية كامب ديفيد لأعطاء مزيد من التواجد الأمني المسلح في سيناء وبين مساندة مصر لإسرائيل في إتمام صفقة إطلاق صراح الجندي الإسرائيلي شاليط.
وكانت تلك المصادر قد أشارت إلي أن تأتي زيارة جلعاد عقب فشل زيارة الوفد الفلسطيني المكون من ممثلين لفتح وحماس في تدخل مصر لرأب الصدع بينهم, وانكار حماس مساندتها لجيش الإسلام الفلسطيني أو أي منظمات تكفيرية مصرية.