عندما تداعبنا نسمات الربيع نعرف أننا في شهر مارس الجميل الشهر الذي يطلقون عليه شهر المرأة. فمن بدايته إلي نهايته يتميز بالاحتفالات. وكلها احتفالات خاصة بالمرأة. ففي 8 مارس عام 1908 قامت مظاهرات عاملات النسيج بنيويورك من أجل تحسين أوضاعهن المعيشية المتردية, ومساواة أجورهن بأجور الرجال. وكانت أول مطالبة بحقوق المرأة وأول ثورة علي مالها وأول تطلع إلي الثورة علي تدني أجرها. وتحتفل مصر مع العالم بهذا اليوم وتلك الذكري العالمية.
وفي 16 مارس وهو يوم المرأة المصرية يتم الاحتفال الثاني حيث انطلقت مظاهرات ثورة 1919 وشاركت المرأة مع الرجل في هذه المظاهرات لأول مرة منادية بالاستقلال التام وتحرير الوطن. وفي هذه المظاهرات سقطت ثلاث شهيدات من أفضل النساء ضحية من أجل بلادهن وفي هذا اليوم من كل عام تحتفل به مصر وتفتخر به كل النساء في بلدنا فهو يوم مشاركة حقيقية وإيجابية تؤكد فيها المرأة أنها سارت خطوة بخطوة إلي جوار الرجل وضحت مثلما ضحي وارتفع صوتها عاليا.
وفي 16 مارس أيضا منذ عشر سنوات طالب الرئيس حسني مبارك بتأسيس مجلس قومي للمرأة يساند المرأة وينهض بأحوالها ويسعي إلي مساعدتها للحصول علي حقوقها في جميع المجالات بما فيها الحقوق السياسية ورأست هذا المجلس السيدة سوزان مبارك ومعها مجموعة من السيدات الفضليات والرجال المؤمنين بدور المرأة والمساندين لها لتحسين ظروفها ونصرتها. ومازال هذا المجلس يقوم بدوره كاملا علي مدي عشر سنوات. ولجأ إليه كثير من النساء بشكاويهن ومطالبهن, ويتم بحث هذه الشكاوي والنظر فيها والقضاء عليها.
ويأتي الاحتفال الأكبر في 21 مارس وهو الاحتفال بعيد الأم أو عيد الأسرة كما تفضل بعض الجهات باعتباره عيد الأسرة كلها. وإذا كانت التسمية تسعد كل أفراد الأسرة والأب مؤسسها وصاحبها والأم التي نتذكرها ليس في هذا اليوم فقط فهي في قلوبنا دائما وعلي مر الأيام. نتذكر دورها وعطاءها الذي بلا حدود. وتضحياتها بلا من.
وهكذا تبدأ الاحتفالات وتستمر طول شهر مارس -شهر المرأة- محفورة في قلوبنا حتي لا ننسي دور المرأة وجهدها علي مدي سنوات طويلة من أجل حقوقها التي ظلت مهضومة في مجتمع ذكوري لم يكن يؤمن بالمرأة وبعطائها.
والمؤسف والمحزن أننا وبعد كل هذه السنوات الطويلة نري أن أحوال المرأة تتقهقر وأنها تتقدم إلي الخلف. وأن تيارات كثيرة تريد عودة الزمن إلي الوراء وسلب كل حق سعت إليه المرأة وحصلت عليه بكفاح كلفها الكثير واستطاعت أن تشارك في خدمة بلدها وتنمية المجتمع مشاركة نبيلة ومؤثرة. وتمكنت علي تأكيد أن دورها لا يقل عن دور الرجل. ومازالت الطموحات من النساء تتمسكن بما وصلن إليه وتتصدين لجميع المحاولات التي تستهدف النيل من حقوقها التي كفلها الدستور في المساواة في الحقوق والواجبات. وأول بوادر هذه المحاولات رفض تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة!!. ولقاؤنا المقبل عن المرأة.